الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَقَال ابْنُ قُدَامَةَ: وَالأَْوْلَى أَنَّهُ مَتَى كَانَ مُعْتَمِدًا بِمَحَل الْحَدَثِ عَلَى الأَْرْضِ أَنْ لَا يَنْقُضَ مِنْهُ إِلَاّ الْكَثِيرُ؛ لأَِنَّ دَلِيل انْتِفَاءِ النَّقْضِ فِي الْقَاعِدِ لَا تَفْرِيقَ فِيهِ فَيُسَوَّى بَيْنَ أَحْوَالِهِ (1) .
ثُمَّ اخْتَلَفَ عُلَمَاءُ الْحَنَابِلَةِ فِي تَحْدِيدِ الْكَثِيرِ مِنَ النَّوْمِ الَّذِي يَنْقُضُ الْوُضُوءَ.
فَقَال أَبُو يَعْلَى: لَيْسَ لِلْقَلِيل حَدٌّ يُرْجَعُ إِلَيْهِ، وَهُوَ عَلَى مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ، وَقِيل: حَدُّ الْكَثِيرِ: مَا يَتَغَيَّرُ بِهِ النَّائِمُ عَنْ هَيْئَتِهِ: مِثْل أَنْ يَسْقُطَ عَلَى الأَْرْضِ، وَمِنْهَا أَنْ يَرَى حُلْمًا.
وَقَال ابْنُ قُدَامَةَ: وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا حَدَّ لَهُ؛ لأَِنَّ التَّحْدِيدَ إِنَّمَا يُعْرَفُ بِتَوْقِيفٍ، وَلَا تَوْقِيفَ فِي هَذَا، فَمَتَى وَجَدْنَا مَا يَدُل عَلَى الْكَثْرَةِ: مِثْل سُقُوطِ الْمُتَمَكِّنِ وَغَيْرِهِ انْتَقَضَ وُضُوءُهُ، وَإِنْ شَكَّ فِي كَثْرَتِهِ لَمْ يَنْتَقِضْ وُضُوءُهُ؛ لأَِنَّ الطَّهَارَةَ مُتَيَقِّنَةٌ فَلَا تَزُول بِالشَّكِّ.
وَقَال: مَنْ لَمْ يَغْلِبْ عَلَى عَقْلِهِ فَلَا وُضُوءَ عَلَيْهِ؛ لأَِنَّ النَّوْمَ الْغَلَبَةُ عَلَى الْعَقْل، وَقَال بَعْضُ أَهْل اللُّغَةِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:{لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ (2) } : هِيَ ابْتِدَاءُ النُّعَاسِ فِي الرَّأْسِ، فَإِذَا وَصَل إِلَى الْقَلْبِ صَارَ نَوْمًا، وَلأَِنَّ النَّاقِضَ
(1) الْمُغْنِي لاِبْن قُدَامَةَ 1 / 175.
(2)
سُورَة الْبَقَرَة: 255.
زَوَال الْعَقْل، وَمَتَى كَانَ ثَابِتًا وَحِسُّهُ غَيْرُ زَائِلٍ، مِثْل مَنْ يَسْمَعُ مَا يُقَال عِنْدَهُ وَيَفْهَمُهُ فَلَمْ يُوجَدْ سَبَبُ النَّقْضِ مِنْ حَقِّهِ.
وَإِنْ شَكَّ: هَل نَامَ أَمْ لَا، أَوْ خَطَرَ بِبَالِهِ شَيْءٌ لَا يَدْرِي أَرُؤْيَا هُوَ أَمْ حَدِيثُ نَفْسٍ؟ فَلَا وُضُوءَ عَلَيْهِ (1) .
الرَّأْيُ الثَّانِي:
147 -
حُكِيَ عَنْ أَبِي مُوسَى الأَْشْعَرِيِّ رضي الله عنه وَأَبِي مِجْلَزٍ وَحُمَيْدٍ الأَْعْرَجِ وَعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ: أَنَّ النَّوْمَ لَا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ، وَاسْتَدَلُّوا بِمَا وَرَدَ عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَال: كَانَ أَصْحَابُ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَنْتَظِرُونَ الْعِشَاءَ الآْخِرَةَ حَتَّى تَخْفِقَ رُءُوسُهُمْ ثُمَّ يُصَلُّونَ وَلَا يَتَوَضَّئُونَ " (2) .
وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ: أَنَّهُ كَانَ يَنَامُ مِرَارًا مُضْطَجِعًا يَنْتَظِرُ الصَّلَاةَ ثُمَّ يُصَلِّي وَلَا يُعِيدُ الْوُضُوءَ، وَقَال ابْنُ قُدَامَةَ: لَعَلَّهُمْ ذَهَبُوا إِلَى أَنَّ النَّوْمَ لَيْسَ بِحَدَثٍ فِي نَفْسِهِ، وَالْحَدَثُ مَشْكُوكٌ فِيهِ، فَلَا يَزُول الْيَقِينُ بِالشَّكِّ (3) .
قَال الْمَرْدَاوِيُّ: نَقَل الْمَيْمُونِيُّ: لَا يَنْقُضُ
(1) الْمُغْنِي 1 / 173 176.
(2)
وَنِيل الأَْوْطَار 1 / 190. حَدِيث: الْمُغْنِي 1 / 173،