الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَاسْتَثْنَى الْمَالِكِيَّةُ مِنْ هَذَا الْحُكْمِ مَا إِذَا قَال الْمُوصِي فِي وَصِيَّتِهِ أَنْ لَا رُجُوعَ لَهُ فِيهَا فَإِنَّهَا لَا تَبْطُل بِالرُّجُوعِ حَتَّى يَنُصَّ عَلَيْهَا.
وَالرُّجُوعُ بِالدَّلَالَةِ يَكُونُ بِالْفِعْل كَأَنْ يَقُومَ الْمُوصِي بِتَصَرُّفٍ فِي الْمُوصَى بِهِ يَدُل عَلَى رُجُوعِهِ كَالْبَيْعِ، وَالإِْصْدَاقِ، وَالْهِبَةِ وَالرَّهْنِ مَعَ قَبْضٍ أَمْ لَا، وَاسْتِهْلَاكِ الشَّيْءِ كَذَبْحِ الشَّاةِ الْمُوصَى بِهَا، وَخَلْطِ الْمُوصَى بِهِ بِغَيْرِهِ خَلْطًا يَعْسُرُ تَمْيِيزُهُ، وَطَحْنِ حِنْطَةٍ وَعَجْنِ دَقِيقٍ وَغَزْل قُطْنٍ وَنَسْجِ غَزْلٍ، وَقَطْعِ ثَوْبٍ قَمِيصًا، وَصَوْغِ مَعْدِنٍ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ، وَبِنَاءٍ وَغِرَاسٍ فِي سَاحَةٍ. (1)
فَيَرَى جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ: الْحَنَفِيَّةُ فِي قَوْلٍ بِهِ يُفْتَى - وَعَلَيْهِ الْمُتُونُ - وَالشَّافِعِيَّةُ فِي قَوْلٍ وَالْحَنَابِلَةُ فِي الْمَذْهَبِ أَنَّ جُحُودَ الْوَصِيَّةِ لَيْسَ بِرُجُوعٍ لأَِنَّ الرُّجُوعَ عَنِ الشَّيْءِ يَقْتَضِي سَبْقَ
(1) تَبْيِين الْحَقَائِقِ مَعَ حَاشِيَة الشلبي 6 / 186 وَمَا بَعْدَهَا، وَتَكْمِلَة فَتْحِ الْقَدِير 8 / 438ـ441، وَالدَّرِّ الْمُخْتَارِ 5 / 465 وَمَا بَعْدَهَا، وَاللُّبَاب مَعَ الْكِتَابِ 4 / 178 وَمَا بَعْدَهَا، وَرَوْضَة الْقُضَاة 2 / 708 - 710، وَمَوَاهِب الْجَلِيل 9 / 369، وَالشَّرْح الصَّغِير 4 / 587، وَمُغْنِي الْمُحْتَاج 3 / 71ـ72، وَالْمُهَذَّب 1 / 468 وَمَا بَعْدَهَا، وَكَشَّاف الْقِنَاع 4 / 348 وَمَا بَعْدَهَا، وَالْمُغْنِي 6 / 67 وَمَا بَعْدَهَا، وَالإِْنْصَاف 6 / 211 وَمَا بَعْدَهَا، وَمُطَالَب أُولِي النُّهَى 4 / 460 وَمَا بَعْدَهَا.
وُجُودِهِ وَجُحُودَ الشَّيْءِ يَقْتَضِي سَبْقَ عَدَمِهِ إِذِ الْجُحُودُ نَفْيٌ لأَِصْل الْعَقْدِ فَلَوْ كَانَ الْجُحُودُ رُجُوعًا انْتَفَى وُجُودُ الْوَصِيَّةِ وَعَدَمُهَا فِيمَا سَبَقَ وَهُوَ مُحَالٌ. (1)
وَيَرَى الْحَنَفِيَّةُ فِي قَوْلٍ قَال عَنْهُ فِي الْعُيُونِ إِنَّ عَلَيْهِ الْفَتْوَى وَفِي السِّرَاجِيَّةِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، وَالشَّافِعِيَّةُ فِي قَوْلٍ قَدَّمَهُ زَكَرِيَّا الأَْنْصَارِيُّ عَلَى غَيْرِهِ، وَالْحَنَابِلَةُ فِي وَجْهٍ صَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ أَنَّ جُحُودَ الْوَصِيَّةِ رُجُوعٌ.
وَقَال الرَّافِعِيُّ: يُقَاسُ جُحُودُ الْوَصِيَّةِ عَلَى جَحْدِ الْوَكَالَةِ فَيُفَرَّقُ فِيهِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الرُّجُوعُ لِغَرَضٍ وَبَيْنَ مَا لَمْ يَكُنْ لِغَرَضٍ، فَإِنْ كَانَ الْجُحُودُ لِغَرَضٍ لَا يَكُونُ رُجُوعًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِغَرَضٍ فَيَكُونُ رُجُوعًا وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ. (2)
الرُّكْنُ الثَّانِي: الْمُوصِي:
17 - الْمُوصِي مَنْ صَدَرَتْ مِنْهُ الْوَصِيَّةُ.
وَيُشْتَرَطُ فِي الْمُوصِي مَا يَأْتِي:
أَوَّلاً: أَنْ يَكُونَ أَهْلاً لِلتَّبَرُّعِ: وَيَكُونُ أَهْلاً
(1) تَكْمِلَة فَتْح الْقَدِير 10 / 436 ط الْبَابِيّ الْحَلَبِيّ، وَمُغْنِي الْمُحْتَاج 3 / 71، وَالْمُغْنِي 6 / 68، وَأَسْنَى الْمَطَالِب 3 / 64، وَالإِْنْصَاف 6 / 213، وَمُطَالَب أُولِي النُّهَى 4 / 463.
(2)
الْمَرَاجِع السَّابِقَة.