الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَال السَّرَخْسِيُّ: الْخَلْطُ أَنْوَاعٌ ثَلَاثَةٌ:
خَلْطٌ يَتَعَذَّرُ التَّمْيِيزُ بَعْدَهُ، كَخَلْطِ الشَّيْءِ بِجِنْسِهِ. فَهَذَا مُوجِبٌ لِلضَّمَانِ، لأَِنَّهُ يَتَعَذَّرُ بِهِ عَلَى الْمَالِكِ الْوُصُول إِلَى عَيْنِ مِلْكِهِ.
وَخَلْطٌ يَتَيَسَّرُ مَعَهُ التَّمْيِيزُ، كَخَلْطِ الدَّرَاهِمِ السُّودِ بِالْبِيضِ، وَالدَّرَاهِمِ بِالدَّنَانِيرِ. فَهَذَا لَا يَكُونُ مُوجِبًا لِلضَّمَانِ، لِتَمَكُّنِ الْمَالِكِ مِنَ الْوُصُول إِلَى عَيْنِ مِلْكِهِ، فَهَذِهِ مُجَاوَرَةٌ، وَلَيْسَتْ بِخَلْطٍ. وَخَلْطٌ يَتَعَسَّرُ مَعَهُ التَّمْيِيزُ، كَخَلْطِ الْحِنْطَةِ بِالشَّعِيرِ. فَهَذَا مُوجِبٌ لِلضَّمَانِ، لأَِنَّهُ يَتَعَذَّرُ عَلَى الْمَالِكِ الْوُصُول إِلَى عَيْنِ مِلْكِهِ إِلَاّ بِحَرَجٍ، وَالْمُتَعَسِّرُ كَالْمُتَعَذِّرِ. (1)
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْوَدِيعَ إِذَا خَلَطَ الْوَدِيعَةَ بِمَا هُوَ غَيْرُ مُمَاثِلٍ لَهَا جِنْسًا أَوْ صِفَةً مِنْ مَالِهِ، كَخَلْطِ الْقَمْحِ بِالشَّعِيرِ وَنَحْوَهُ، فَيَلْزَمُهُ
(1) الْمَبْسُوط 11 / 110، وَانْظُرِ الْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّة 4 / 348، وَقُرَّة عُيُون الأَْخْيَار 2 / 247.
الضَّمَانُ، لِتَعَدِّيهِ بِذَلِكَ، حَيْثُ إِنَّهُ فَوَّتَ عَيْنَهَا بِالْخَلْطِ، فَلَا يَقْدِرُ عَلَى تَخْلِيصِهَا، لأَِنَّهَا لَا تَتَمَيَّزُ، وَلَيْسَتْ مُمَاثِلَةً لِمَا خُلِطَ بِهَا، فَلَا يُمْكِنُ الْقِسْمَةُ.
أَمَّا إِذَا خَلَطَهَا بِجِنْسِهَا الْمُمَاثِل لَهَا جَوْدَةً وَرَدَاءَةً، كَحِنْطَةٍ بِمِثْلِهَا، أَوْ ذَهَبٍ بِمِثْلِهِ، فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ إِذَا وَقَعَ عَلَى وَجْهِ الإِْحْرَازِ وَالرِّفْقِ لَا عَلَى وَجْهِ التَّمَلُّكِ. وَذَلِكَ لأَِنَّ الْمُودِعَ عَلَى مِثْل ذَلِكَ قَدْ دَخَل، إِذْ قَدْ يَشُقُّ عَلَى الْوَدِيعِ أَنْ يَجْعَل كُل مَا أَوْدَعَهُ عَلَى حِدَةٍ. وَلأَِنَّهُ لَوْ تَعَدَّى عَلَى الْوَدِيعَةِ فَأَكَلَهَا، ثُمَّ رَدَّ مِثْلَهَا، ثُمَّ ضَاعَتْ بَعْدَ رَدِّهِ، لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ، فَخَلَطَهُ بِمِثْلِهَا كَرَدِّ مِثْلِهَا، فَلَا يُوجِبُ الضَّمَانَ إِذَا هَلَكَتْ. (1)
(ب) خَلْطُ الْوَدِيعِ الْوَدِيعَةَ بِمَالٍ لِصَاحِبِهَا:
45 -
نَقَل صَاحِبُ الْمُبْدِعِ مِنَ الْحَنَابِلَةِ عَنِ الرِّعَايَةِ أَنَّهُ إِذَا خَلَطَ الْوَدِيعُ إِحْدَى وَدِيعَتَيْ زَيْدٍ بِالأُْخْرَى بِلَا إِذْنِهِ، وَتَعَذَّرَ التَّمْيِيزُ بَيْنَهُمَا، فَفِي ضَمَانِهِ وَجْهَانِ. (2)
(1) التَّاج وَالإِْكْلِيل 5 / 253، وَمَوَاهِب الْجَلِيل 5 / 252، والزرقاني عَلَى خَلِيل وَحَاشِيَة الْبُنَانِيّ عَلَيْهِ 6 / 114، وَالْمُدَوَّنَة 15 / 145، وَمَا بَعْدَهَا، وَالْكَافِي لاِبْن عَبْد الْبَرّ ص 403، وَالْقَوَانِين الْفِقْهِيَّة ص 379.
(2)
الْمُبْدِع 5 / 240.