الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حَيَاتِهِ بِعَقْدِ الإِْجَارَةِ وَالإِْعَارَةِ فَلأََنْ يَمْلِكَ بِعَقْدِ الْوَصِيَّةِ أَوْلَى لأَِنَّهُ أَوْسَعُ الْعُقُودِ، أَلَا تَرَى أَنَّهَا تَحْتَمِل مَا لَا يَحْتَمِلُهُ سَائِرُ الْعُقُودِ مِنْ عَدَمِ الْمَحَل وَالْخَطَرِ وَالْجَهَالَةِ، ثُمَّ لَمَّا جَازَ تَمْلِيكُهَا بِبَعْضِ الْعُقُودِ فَلأََنْ يَجُوزَ بِهَذَا الْعَقْدِ أَوْلَى (1) .
وَقَال ابْنُ أَبِي لَيْلَى وَابْنُ شُبْرُمَةَ: لَا تَجُوزُ الْوَصِيَّةُ بِالْمَنَافِعِ لأَِنَّ الْوَصِيَّةَ بِالْمَنَافِعِ وَصِيَّةٌ بِمَال الْوَارِثِ، لأَِنَّ نَفَاذَ الْوَصِيَّةِ عِنْدَ الْمَوْتِ، وَعِنْدَ الْمَوْتِ تَحْصُل الْمَنَافِعُ عَلَى مِلْكِ الْوَرَثَةِ لأَِنَّ الرَّقَبَةَ مِلْكُهُمْ، وَمِلْكُ الْمَنَافِعِ تَابِعٌ لِمِلْكِ الرَّقَبَةِ فَكَانَتِ الْمَنَافِعُ مِلْكَهُمْ لأَِنَّ الرَّقَبَةَ مِلْكُهُمْ فَكَانَتِ الْوَصِيَّةُ بِالْمَنَافِعِ وَصِيَّةً مِنْ مَال الْوَارِثِ فَلَا تَصِحُّ، وَلأَِنَّ الْوَصِيَّةَ بِالْمَنَافِعِ فِي مَعْنَى الإِْعَارَةِ إِذِ الإِْعَارَةُ تَمْلِيكُ الْمَنْفَعَةِ بِغَيْرِ عِوَضٍ، وَالْوَصِيَّةُ بِالْمَنْفَعَةِ كَذَلِكَ وَالْعَارِيَةُ تَبْطُل بِمَوْتِ الْمُعِيرِ، فَالْمَوْتُ لَمَّا أَثَّرَ فِي بُطْلَانِ الْعَقْدِ عَلَى الْمَنْفَعَةِ بَعْدَ صِحَّتِهِ فَلأََنْ يَمْنَعَ مِنَ الصِّحَّةِ أَوْلَى
(1) الْبَدَائِع 7 / 352
؛ لأَِنَّ الْمَنْعَ أَسْهَل مِنَ الرَّفْعِ (1) .
وَإِذَا لَمْ يَكُنِ الْمُوصَى بِهِ مَالاً كَالدَّمِ وَالْمَيْتَةِ وَجِلْدِهَا قَبْل الدِّبَاغِ بَطَلَتِ الْوَصِيَّةُ؛ لأَِنَّهُ لَيْسَ مَحَلًّا لِلْمِلْكِ.
وَأَجَازَ الشَّافِعِيَّةُ الْوَصِيَّةَ بِجِلْدِ مَيْتَةٍ قَابِلٍ لِلدِّبَاغِ، وَمَيْتَةٍ تَصْلُحُ طُعْمًا لِلْجَوَارِحِ (2) .
(ر: ف58)
ثَانِيًا: أَنْ يَكُونَ الْمُوصَى بِهِ مُتَقَوِّمًا فِي عُرْفِ الشَّرْعِ:
48 -
لَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ مِنْ مُسْلِمٍ وَلَا لِمُسْلِمٍ بِمَالٍ غَيْرِ مُتَقَوِّمٍ، أَيْ لَا يَجُوزُ شَرْعًا الاِنْتِفَاعُ بِهِ، كَالْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ وَالْكَلْبِ الْعَقُورِ وَالسِّبَاعِ الَّتِي لَا تَصْلُحُ لِلصَّيْدِ، لِعَدَمِ نَفْعِهَا وَتَقَوُّمِهَا، وَلأَِنَّهَا لَا تُمْلَكُ أَصْلاً بِالنِّسْبَةِ لِلْمُسْلِمِ.
وَتَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِهَا مِنْ نَصْرَانِيٍّ لِمِثْلِهِ لِتَقَوُّمِهَا فِي اعْتِقَادِهِ. وَلَا تَجُوزُ الْوَصِيَّةُ بِمَا لَا يَقْبَل النَّقْل كَالْقِصَاصِ وَحَدِّ الْقَذْفِ وَحَقِّ الشُّفْعَةِ.
وَتَجُوزُ الْوَصِيَّةُ بِالْكَلْبِ الْمُعَلَّمِ وَالسِّبَاعِ الَّتِي تَصْلُحُ لِلصَّيْدِ، لِتَقَوُّمِهَا وَلأَِنَّهَا مَضْمُونَةٌ بِالإِْتْلَافِ، وَيَجُوزُ بَيْعُهَا وَهِبَتُهَا وَبِهَذَا عَلَّلَهُ الْحَنَفِيَّةُ.
(1) الْبَدَائِع 7 / 352، وبداية الْمُجْتَهِد 2 / 362
(2)
مُغْنِي الْمُحْتَاج 3 / 44 ـ 46