الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثَامِنًا: أَكْل مَا مَسَّتْهُ النَّارُ:
155 -
اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي انْتِقَاضِ الْوُضُوءِ بِأَكْل مَا مَسَّتْهُ النَّارُ عَلَى قَوْلَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: لَا يَجِبُ الْوُضُوءُ بِأَكْل شَيْءٍ مِمَّا مَسَّتْهُ النَّارُ، وَبِهِ قَال جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ، وَهُوَ مَحْكِيٌّ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ وَأَبِي طَلْحَةَ وَأَبِي الدَّرْدَاءِ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَعَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ وَأَبِي أُمَامَةَ رضي الله عنهم وَبِهِ قَال جُمْهُورُ التَّابِعِينَ وَالْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ.
وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ: " أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَكَل كَتِفَ شَاةٍ ثُمَّ صَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ "(1)، وَبِمَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:" الْوُضُوءُ مِمَّا يَخْرُجُ وَلَيْسَ مِمَّا يَدْخُل "(2)، قَال ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: يَعْنِي الْخَارِجَ النَّجِسَ وَلَمْ يُوجَدْ، وَبِمَا رَوَى جَابِرٌ
_________
- رضي الله عنه قَال: " كَانَ آخِرُ الأَْمْرَيْنِ مِنْ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَرْكَ الْوُضُوءِ مِمَّا غَيَّرَتِ النَّارُ "(1) .
وَالثَّانِي: يَجِبُ الْوُضُوءُ مِمَّا مَسَّتْهُ النَّارُ، وَهُوَ قَوْل عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَالْحَسَنِ وَالزُّهْرِيُّ وَأَبِي قِلَابَةَ وَأَبِي مِجْلَزٍ، وَحَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ: ابْنِ عُمَرَ وَأَبِي طَلْحَةَ وَأَبِي مُوسَى وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَعَائِشَةَ رضي الله عنهم، (2) وَاحْتَجُّوا بِمَا رَوَاهُ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَأَبُو هُرَيْرَةَ وَعَائِشَةُ رضي الله عنهم عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَال:" تَوَضَّئُوا مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ "(3) .
تَاسِعًا: الْوُضُوءُ مِنْ أَكْل لَحْمِ الْجَزُورِ:
156 -
اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي نَقْضِ الْوُضُوءِ بِأَكْل لَحْمِ الْجَزُورِ وَالإِْبِل، عَلَى قَوْلَيْنِ:
(1) وَالْمُغْنِي 1 / 191. وَكَشَّاف الْقِنَاع 1 / 130، وَمُغْنِي الْمُحْتَاج 1 / 32، وَالْمَجْمُوعِ 2 / 56 - 60، وَبِدَايَة الْمُجْتَهِدِ 1 / 90 ط دَار السَّلَامِ، حَدِيث ابْن عَبَّاسٍ: حَدِيث: حَدِيث جَابِر بْن عَبْد اللَّه: بَدَائِع الصَّنَائِع 1 / 32، وَالشَّرْح الْكَبِير 1 / 123،
الأَْوَّل: يَرَى جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ (الْحَنَفِيَّةُ، وَالْمَالِكِيَّةُ، وَالشَّافِعِيَّةُ فِي الْجَدِيدِ الصَّحِيحِ، وَالْحَنَابِلَةُ فِي قَوْلٍ) وَهُوَ مَا حُكِيَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ وَأَبِي طَلْحَةَ وَأَبِي الدَّرْدَاءِ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَعَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ وَأَبِي أُمَامَةَ رضي الله عنهم أَنَّهُ لَا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ كَأَكْل سَائِرِ الأَْطْعِمَةِ.
وَلِحَدِيثِ: " الْوُضُوءُ مِمَّا يَخْرُجُ وَلَيْسَ مِمَّا يَدْخُل "(1) .
قَال ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنه: الْوُضُوءُ مِمَّا يَخْرُجُ، يَعْنِي الْخَارِجَ مِنَ النَّجِسِ وَلَمْ يُوجَدْ، قَال الْكَاسَانِيُّ: وَالْمَعْنَى فِي الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْحَدَثَ هُوَ خُرُوجُ النَّجِسِ حَقِيقَةً أَوْ مَا هُوَ سَبَبُ الْخُرُوجِ، وَلَمْ يُوجَدْ.
الثَّانِي: يَجِبُ الْوُضُوءُ مِنْ أَكْل لَحْمِ الْجَزُورِ خَاصَّةً: لَا فَرْقَ بَيْنَ قَلِيلِهِ وَكَثِيرِهِ، وَكَوْنُهُ نَيْئًا أَوْ غَيْرَ نَيْئٍ، وَهُوَ قَوْل الشَّافِعِيِّ فِي الْقَدِيمِ، وَإِسْحَاقَ بْنِ رَاهْوَيْهِ، وَيَحْيَى بْنِ يَحْيَى، وَحَكَاهُ الْمَاوَرْدِيُّ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ: زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَابْنِ عُمَرَ وَأَبِي مُوسَى وَأَبِي طَلْحَةَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَعَائِشَةَ، وَحَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ
_________
عَنْ جَابِرٍ الصَّحَابِيِّ رضي الله عنه، وَمُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ وَأَبِي ثَوْرٍ وَأَبِي خَيْثَمَةَ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ وَابْنُ الْمُنْذِرِ (1) .
وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثِ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ رضي الله عنه: " أَنَّ رَجُلاً سَأَل رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَأَتَوَضَّأُ مِنْ لُحُومِ الْغَنَمِ؟ قَال: إِنْ شِئْتَ فَتَوَضَّأْ، وَإِنْ شِئْتَ فَلَا تَوَضَّأَ، قَال: أَتَوَضَّأُ مِنْ لُحُومِ الإِْبِل؟ قَال: نَعَمْ، فَتَوَضَّأْ مِنْ لُحُومِ الإِْبِل "(2) .
وَعَنِ الْبَرَاءِ رضي الله عنه: " سُئِل رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْوُضُوءِ مِنْ لُحُومِ الإِْبِل فَقَال: تَوَضَّئُوا مِنْهَا "(3) .
وَلِلْحَنَابِلَةِ فِي نَقْضِ الْوُضُوءِ بِأَكْل لُحُومِ الإِْبِل تَفْصِيلٌ:
فَالْمَذْهَبُ أَنَّ الْوُضُوءَ يَنْتَقِضُ بِأَكْل لُحُومِ الْجَزُورِ، سَوَاءٌ عَلِمَهُ أَوْ جَهِلَهُ، وَسَوَاءٌ كَانَ نَيْئًا
(1) حَدِيث: بَدَائِع الصَّنَائِع 1 / 32 - 33، وَبِدَايَة الْمُجْتَهِدِ 1 / 90 ط دَار السَّلَامِ، وَالْمَجْمُوعِ 2 / 56 - 60، وَمُغْنِي الْمُحْتَاج 1 / 32، وَكَشَّاف الْقِنَاع 1 / 130، وَالإِْنْصَاف 1 / 216، وَنِيل الأَْوْطَار 1 / 200.