الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَال ابْنُ قُدَامَةَ: قِيل لأَِبِي عَبْدِ اللَّهِ: فَمَا تَقُول فِي تَشَهُّدِ سُجُودِ السَّهْوِ؟ فَقَال: يَتَوَرَّكُ فِيهِ، هُوَ مِنْ بَقِيَّةِ الصَّلَاةِ، يَعْنِي إِذَا كَانَ مِنَ السُّجُودِ فِي صَلَاةٍ رُبَاعِيَّةٍ لأَِنَّ تَشَهُّدَهَا يُتَوَرَّكُ فِيهِ، وَهَذَا تَابِعٌ لَهُ.
وَقَال الْقَاضِي: يَتَوَرَّكُ فِي كُل تَشَهُّدٍ لِسُجُودِ السَّهْوِ بَعْدَ السَّلَامِ سَوَاءٌ كَانَتِ الصَّلَاةُ رُبَاعِيَّةً أَوْ رَكْعَتَيْنِ، لأَِنَّهُ تَشَهُّدٌ ثَانٍ فِي الصَّلَاةِ وَيَحْتَاجُ إِلَى الْفَرْقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ تَشَهُّدِ صُلْبِ الصَّلَاةِ. وَقَال الأَْثْرَمُ: قُلْتُ لأَِبِي عَبْدِ اللَّهِ: الرَّجُل يَجِيءُ فَيُدْرِكُ مَعَ الإِْمَامِ رَكْعَةً فَيَجْلِسُ فِي الرَّابِعَةِ أَيَتَوَرَّكُ مَعَهُ الرَّجُل الَّذِي جَاءَ فِي هَذِهِ الْجِلْسَةِ؟ فَقَال: إِنْ شَاءَ تَوَرَّكَ، قُلْتُ: فَإِذَا قَامَ يَقْضِي يَجْلِسُ فِي الرَّابِعَةِ هُوَ، فَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَتَوَرَّكَ؟ فَقَال: نَعَمْ يَتَوَرَّكُ، هَذَا لأَِنَّهَا هِيَ الرَّابِعَةُ لَهُ (1) .
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى التَّفْرِيقِ بَيْنَ الرَّجُل وَالْمَرْأَةِ، فَالرَّجُل يُسَنُّ لَهُ الاِفْتِرَاشُ، وَالْمَرْأَةُ يُسَنُّ لَهَا التَّوَرُّكُ، لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ التَّشَهُّدِ الأَْوَّل وَالتَّشَهُّدِ الأَْخِيرِ (2) .
وَيُنْظَرُ التَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحَاتِ (صَلَاة ف80، وَجُلُوس ف13، وَتَوَرُّك ف2) .
(1) المغني لابن قدامة 1 / 541.
(2)
الفتاوى الهندية 1 / 75، وفتح القدير 1 / 272، وحاشية ابن عابدين 1 / 321، 341.
ب ـ وُجُوبُ الْقِصَاصِ فِي قَطْعِ الرِّجْل مِنَ الْوَرِكِ:
4 ـ اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ فِي الْجُمْلَةِ عَلَى أَنَّهُ يَجِبُ الْقِصَاصُ فِي قَطْعِ الرِّجْل مِنْ أَصْل الْوَرِكِ لإِِمْكَانِ الْمُمَاثَلَةِ لأَِنَّهُ جُرْحٌ يَنْتَهِي إِلَى مَفْصِلٍ وَذَلِكَ إِذَا تَوَفَّرَتْ فِيهِ شُرُوطُ وُجُوبِ الْقِصَاصِ فِي الأَْطْرَافِ وَالْجِرَاحَاتِ.
وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (فَخِذ ف4، جِنَايَة عَلَى مَا دُونَ النَّفْسِ ف4 وَمَا بَعْدَهَا، قِصَاص ف35 وَمَا بَعْدَهَا، عَظْم ف5) .
ج ـ دِيَةُ الْوَرِكِ:
5 ـ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي دِيَةِ الرِّجْل إِذَا قُطِعَتْ مِنَ الْوَرِكِ.
فَذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ (الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَأَبُو يُوسُفَ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَابْنُ أَبِي لَيْلَى وَالنَّخَعِيُّ وَقَتَادَةُ) إِلَى أَنَّ دِيَةَ الرِّجْل سَوَاءٌ قُطِعَتْ مِنْ مَفْصِل الْكَعْبَيْنِ أَوْ مِنْ مَفْصِل الرُّكْبَةِ أَوْ مِنْ مَفْصِل الْفَخِذِ (الْوَرِكِ) لَا تَخْتَلِفُ، وَأَنَّهَا خَمْسُونَ مِنَ الإِْبِل لِحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ رضي الله عنه: وَفِي الرِّجْل الْوَاحِدَةِ نِصْفُ الدِّيَةِ (1) ، وَالرِّجْل عِبَارَةٌ عَنِ الْعُضْوِ
(1) حديث عمرو بن حزم: " في الرجل الواحدة نصف الدية " أخرجه النسائي (8 / 58 ـ 59 ط المكتبة التجارية) ، ونقل ابن حجر في التلخيص (4 / 17ـ 18 ط شركة الطباعة الفنية) تصحيحه عن جماعة من العلماء.
الْمَخْصُوصِ مِنْ رُءُوسِ الأَْصَابِعِ إِلَى الْوَرِكِ (1) .
وَلأَِنَّ مَا لَيْسَ لَهُ أَرْشٌ مُقَدَّرٌ إِذَا اتَّصَل بِمَا لَهُ أَرْشٌ مُقَدَّرٌ يَتْبَعُهُ فِي الأَْرْشِ، وَلأَِنَّهُ إِذَا قَطَعَ الرِّجْل مِنَ الْوَرِكِ فَمَا قَطَعَ إِلَاّ رِجْلاً لأَِنَّ جَمِيعَ ذَلِكَ فِي عُرْفِ النَّاسِ يُسَمَّى رِجْلاً فَلَا يَلْزَمُهُ أَكْثَرُ مِنْ دِيَتِهَا.
وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْقَاضِي مِنَ الْحَنَابِلَةِ إِلَى أَنَّهُ يَجِبُ فِيمَا فَوْقَ الْكَعْبَيْنِ مِنَ السَّاقِ وَالْفَخِذِ حُكُومَةٌ مَعَ دِيَةِ الْقَدَمِ، فَإِذَا قَطَعَهَا مِنَ الْوَرِكِ أَوْ مِنَ الرُّكْبَةِ وَجَبَتْ عَلَيْهِ نِصْفُ الدِّيَةِ وَحُكُومَةُ الْعَدْل لِمَا زَادَ، لأَِنَّ اسْمَ الرِّجْل لَهَا إِلَى الْكَعْبَيْنِ، وَمَا فَوْقَ الْكَعْبَيْنِ لَيْسَ بِتَابِعٍ لَهُمَا فَتَجِبُ فِيهِ حُكُومَةُ الْعَدْل كَمَا لَوْ قَطَعَهُ بَعْدَ قَطْعِ الْقَدَمِ مِنَ الْكَعْبَيْنِ.
وَهَذَا الْخِلَافُ يَجْرِي فِيمَا إِذَا قَطَعَ الرِّجْل مِنَ الرُّكْبَةِ أَوْ مِنَ الْوَرِكِ مَرَّةً وَاحِدَةً.
فَأَمَّا إِذَا قَطَعَهَا مِنَ الْكَعْبَيْنِ ثُمَّ قَطَعَهَا مِنَ
(1) البدائع7 / 318، وجواهر الإكليل2 / 268، والمغني لابن قدامة 8 / 27، 35، والإنصاف 10 / 17.
الرُّكْبَةِ أَوْ مِنَ الْوَرِكِ فَيَجِبُ فِي الْمَقْطُوعِ ثَانِيًا حُكُومَةٌ بِلَا خِلَافٍ، لأَِنَّهُ وَجَبَتْ عَلَيْهِ دِيَةُ الرِّجْل بِالْقَطْعِ الأَْوَّل فَوَجَبَتْ بِالثَّانِي حُكُومَةٌ.
كَمَا لَوْ قَطَعَ حَشَفَةَ الذَّكَرِ، ثُمَّ قَطَعَ بَقِيَّتَهُ أَوْ لَوْ فَعَل ذَلِكَ شَخْصَانِ (1)(انْظُرْ دِيَات ف48) .
(1) البدائع7 / 318، وجواهر الإكليل2 / 268، والمغني لابن قدامة 8 / 27، 35، والإنصاف 10 / 17، ومغني المحتاج 4 / 65، 66.