الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثَانِيًا: الْعَاقِدَانِ (الْمُودِعُ وَالْمُسْتَوْدَعُ)
يُشْتَرَطُ فِي كُلٍّ مِنَ الْمُودِعِ وَالْمُسْتَوْدَعِ مَا يَلِي:
(أ) شُرُوطُ الْمُودِعِ:
12 -
اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْمُودِعِ أَنْ يَكُونَ جَائِزَ التَّصَرُّفِ. (1) وَهُوَ الْعَاقِل الْمُمَيِّزُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، وَالْبَالِغُ الْعَاقِل الرَّشِيدُ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ.
وَعَلَى ذَلِكَ، فَلَوْ أَوْدَعَ طِفْلٌ أَوْ مَجْنُونٌ إِنْسَانًا مَالاً، فَلَا يَجُوزُ لَهُ قَبُول وَدِيعَتِهِ. فَإِنْ أَخَذَهَا مِنْهُ ضَمِنَهَا، وَلَا يَبْرَأُ مِنَ الضَّمَانِ إِلَاّ بِالتَّسْلِيمِ إِلَى النَّاظِرِ فِي مَالِهِ. قَال السِّمْنَانِيُّ: لأَِنَّهُ قَبِل مَالاً مِمَّنْ لَا يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ فِيهِ، كَمَا لَوْ غَصَبَ الْمُودِعُ وَعَلِمَ الْمُسْتَوْدَعُ بِالْغَصْبِ، وَقَبِل الْوَدِيعَةَ، (2) وَقَال الشَّيْخُ زَكَرِيَّا الأَْنْصَارِيُّ: لأَِنَّهُ مُقَصِّرٌ بِالأَْخْذِ مِمَّنْ لَيْسَ أَهْلاً
(1) بَدَائِعُ الصَّنَائِعِ 6 / 207، وَتُحْفَةُ الْمُحْتَاجِ 7 / 103، وَأَسْنَى الْمَطَالِبِ 3 / 75، وَرَوْضَةُ الطَّالِبِينَ 6 / 325، وَشَرْحُ مُنْتَهَى الإِْرَادَاتِ 2 / 450، وَكَشَّافُ الْقِنَاعِ 4 / 197، وَالْمُغْنِي 9 / 279، وَرَوْضَةُ الْقُضَاةِ 2 / 614، وَكِفَايَةُ الطَّالِبِ الرَّبَّانِيِّ وَحَاشِيَةُ الْعَدَوِيّ عَلَيْهِ 2 / 253، وَالْمُهَذَّبُ 1 / 366.
(2)
رَوْضَةُ الْقُضَاةِ 2 / 614.
لِلإِْيدَاعِ (1) . وَعَلَّل ذَلِكَ فِي كَشَّافِ الْقِنَاعِ: لأَِنَّهُ أَخَذَ مَال غَيْرِهِ بِغَيْرِ إِذْنٍ شَرْعِيٍّ، أَشْبَهَ مَا لَوْ غَصَبَهُ (2) .
وَقَدِ اسْتَثْنَى الْحَنَابِلَةُ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي الأَْصَحِّ وَابْنُ عَرَفَةَ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ مِنْ هَذَا الْحُكْمِ مَا لَوْ خَشِيَ الْوَدِيعُ هَلَاكَهَا فِي يَدِ الْمَحْجُورِ، فَأَخَذَهَا مِنْهُ حِسْبَةً، رَأْفَةً عَلَى الْمَال وَصَوْنًا لَهُ عَنِ الضَّيَاعِ، فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ، (3) وَقَدْ قَاسَ الْحَنَابِلَةُ ذَلِكَ عَلَى الْمَال الضَّائِعِ، وَالْمَوْجُودِ فِي مَفَازَةٍ ـ مَهْلَكَةٍ ـ إِذَا أَخَذَهُ شَخْصٌ لِيَحْفَظَهُ لِرَبِّهِ، وَتَلِفَ قَبْل التَّمَكُّنِ مِنْ رَدِّهِ، وَعَلَى مَا لَوْ أَخَذَ إِنْسَانٌ الْمَال الْمَغْصُوبَ مِنَ الْغَاصِبِ تَخْلِيصًا لَهُ، لِيَرُدَّهُ إِلَى مَالِكِهِ، فَتَلِفَ قَبْل التَّمَكُّنِ، فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُهُ؛ لأَِنَّهُ مُحْسِنٌ، وَمَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ. (4) وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: هُوَ كَمَا لَوْ خَلَّصَ الْمُحْرِمُ طَائِرًا مِنْ جَارِحَةٍ، فَأَمْسَكَهُ لِيَحْفَظَهُ وَيَتَعَهَّدَهُ فَتَلِفَ، فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُهُ. (5)
أَمَّا ابْنُ عَرَفَةَ فَقَدْ قَال: وَالأَْظْهَرُ أَنَّ شَرْطَ
(1) أَسْنَى الْمَطَالِبِ 3 / 75.
(2)
كَشَّافُ الْقِنَاعِ 4 / 197.
(3)
كَشَّافُ الْقِنَاعِ 4 / 177 ـ 178، وَرَوْضَةُ الطَّالِبِينَ 6 / 325، وَأَسْنَى الْمَطَالِبِ 3 / 75 وَمَوَاهِبُ الْجَلِيل 5 / 252.
(4)
كَشَّافُ الْقِنَاعِ 4 / 177 ـ 178.
(5)
أَسْنَى الْمَطَالِبِ 3 / 75.