وَالصِّلَةُ بَيْنَهُمَا أَنَّ كُلًّا مِنَ الْوَصِيَّةِ وَالْهِبَةِ تَمْلِيكٌ لَكِنَّ الْوَصِيَّةَ - الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤٣

وَالصِّلَةُ بَيْنَهُمَا أَنَّ كُلًّا مِنَ الْوَصِيَّةِ وَالْهِبَةِ تَمْلِيكٌ لَكِنَّ الْوَصِيَّةَ بَعْدَ الْمَوْتِ وَالْهِبَةَ حَال الْحَيَاةِ.

ج -‌

‌ الصَّدَقَةُ:

4 -

الصَّدَقَةُ فِي اللُّغَةِ: بِفَتْحِ الصَّادِ وَالدَّال - مَا أَعْطَيْتَهُ فِي ذَاتِ اللَّهِ تَعَالَى وَفِي الاِصْطِلَاحِ: تَمْلِيكُ شَيْءٍ بِغَيْرِ عِوَضٍ فِي الْحَيَاةِ لِمُحْتَاجٍ لأَِجْل ثَوَابِ الآْخِرَةِ (1) .

وَالصِّلَةُ بَيْنَ الْوَصِيَّةِ وَالصَّدَقَةِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا تَمْلِيكٌ إِلَاّ أَنَّ الصَّدَقَةَ تَمْلِيكٌ فِي الْحَيَاةِ وَالْوَصِيَّةَ تَمْلِيكٌ مُضَافٌ لِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ.

‌

‌مَشْرُوعِيَّةُ الْوَصِيَّةِ:

5 -

الْوَصِيَّةُ مَشْرُوعَةٌ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالإِْجْمَاعِ وَالْمَعْقُول. (2)

أَمَّا الْكِتَابُ: فَقَوْلُهُ تَعَالَى فِي تَوْزِيعِ الْمِيرَاثِ وَالتَّرِكَةِ: {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ} . وَقَوْلُهُ عز وجل: {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ

تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ (1) } ، فَهَذَانَ النَّصَّانِ جَعَلَا الْمِيرَاثَ حَقًّا مُؤَخَّرًا عَنْ تَنْفِيذِ الْوَصِيَّةِ وَأَدَاءِ الدَّيْنِ، لَكِنَّ الدَّيْنَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْوَصِيَّةِ، لِقَوْل عَلِيٍّ رضي الله عنه: " إِنَّكُمْ تَقْرَءُونَ هَذِهِ الآْيَةَ:

{مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ} وَأَنَّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَضَى بِالدَّيْنِ قَبْل الْوَصِيَّةِ (2) .

وَحِكْمَةُ تَقْدِيمِهَا فِي الآْيَةِ: أَنَّهَا لَمَّا أَشْبَهَتِ الْمِيرَاثَ فِي كَوْنِهَا بِلَا عِوَضٍ، فَكَانَ فِي إِخْرَاجِهَا مَشَقَّةٌ عَلَى الْوَارِثِ، فَقُدِّمَتْ حَثًّا عَلَى إِخْرَاجِهَا.

وَأَمَّا السُّنَّةُ: فَحَدِيثُ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ قَال: قُلْتُ: يَا رَسُول اللَّهِ، أَنَا ذُو مَالٍ، وَلَا يَرِثُنِي إِلَاّ ابْنَةٌ لِي وَاحِدَةٌ، أَفَأَتَصَدَّقُ بِثُلُثَيْ مَالِي؟ قَال: لَا، قُلْتُ: أَفَأَتَصَدَّقُ بِشَطْرِهِ؟ قَال: لَا، الثُّلُثُ، وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ، إِنَّكَ إِنْ تَذَرْ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَذَرَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ (3) .