الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشَّارِدِ لأَِنَّ الْمُوصَى لَهُ يَخْلُفُ الْمَيِّتَ فِي ثُلُثِهِ، كَمَا يَخْلُفُهُ الْوَارِثُ فِي ثُلُثِهِ، فَلَمَّا جَازَ أَنْ يَخْلُفَ الْوَارِثُ الْمَيِّتَ فِي هَذِهِ الأَْشْيَاءِ، جَازَ أَنْ يَخْلُفَهُ الْمُوصَى لَهُ.
وَلأَِنَّ الْوَصِيَّةَ إِذَا صَحَّتْ بِالْمَعْدُومِ فَمَا لَا يُقْدَرُ عَلَى تَسْلِيمِهِ أَوْلَى.
وَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّهُ تَجُوزُ الْوَصِيَّةُ بِالْمُشَاعِ وَالْمَقْسُومِ مُطْلَقًا؛ لأَِنَّ الإِْيصَاءَ تَمْلِيكُ جُزْءٍ مِنْ مَالِهِ، فَجَازَ فِي الْمُشَاعِ وَالْمَقْسُومِ كَالْبَيْعِ (1) .
وَالَّذِي أَجَازَهُ الْحَنَفِيَّةُ مِنَ الْوَصِيَّةِ بِمَا يَقْبَل التَّمْلِيكَ، يُشْتَرَطُ وُجُودُهُ فِي الْمُسْتَقْبَل لَكِنَّ وَقْتَ وُجُودِهِ يَخْتَلِفُ عِنْدَهُمْ بِحَسَبِ نَوْعِ الْمَال:
فَإِنْ كَانَ الْمَال مُعَيَّنًا بِالذَّاتِ، كَدَارٍ مُعَيَّنَةٍ وَمَزْرَعَةٍ مُعَيَّنَةٍ، فَيُشْتَرَطُ وُجُودُهُ عِنْدَ الْوَصِيَّةِ.
وَإِنْ كَانَ شَائِعًا فِي كُل الْمَال، كَالْوَصِيَّةِ بِثُلُثِ مَالِهِ أَوْ رُبُعِهِ، فَالشَّرْطُ وُجُودُهُ عِنْدَ مَوْتِ الْمُوصِي، لأَِنَّهُ وَقْتُ تَنْفِيذِ الْوَصِيَّةِ.
وَإِنْ كَانَ شَائِعًا فِي بَعْضِ الْمَال، كَالْوَصِيَّةِ
(1) حَاشِيَة ابْن عَابِدِينَ 5 / 416، وعقد الْجَوَاهِر الثَّمِينَة 3 / 403، ومغني الْمُحْتَاج 3 / 44، وكشاف الْقِنَاع 4 / 369، والمغني 6 / 64
بِثُلُثِ غَنَمِهِ، فَإِنْ كَانَ لَهُ غَنَمٌ وَقْتَ الْوَصِيَّةِ، اشْتُرِطَ وُجُودُهُ وَقْتَ الْوَصِيَّةِ، كَالنَّوْعِ الأَْوَّل، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ غَنَمٌ أَصْلاً وَقْتَ الْوَصِيَّةِ، فَهُوَ كَالشَّائِعِ فِي كُل الْمَال، يُعْتَبَرُ فِيهِ الْمَوْجُودُ عِنْدَ الْمَوْتِ؛ لأَِنَّهُ لَيْسَ شَيْئًا مُعَيَّنًا حَتَّى تَتَقَيَّدَ بِهِ الْوَصِيَّةُ (1) .
رَابِعًا: أَنْ يَكُونَ الْمُوصَى بِهِ مَمْلُوكًا لِلْمُوصِي:
50 -
ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ - قَطَعَ بِهِ الْغَزَالِيُّ - وَالْحَنَابِلَةُ فِي الْمَذْهَبِ إِلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الْوَصِيَّةِ أَنْ يَكُونَ الْمُوصَى بِهِ الْمُعَيَّنُ مِلْكًا لِلْمُوصِي حِين الْوَصِيَّةِ، فَلَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِمَال الْغَيْرِ وَلَوْ مَلَكَهُ الْمُوصِي بَعْدَ الْوَصِيَّةِ لِفَسَادِ الصِّيغَةِ بِإِضَافَةِ الْحَال إِلَى غَيْرِهِ.
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي الْوَجْهِ الآْخَرِ - وَقَال عَنْهُ النَّوَوِيُّ: هُوَ أَفْقَهُ وَأَجْرَى عَلَى قَوَاعِدِ الْبَابِ - وَالْحَنَابِلَةُ فِي قَوْلٍ إِلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الْوَصِيَّةِ أَنْ يَكُونَ الْمُوصَى بِهِ مِلْكًا لِلْمُوصِي حِينَ الْوَصِيَّةِ لأَِنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ فُضُولِيًّا، وَوَصِيَّةُ الْفُضُولِيِّ مُنْعَقِدَةٌ مَوْقُوفَةٌ عَلَى إِجَازَةِ الْمَالِكِ؛ فَإِنْ أَجَازَ فَهُوَ بِالْخِيَارِ إِنْ شَاءَ
(1) فَتْح الْقَدِير 8 / 435، وحاشية ابْن عَابِدِينَ 5 / 416