الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(م) ـ نَقْل الْوَدِيعَةِ:
63 -
اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي تَضْمِينِ الْوَدِيعِ بِنَقْل الْوَدِيعَةِ مِنْ مَحَلَّةٍ إِلَى أُخْرَى أَوْ مِنْ دَارٍ إِلَى أُخْرَى وَنَحْوَ ذَلِكَ إِذَا أَطْلَقَ الْمَالِكُ مَوْضِعَ الإِْحْرَازِ، فَلَمْ يُعَيِّنْ مَكَانًا لَهُ، وَذَلِكَ عَلَى النَّحْوِ التَّالِي:
قَال الْمَالِكِيَّةُ: إِذَا نَقَل الْوَدِيعُ الْوَدِيعَةَ مِنْ بَلَدٍ إِلَى بَلَدٍ ضَمِنَ، لِتَعَدِّيهِ بِذَلِكَ أَمَّا إِذَا نَقَلَهَا مِنْ مَنْزِلٍ لآِخَرَ، فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ (1) . وَقَدْ جَاءَ فِي التَّاجِ وَالإِْكْلِيل: عَنْ أَشْهَبَ وَعَبْدِ الْمَلِكِ: مَنْ أَوْدَعَ جِرَارًا فِيهَا إِدَامٌ، أَوْ قَوَارِيرَ فِيهَا دُهْنٌ، فَنَقَلَهَا مِنْ مَوْضِعٍ فِي بَيْتِهِ إِلَى مَوْضِعٍ، فَانْكَسَرَتْ فِي مَوْضِعِهَا ذَلِكَ، لَمْ يَضْمَنْهَا (2) .
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: إِذَا نَقَل الْوَدِيعُ الْوَدِيعَةَ ـ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ ـ مِنْ مَحَلَّةٍ أَوْ دَارٍ إِلَى أُخْرَى دُونَهَا فِي الْحِرْزِ، وَإِنْ كَانَ حِرْزَ مِثْلِهَا، ضَمِنَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ سَوَاءٌ أَنَهَاهُ عَنِ الْفِعْل أَمْ عَيَّنَ لَهُ تِلْكَ الْمَحَلَّةَ أَمْ أَطْلَقَ، لأَِنَّهُ عَرَّضَهَا لِلتَّلَفِ بِذَلِكَ، سَوَاءٌ أُتْلِفَتْ بِسَبَبِ النَّقْل أَمْ لَا. فَإِنْ لَمْ تَكُنْ دُونَهَا فِيهِ، بِأَنْ كَانَتْ مِثْلَهَا فِيهِ أَوْ أَحْرَزَ مِنْهَا، فَلَا يَضْمَنُ.
(1) الْقَوَانِين الْفِقْهِيَّة ص 379.
(2)
التَّاج وَالإِْكْلِيل للمواق 5 / 250.
وَلَوْ نَقَلَهَا مِنْ بَيْتٍ إِلَى بَيْتٍ فِي دَارٍ وَاحِدَةٍ، فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ الأَْوَّل أُحْرِزَ، إِلَاّ أَنْ يَنْقُلَهَا بِنِيَّةِ التَّعَدِّي.
وَكَذَا لَا يَضْمَنُ إِذَا نَقَلَهَا مِنْ حِرْزٍ إِلَى مِثْلِهِ أَوْ فَوْقِهِ، وَلَوْ فِي قَرْيَةٍ أُخْرَى، لَا سَفَرَ بَيْنَهُمَا وَلَا خَوْفَ، إِذْ لَا يَتَفَاوَتُ الْغَرَضُ بِذَلِكَ، فَهُوَ كَمَا لَوِ اكْتَرَى أَرْضًا لَزَرَعَ حِنْطَةً، فَلَهُ أَنْ يَزْرَعَ مَا ضَرَرُهُ مِثْل ضَرَرِهَا وَدُونَهُ (1) .
وَقَدْ جَاءَ فِي الأُْمِّ لِلشَّافِعِيِّ: وَلَوِ اسْتَوْدَعَهُ إِيَّاهَا فِي قَرْيَةٍ آهِلَةٍ، فَانْتَقَل إِلَى قَرْيَةٍ غَيْرِ آهِلَةٍ، أَوْ فِي عِمْرَانٍ مِنَ الْقَرْيَةِ، فَانْتَقَل إِلَى خَرَابٍ مِنَ الْقَرْيَةِ، وَهَلَكَتْ، ضَمِنَ فِي الْحَالَيْنِ.
وَلَوِ اسْتَوْدَعَهُ إِيَّاهَا فِي خَرَابٍ، فَانْتَقَل إِلَى عِمَارَةٍ، أَوْ فِي مُخَوِّفٍ، فَانْتَقَل إِلَى مَوْضِعٍ آمِنٍ، لَمْ يَكُنْ ضَامِنًا، لأَِنَّهُ زَادَهُ خَيْرًا (2) .
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: إِذَا أَوْدَعَهُ وَدِيعَةً، وَلَمْ يُعَيِّنْ لَهُ مَوْضِعَ إِحْرَازِهَا، فَإِنَّ الْوَدِيعَ يَحْفَظُهَا فِي حِرْزِ مِثْلِهَا، أَيِّ مَوْضِعٍ شَاءَ. فَإِنْ وَضَعَهَا فِي حِرْزٍ، ثُمَّ نَقَلَهَا عَنْهُ إِلَى حِرْزِ مِثْلِهَا، لَمْ
(1) الْقَلْيُوبِيّ وَعَمِيرَة 3 / 183، وَرَوْضَة الطَّالِبِينَ 6 / 331، وَأَسْنَى الْمَطَالِب 3 / 78، تُحْفَة الْمُحْتَاج وَحَاشِيَة الْعِبَادِيّ عَلَيْهِ 7 / 111، وَمُغْنِي الْمُحْتَاج 3 / 84.
(2)
الأُْمّ 4 / 61.