الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
غَيْرِ حَاجَّةٍ، لأَِنَّهُ يُخْرِجُهُ مِنْ يَدِهِ فَلَمْ يَجُزْ، فَإِنْ خَافَ مِنْ نَهْبٍ أَوْ حَرِيقٍ أَوْ غَرَقٍ أَوْ أَرَادَ سَفَرًا وَخَافَ عَلَيْهِ جَازَ لَهُ الإِْيدَاعُ وَالإِْقْرَاضُ، فَإِنْ قَدَرَ عَلَى الإِْيدَاعِ دُونَ الإِْقْرَاضِ أَوْدَعَ، وَلَا يُودِعُ إِلَاّ ثِقَةً، وَإِنْ قَدَرَ عَلَى الإِْقْرَاضِ دُونَ الإِْيدَاعِ أَقْرَضَهُ، وَلَا يُقْرِضُهُ إِلَاّ ثِقَةً مَلِيئًا، لأَِنَّ غَيْرَ الثِّقَةِ يَجْحَدُ، وَغَيْرَ الْمَلِيءِ لَا يُمْكِنُ أَخْذُ الْبَدَل مِنْهُ، فَإِنْ أَقْرَضَ وَرَأَى أَخْذَ الرَّهْنِ عَلَيْهِ أَخَذَ، وَإِنْ رَأَى تَرْكَ الرَّهْنِ لَمْ يَأْخُذْ، وَإِنْ قَدَرَ عَلَى الإِْيدَاعِ وَالإِْقْرَاضِ فَالإِْقْرَاضُ أَوْلَى، لأَِنَّ الْقَرْضَ مَضْمُونٌ بِالْبَدَل، وَالْوَدِيعَةَ غَيْرُ مَضْمُونَةٍ، فَكَانَ الْقَرْضُ أَحْوَطَ، فَإِنْ تَرَكَ الإِْقْرَاضَ وَأَوْدَعَ فَفِيهِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا يَجُوزُ، لأَِنَّهُ يَجُوزُ كُل وَاحِدٍ مِنْهُمَا، فَإِذَا قَدَرَ عَلَيْهِمَا تَخَيَّرَ بَيْنَهُمَا، وَالثَّانِي لَا يَجُوزُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَلَا تَقْرَبُوا مَال الْيَتِيمِ إِلَاّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ (1) } ، وَالإِْقْرَاضُ هَاهُنَا أَحْسَنُ، فَلَمْ يَجُزْ تَرْكُهُ.
وَيَجُوزُ أَنْ يَقْتَرِضَ لَهُ إِذَا دَعَتْ إِلَيْهِ الْحَاجَةُ وَيَرْهَنُ مَالَهُ عَلَيْهِ لأَِنَّ فِي ذَلِكَ مَصْلَحَةً لَهُ فَجَازَ. (2)
وَزَادَ الْحَنَابِلَةُ: قَرْضُ الْوَلِيِّ مَال مَحْجُورِهِ لِثِقَةٍ أَوْلَى مِنْ إِيدَاعِهِ، لأَِنَّهُ أَحْفَظُ لَهُ، فَإِنْ أَوْدَعَهُ الْوَلِيُّ مَعَ إِمْكَانِ قَرْضِهِ جَازَ لَهُ ذَلِكَ،
(1) سُورَة الأَْنْعَام: 152.
(2)
الْمُهَذَّب 1 / 336.
وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إِنْ تَلِفَ لِعَدَمِ تَفْرِيطِهِ. (1)
دَفْعُ الْوَصِيِّ مَال الصَّغِيرِ إِعَارَةً:
71 -
اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي جَوَازِ إِعَارَةِ الْوَصِيِّ مَال الصَّغِيرِ.
فَذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّهُ لَيْسَ لِلْوَصِيِّ إِعَارَةُ مَال الْمُوصَى عَلَيْهِ، لأَِنَّ الإِْعَارَةَ تَمْلِيكٌ أَوْ إِبَاحَةٌ لِلْمَنْفَعَةِ بِغَيْرِ عِوَضٍ، وَهِيَ نَوْعٌ مِنَ التَّبَرُّعِ يُنَافِي الْمَقْصُودَ مِنَ الْوَصِيَّةِ وَهُوَ الْحِفْظُ، وَلأَِنَّهُ لَا حَظَّ فِيهَا لِلْمُوصَى عَلَيْهِ، فَتَكُونُ ضَرَرًا مَحْضًا بِالنِّسْبَةِ لَهُ، فَلَا يَمْلِكُهَا الْوَصِيُّ. (2)
وَذَهَبَ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ فِي الاِسْتِحْسَانِ إِلَى أَنَّ لِلْوَصِيِّ إِعَارَةَ مَال الْمُوصَى عَلَيْهِ لأَِنَّ الإِْعَارَةَ مِنْ تَوَابِعِ التِّجَارَةِ وَضَرُورَاتِهَا، فَتُمَلَّكُ بِمِلْكِ التِّجَارَةِ، وَلِهَذَا مَلَّكَهَا الْمَأْذُونُ لَهُ بِالتِّجَارَةِ. (3)
خَلْطُ الْوَصِيِّ مَالَهُ بِمَال الْمُوصَى عَلَيْهِ:
72 -
الأَْصْل أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْوَصِيِّ التَّصَرُّفُ فِي مَال الْيَتِيمِ إِلَاّ عَلَى وَجْهِ الْحَظِّ لَهُ (4)
(1) كَشَّاف الْقِنَاع 3 / 449.
(2)
الْبَدَائِع 5 / 154، وَالْقَوَانِين الْفِقْهِيَّة ص378، وَمُغْنِي الْمُحْتَاج 2 / 264، وَمُطَالَب أُولِي النُّهَى 3 / 724، وَكَشَّاف الْقِنَاع 4 / 63.
(3)
الْبَدَائِع 5 / 154، وَرَدّ الْمُحْتَارِ عَلَى الدَّرِّ الْمُخْتَارِ 5 / 463.
(4)
الذَّخِيرَة 8 / 240، وَالإِْنْصَاف 5 / 325.