الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تَكَلَّمْ " (1) . وَالْوَدِيعُ هُنَا لَمْ يَخُنْ فِيهَا بِقَوْلٍ وَلَا فِعْلٍ، فَلَمْ يَضْمَنْهَا، كَالَّذِي لَمْ يَنْوِ. وَمِثْلُهُ كَمَنْ نَوَى أَنْ يَغْصِبَ مَال إِنْسَانٍ، فَلَمْ يَفْعَل شَيْئًا، فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ (2) .
وَالثَّانِي: لِلشَّافِعِيَّةِ فِي مُقَابِل الصَّحِيحِ، وَالْحَنَابِلَةِ فِي وَجْهٍ حَكَاهُ الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى: وَهُوَ أَنَّهُ يَضْمَنُ بِنِيَّةِ التَّعَدِّي فِي الْوَدِيعَةِ، وَلَوْ لَمْ يَفْعَل، وَذَلِكَ لِنِيَّتِهِ الْخِيَانَةَ، فَيَضْمَنُهَا، كَالْمُلْتَقِطِ بِقَصْدِ التَّمَلُّكِ (3) .
انْتِهَاءُ عَقْدِ الإِْيدَاعِ
67 - عَقْدُ الإِْيدَاعِ جَائِزٌ مِنَ الْجَانِبَيْنِ، فَلِكُل وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَسْخُهُ مَتَى شَاءَ، دُونَ تَوَقُّفٍ عَلَى رِضَا الطَّرَفِ الآْخَرِ أَوْ قَبُولِهِ.
وَعَلَى ذَلِكَ فَمَتَى أَرَادَ الْمُودِعُ اسْتِرْدَادَ وَدِيعَتِهِ، لَزِمَ الْوَدِيعُ رَدَّهَا إِلَيْهِ، لِعُمُومِ قَوْلِهِ تَعَالَى:{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَْمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا (4) } .
(1) حَدِيث: " إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ لأُِمَّتِي. . . " تَقَدَّمَ تَخْرِيجه فِقْرَة (54) .
(2)
الْمَبْسُوط 11 / 112، وَالْبَدَائِع 6 / 213، وَكَشَّاف الْقِنَاعي 4 / 196، والقليوبي وَعَمِيرَة 3 / 186، وَأَسْنَى الْمُطَالِب 3 / 79، وَالْمُبْدِع 5 / 240، وَالْمُغْنِي لاِبْن قُدَامَةَ 9 / 272 وَمَا بَعْدَهَا.
(3)
الْمُبْدِع 5 / 240، والقليوبي وَعَمِيرَة 3 / 186، وَالْمُهَذَّب 1 / 369، وَرَوْضَة الطَّالِبِينَ 6 / 334.
(4)
سُورَة النِّسَاء: 58.
وَمَتَى أَرَادَ الْوَدِيعُ رَدَّهَا لِصَاحِبِهَا لَزِمَهُ قَبُولُهَا، لأَِنَّ الْوَدِيعَ مُتَبَرِّعٌ بِإِمْسَاكِهَا وَحِفْظِهَا لِمَالِكِهَا، وَمَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ. وَقَدْ سَبَقَ تَفْصِيل ذَلِكَ فِي الْفِقْرَةِ 9
فَإِنْ لَمْ يَكُنِ الْوَدِيعُ مُتَبَرِّعًا بِالْحِفْظِ، كَمَا فِي حَالَةِ الْوَدِيعَةِ بِأَجْرٍ، فَقَدْ ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ إِلَى لُزُومِ عَقْدِ الإِْيدَاعِ حِينَئِذٍ، لِصَيْرُورَتِهِ إِجَارَةً عَلَى الْحِفْظِ، وَاعْتِبَارِ الْوَدِيعِ فِيهِ أَجِيرًا، وَبِذَلِكَ لَا يَكُونُ لأَِحَدٍ مِنَ الطَّرَفَيْنِ أَنْ يَفْسَخَهُ بِإِرَادَتِهِ الْمُنْفَرِدَةِ قَبْل تَمَامِ الْمُدَّةِ، كَسَائِرِ الإِْجَارَاتِ (1) .
68 -
أَمَّا انْفِسَاخُ عَقْدِ الإِْيدَاعِ، بِمَعْنَى حَل رَابِطَةِ الْعَقْدِ لِطُرُوءِ سَبَبٍ يَمْنَعُ بَقَاءَهُ وَاسْتِمْرَارَهُ (2)، فَقَدْ ذَكَرَ الْفُقَهَاءُ لَهُ سَبْعَةَ أَسْبَابٍ:
أَحَدُهَا:
مَوْتُ أَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ (الْمُودِعِ أَوِ الْوَدِيعِ) :
أَمَّا الْمُودِعُ، فَلأَِنَّ مِلْكِيَّةَ الْمَال الْمُودَعِ انْتَقَلَتْ بِمَوْتِهِ إِلَى وَرَثَتِهِ أَوْ دَائِنِيهِ.
وَأَمَّا الْوَدِيعُ، فَلأَِنَّ أَهْلِيَّتَهُ لِلْحِفْظِ قَدْ زَالَتْ بِمَوْتِهِ.
(1) دُرَر الْحُكَّام 2 / 228، وَمَوَاهِب الْجَلِيل (5 / 188) .
(2)
انْظُرِ الْحَموِي عَلَى الأَْشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ لاِبْنِ نَجِيم 2 / 194.