الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَأُولِي الأَْمْرِ مِنْكُمْ (1) } وَمَحَل الشَّاهِدِ قَوْلُهُ تَعَالَى: مِنْكُمْ أَيْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَلأَِنَّ الْمَطْلُوبَ الطَّاعَةُ فِي تَنْفِيذِ الأَْحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ الَّتِي وَرَدَتْ فِي النُّصُوصِ الشَّرْعِيَّةِ فِي الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ، وَكُلُّهَا تَشْتَرِطُ الإِْسْلَامَ، وَتَمْنَعُ غَيْرَ الْمُسْلِمِ مِنَ الْوِلَايَةِ، قَال اللَّهُ تَعَالَى:{وَلَنْ يَجْعَل اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً (2) } .
ب ـ الذُّكُورَةُ:
يُشْتَرَطُ فِي الْوَزِيرِ أَنْ يَكُونَ رَجُلاً، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{الرِّجَال قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّل اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ (3) } ، وَقَوَامَةُ الرَّجُل لَيْسَتْ قَاصِرَةً عَلَى الْبَيْتِ، بَل تَشْتَمِل الْوِلَايَاتِ الْعَامَّةَ فِي الدَّوْلَةِ، وَلِقَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهُمُ امْرَأَةً (4) .
وَلَمْ يَثْبُتْ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَفِي عَهْدِ الرَّاشِدِينَ، وَمَنْ بَعْدَهُمْ وِلَايَةٌ عَامَّةٌ لاِمْرَأَةٍ.
ج ـ الْعَقْل وَالرُّشْدُ:
يُشْتَرَطُ فِي الْوَزِيرِ أَنْ يَكُونَ عَاقِلاً رَاشِدًا، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْعَقْل مُجَرَّدَ الْحَدِّ الْمَطْلُوبِ لِتَكْلِيفِ الأَْحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ، أَوِ الرُّشْدَ فِي الأُْمُورِ الْمَالِيَّةِ، بَل يُشْتَرَطُ كَمَال
(1) سورة النساء / 59.
(2)
سورة النساء / 141.
(3)
سورة النساء / 34.
(4)
حديث: " لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة ". أخرجه البخاري (فتح الباري 8 / 126) من حديث أبي بكرة رضي الله عنه.
الْعَقْل الْمُقْتَرِنِ بِالنُّضْجِ وَالْخِبْرَةِ، وَالْمَعْرِفَةِ بِجَوَانِبِ الأُْمُورِ، وَالْقُدْرَةِ عَلَى النَّظَرِ فِي الْوَقَائِعِ وَالْخَفَايَا وَإِدَارَةِ الدَّوْلَةِ، وَكَشْفِ الدَّسَائِسِ ضِدَّهَا، وَالْعَمَل عَلَى إِحْكَامِ الْخُطَطِ وَالتَّدْبِيرِ الدَّقِيقِ، وَفِي ذَلِكَ يَقُول الْمَاوَرْدِيُّ فِي شُرُوطِ الْقَاضِي: وَلَا يُكْتَفَى فِيهِ بِالْعَقْل الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِهِ التَّكْلِيفُ مِنْ عِلْمِهِ بِالْمُدْرَكَاتِ الضَّرُورِيَّةِ حَتَّى يَكُونَ صَحِيحَ التَّمْيِيزِ، جَيِّدَ الْفِطْنَةِ، بَعِيدًا عَنِ السَّهْوِ وَالْغَفْلَةِ، يَتَوَصَّل بِذَكَائِهِ إِلَى إِيضَاحِ مَا أَشْكَل، وَفَصْل مَا أَعْضَل (1) ، وَوَزِيرُ التَّفْوِيضِ قَاضٍ يَحْكُمُ وَيَفْصِل كَمَا سَنَرَى، وَيُعِينُ الْقُضَاةَ وَالْوُلَاةَ وَالْحُكَّامَ، وَيُدِيرُ أُمُورَ الدَّوْلَةِ الدَّاخِلِيَّةَ وَالْخَارِجِيَّةَ.
وَيَرَى بَعْضُهُمْ فِي الرُّشْدِ: أَنَّهُ يُشْتَرَطُ بُلُوغُ أَرْبَعِينَ سَنَةً، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَال رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدِيَّ (2) } ، لأَِنَّ النُّضُوجَ الْعَقْلِيَّ وَالاِسْتِقْرَارَ الْعَاطِفِيَّ يَتِمُّ فِي هَذِهِ السِّنِّ، وَهِيَ السِّنُّ الَّتِي يُصْطَفَى فِيهَا الأَْنْبِيَاءُ وَالرُّسُل، وَيُوحَى إِلَيْهِمْ، قَال الرَّاغِبُ الأَْصْفَهَانِيُّ: إِنَّ الإِْنْسَانَ إِذَا بَلَغَ هَذَا الْقَدْرَ يَتَقَوَّى خُلُقُهُ الَّذِي هُوَ عَلَيْهِ، فَلَا يَكَادُ يُزَايِلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ (3) .
(1) الأحكام السلطانية للماوردي ص65.
(2)
سورة الأحقاف / 15.
(3)
مفردات ألفاظ القرآن ص447.