الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كَمَا اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ كَوْنُ الْقَبُول أَوِ الرَّدِّ فَوْرًا بَعْدَ الْمَوْتِ بَل هُمَا عَلَى التَّرَاخِي، فَيَجُوزُ كُلٌّ مِنْهُمَا بَعْدَ الْوَفَاةِ، وَلَوْ إِلَى مُدَّةٍ طَوِيلَةٍ، لأَِنَّ الْفَوْرَ عُرْفًا إِنَّمَا يُشْتَرَطُ فِي الْعُقُودِ الْمُنْجَزَةِ الَّتِي يَرْتَبِطُ الْقَبُول فِيهَا بِالإِْيجَابِ كَالْبَيْعِ، وَلَيْسَتِ الْوَصِيَّةُ مِنْهَا.
وَأَضَافَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: أَنَّهُ إِذَا لَمْ يَقْبَل الْمُوصَى لَهُ الْوَصِيَّةَ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي وَلَا رَدَّ الْوَصِيَّةَ فَلِلْوَارِثِ مُطَالَبَةُ الْمُوصَى لَهُ بِالْقَبُول أَوِ الرَّدِّ فَإِنِ امْتَنَعَ حُكِمَ عَلَيْهِ بِالرَّدِّ وَبَطَل حَقُّهُ مِنَ الْوَصِيَّةِ لأَِنَّهَا إِنَّمَا تَنْتَقِل إِلَى مِلْكِهِ بَعْدَ الْقَبُول وَلَمْ يُوجَدْ. (1)
الرُّجُوعُ عَنِ الْقَبُول:
11 -
لِلْفُقَهَاءِ فِي صِحَّةِ الرُّجُوعِ عَنِ الْقَبُول ثَلَاثَةُ آرَاءٍ:
الرَّأْيُ الأَْوَّل: صَرَّحَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ عَلَى الصَّحِيحِ مِنَ الْمَذْهَبِ بِأَنَّ الْمُوصَى لَهُ لَوْ قَبِل الْوَصِيَّةَ بَعْدَ الْمَوْتِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا بَعْدَ ذَلِكَ سَوَاءٌ كَانَ رَدُّ الْقَبُول قَبْل الْقَبْضِ أَوْ بَعْدَهُ لأَِنَّ الْوَصِيَّةَ لَزِمَتْ وَصَحَّتْ.
(1) مُغْنِي الْمُحْتَاج 3 / 53، وَكَشَّاف الْقِنَاع 4 / 344ـ345، وَالْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّة 5 / 90، وَتَكْمِلَة فَتْح الْقَدِير 10 / 427.
وَلَوْ رَدَّ الْمُوصَى لَهُ الْوَصِيَّةَ بَعْدَ الْمَوْتِ وَلَمْ يَقْبَلْهَا فَهُوَ رَدٌّ وَلَا يَكُونُ لَهُ أَنْ يَقْبَل بَعْدَ هَذَا لأَِنَّ الإِْيجَابَ بَطَل بِالرَّدِّ كَإِيجَابِ الْبَيْعِ (1) .
الرَّأْيُ الثَّانِي: وَهُوَ قَوْلٌ عِنْدَ كُلٍّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ أَنَّهُ يَصِحُّ الرَّدُّ بَعْدَ الْقَبُول وَقَبْل الْقَبْضِ.
وَقَدْ صَحَّحَ النَّوَوِيُّ هَذَا الْقَوْل وَقَال الأَْذْرُعِيُّ: إِنَّهُ الصَّحِيحُ الْمَنْصُوصُ عَلَيْهِ فِي الأُْمِّ وَجَرَى عَلَيْهِ الْعِرَاقِيُّونَ وَاخْتَارَهُ مِنَ الْحَنَابِلَةِ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ لأَِنَّ مِلْكَ الْمُوصَى لَهُ لِلْمُوصَى بِهِ قَبْل الْقَبْضِ لَمْ يَتِمَّ (2) .
الرَّأْيُ الثَّالِثُ: يَصِحُّ رَدُّ الْمُوصَى لَهُ فِي الْمَكِيل وَالْمَوْزُونِ بَعْدَ قَبُولِهِ وَقَبْل الْقَبْضِ، وَهُوَ قَوْلٌ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ. (3)
تَجَزُّؤُ الْقَبُول:
12 -
نَصَّ الشَّافِعِيَّةُ عَلَى أَنَّهُ لَوْ قَبِل
(1) رَوْضَة الْقُضَاة 2 / 681ـ682، وَالشَّرْح الصَّغِير 4 / 583، وَحَاشِيَة الدُّسُوقِيّ 4 / 424، وَكَشَّاف الْقِنَاع 4 / 344ـ345، وَالإِْنْصَاف 7 / 205، وَنِهَايَة الْمُحْتَاجِ 6 / 66، وَرَوْضَة الطَّالِبِينَ 6 / 142.
(2)
مُغْنِي الْمُحْتَاج 3 / 53، وَنِهَايَة الْمُحْتَاجِ 6 / 66، وَأَسْنَى الْمَطَالِب 3 / 43، وَرَوْضَة الطَّالِبِينَ 6 / 142، وَالإِْنْصَاف 7 / 105.
(3)
الإِْنْصَاف 7 / 105.