الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْوَدِيعَةُ أَمَانَةٌ فِي يَدِ الْوَدِيعِ. وَبِنَاءً عَلَيْهِ: إِذَا هَلَكَتْ بِلَا صُنْعِ الْوَدِيعِ أَوْ تَعَدِّيهِ أَوْ تَقْصِيرِهِ فِي الْحِفْظِ، فَلَا يَلْزَمُهُ الضَّمَانُ، إِلَاّ إِذَا كَانَ الإِْيدَاعُ بِأُجْرَةٍ عَلَى حِفْظِ الْوَدِيعَةِ، فَهَلَكَتْ أَوْ ضَاعَتْ بِسَبَبٍ يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ مِنْهُ، لَزِمَ الْوَدِيعَ ضَمَانُهَا.
فَوَجْهُ تَضْمِينِ الْوَدِيعِ بِأَجْرٍ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ عِنْدَهُمْ: أَنَّ الْحِفْظَ مُسْتَحَقٌّ عَلَيْهِ فِيهَا؛ لأَِنَّهُ مُسْتَأْجِرٌ عَلَى الْحِفْظِ قَصْدًا، إِذِ الْعَقْدُ عِقْدُ الْحِفْظِ، وَالأَْجْرُ فِي مُقَابِل الْحِفْظِ، وَالْمَتَاعِ فِي يَدِ الأَْجِيرِ. (1) وَيَتَفَرَّعُ عَنِ الْقَوْل بِكَوْنِ الْوَدِيعَةِ أَمَانَةً مَا يَلِي:
أ -
اشْتِرَاطُ الضَّمَانِ فِي الْوَدِيعَةِ أَوْ عَدَمِهِ:
19 -
إِذَا اشْتَرَطَ رَبُّ الِوَدِيعَةِ عَلَى الْوَدِيعِ ضَمَانَهَا، فَقَبِل، أَوْ قَال لِلْمُودِعِ: أَنَا ضَامِنٌ لَهَا، فَتَلِفَتْ أَوْ سُرِقَتْ مِنْ غَيْرِ تَعَدِّيهِ أَوْ تَفْرِيطِهِ فِي الْمُحَافَظَةِ عَلَيْهَا، فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ؛ لأَِنَّ اشْتِرَاطَ الضَّمَانِ عَلَى الأَْمِينِ بَاطِلٌ، وَجَعْل مَا أَصْلُهُ أَمَانَةٌ مَضْمُونًا بِالشَّرْطِ لَا يَصِحُّ، كَمَال الْمُضَارَبَةِ وَالشَّرِكَةِ وَالْوَكَالَةِ. وَبِذَلِكَ قَال جُمْهُورُ أَهْل الْعِلْمِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ
(1) شَرْحُ الْمَجَلَّةِ لِلأَْتَاسِيِّ 3 / 243، وَرَدُّ الْمُحْتَارِ 4 / 494.
وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ وَالثَّوْرِيِّ وَإِسْحَاقَ وَابْنِ الْمُنْذِرِ وَغَيْرِهِمْ. (1)
وَقَدْ عَلَّل الْفُقَهَاءُ ذَلِكَ بِأَنَّ هَذَا الشَّرْطَ مُنَافٍ لِمُقْتَضَى الْعَقْدِ وَمُفَوِّتٌ لِمُوجِبِهِ، فَلَا يُعْتَبَرُ.
قَال الزُّرْقَانِيُّ: شَرْطُ ضَمَانِهَا يُخْرِجُهَا عَنْ حَقِيقَتِهَا، وَيُخَالِفُ مَا يُوجِبُهُ الْحُكْمُ، (2) وَقَال ابْنُ قُدَامَةَ: وَلأَِنَّ شَرْطَ ضَمَانِ مَا لَمْ يُوجَدْ سَبَبُ ضَمَانِهِ، فَلَمْ يَلْزَمْهُ، كَمَا لَوْ شَرَطَ ضَمَانَ مَا يَتْلَفُ فِي يَدٍ مَالِكِهِ (3) .
وَحُكِيَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ الْعَنْبَرِيِّ أَنَّهُ خَالَفَ فِي ذَلِكَ وَقَال بِضَمَانِهِ بِالشَّرْطِ. (4)
وَلَوْ أَوْدَعَهَا بِشَرْطِ عَدَمِ ضَمَانِ الْوَدِيعِ إِذَا تَعَدَّى عَلَيْهَا أَوْ فَرَّطَ فِي حِفْظِهَا، فَقَدْ قَال الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ لَا يَصِحُّ هَذَا الشَّرْطُ، لأَِنَّهُ
(1) الْبَحْرُ الرَّائِقُ 7 / 274، وَمَجْمَعُ الأَْنْهُرِ 2 / 338، وَالدُّرُّ الْمُخْتَارُ 4 / 494، وَرَوْضَةُ الْقُضَاةِ 2 / 617، وَالْمُهَذَّبُ 1 / 366، وَالإِْشْرَافُ عَلَى مَسَائِل الْخِلَافِ لِلْقَاضِي عَبْدِ الْوَهَّابِ 2 / 42، وَالزُّرْقَانِيَّ عَلَى خَلِيلٍ 6 / 117، وَبِدَايَةُ الْمُجْتَهِدِ 2 / 311، وَالإِْشْرَافُ لاِبْنِ الْمُنْذِرِ 1 / 266، وَحَاشِيَةُ الرَّمْلِيِّ عَلَى أَسْنَى الْمَطَالِبِ 3 / 76، وَالْمُغْنِي 9 / 258، وَكَشَّافُ الْقِنَاعِ 4 / 187.
(2)
الزُّرْقَانِيُّ عَلَى خَلِيلٍ 6 / 117.
(3)
الْمُغْنِي 9 / 258.
(4)
الإِْشْرَافُ لِلْقَاضِي عَبْدِ الْوَهَّابِ 2 / 42، وَالإِْشْرَافُ لاِبْنِ الْمُنْذِرِ 1 / 266.