الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ: الاِخْتِلَافُ فِي صِفَةِ الْمَقْبُوضِ:
72 -
إِذَا دَفَعَ رَجُلٌ إِلَى آخَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَدِيعَةً، وَعَلَى الْوَدِيعِ أَلْفُ دِرْهَمٍ أُخْرَى قَرْضًا لِرَبِّ الْوَدِيعَةِ، فَدَفَعَ إِلَيْهِ أَلْفًا، ثُمَّ اخْتَلَفَا بَعْدَ أَيَّامٍ، فَقَال الْوَدِيعُ: هَذِهِ الأَْلْفُ الَّتِي قَضَيْتُكَ هِيَ الْقَرْضُ. وَأَمَّا الْوَدِيعَةُ فَقَدْ تَلِفَتْ. وَقَال الْمُودِعُ: إِنَّمَا قَبَضْتُ مِنْكَ الْوَدِيعَةَ، وَالْقَرْضُ عَلَى حَالِهِ. فَقَال الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَفِيَّةُ: الْقَوْل قَوْل الْوَدِيعِ مَعَ يَمِينِهِ، وَهُوَ بَرِيءٌ مِنَ الْمَالَيْنِ جَمِيعًا (1) . قَال السَّرَخْسِيُّ: لأَِنَّهُ هُوَ الدَّافِعُ لِلأَْلْفِ، فَالْقَوْل قَوْلُهُ عَنْ أَيِّ جِهَةٍ دَفَعَهُ، وَقَدْ زَعَمَ أَنَّهُ دَفَعَهُ عَنْ جِهَةِ قَضَاءِ الدَّيْنِ، فَبَرِئَ بِهِ، وَبَقِيَتِ الْوَدِيعَةُ فِي يَدِهِ، وَقَدْ أَخْبَرَ بِهَلَاكِهَا، فَالْقَوْل قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ. يُوَضِّحُهُ: أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَدْفَعْ إِلَيْهِ شَيْئًا حَتَّى أَخْبَرَ بِهَلَاكِ الْوَدِيعَةِ، كَانَ الْقَوْل قَوْلَهُ، وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ إِلَاّ أَدَاءُ الأَْلْفِ بَدَل الْقَرْضِ فَكَذَلِكَ إِذَا أَخْبَرَ بِهَلَاكِ الْوَدِيعَةِ بَعْدَ أَدَاءِ الأَْلْفِ (2)، وَفِي الْمُحِيطِ: بِأَنَّهُ لَا عِبْرَةَ لاِخْتِلَافِهِمَا فِي الأَْلْفِ الْمَرْدُودِ، لأَِنَّهُ وَصَل إِلَى الْمَالِكِ، أَيُّ شَيْءٍ كَانَ.
(1) الْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّة 4 / 357، وَالْمَبْسُوط 11 / 118، وَالْمُدَوَّنَة 15 / 152.
(2)
الْمَبْسُوط 11 / 118.
وَإِنَّمَا اخْتِلَافُهُمَا فِي الأَْلْفِ الْهَالِكِ، فَالْمَالِكُ يَدَّعِي فِيهِ الأَْخْذَ قَرْضًا، وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَدَّعِي الأَْخْذَ وَدِيعَةً، وَفِي هَذَا الْقَوْل قَوْل مُدَّعِي الْوَدِيعَةِ (1) .
الصُّورَةُ الثَّالِثَةُ: الاِخْتِلَافُ فِي مِلْكِيَّةِ الْوَدِيعَةِ:
62 -
إِذَا تَنَازَعَ الْوَدِيعَةَ اثْنَانِ، فَادَّعَى كُل وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَّهَا مِلْكُهُ، فَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ عَلَى النَّحْوِ التَّالِي:
فَقَال الْحَنَفِيَّةُ: لَوْ كَانَ فِي يَدِهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَدِيعَةً، فَجَاءَهُ رَجُلَانِ، وَادَّعَى كُل وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَّهُ أَوْدَعَهُ إِيَّاهَا، فَقَال الْوَدِيعُ: أَوْدَعَهَا أَحَدُكُمَا، وَلَسْتُ أَدْرِي أَيَّكُمَا هُوَ؟ فَهَذَا فِي الأَْصْل لَا يَخْلُو مِنْ أَحَدِ وَجْهَيْنِ:
إِمَّا أَنْ يَصْطَلِحَ الْمُتَدَاعِيَانِ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ الأَْلْفَ، وَتَكُونَ بَيْنَهُمَا. وَإِمَّا أَنْ لَا يَصْطَلِحَا، وَيَدَّعِي كُل وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَّ الأَْلْفَ لَهُ خَاصَّةً، لَا لِصَاحِبِهِ.
فَإِنِ اصْطَلَحَا عَلَى ذَلِكَ، فَلَهُمَا ذَلِكَ، وَلَيْسَ لِلْوَدِيعِ أَنْ يَمْتَنِعَ عَنْ تَسْلِيمِ الأَْلْفِ إِلَيْهِمَا، لأَِنَّهُ أَقَرَّ أَنَّ الأَْلْفَ لأَِحَدِهِمَا. وَإِذَا
(1) الْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّة 4 / 359.