الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اخْتِلَافُ الْوَصِيَّيْنِ فِي حِفْظِ الْمَال وَقِسْمَتِهِ:
20 -
اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي جَوَازِ اقْتِسَامِ الْوَصِيَّيْنِ الْمَال الَّذِي هُوَ تَحْتَ وِصَايَتِهِمَا عِنْدَ اخْتِلَافِهِمَا فِي حِفْظِهِ عَلَى قَوْلَيْنِ:
الْقَوْل الأَْوَّل:
أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْوَصِيَّيْنِ قِسْمَةُ الْمَال الَّذِي تَحْتَ وِصَايَتِهِمَا بَيْنَهُمَا؛ لأَِنَّ الْوَصِيَّ أَرَادَ اجْتِمَاعَهُمَا عَلَى كُل جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ مَالِهِ، فَإِنِ اقْتَسَمَاهُ ضَمِنَا مَا تَلِفَ مِنْهُ لِتَعَدِّي وَاضِعِ الْيَدِ عَلَيْهِ بِاسْتِقْلَالِهِ بِهِ، وَالآْخَرِ لِرَفْعِ يَدِهِ عَنْهُ. وَهَذَا مَذْهَبُ الْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ (1) .
يَقُول الزُّرْقَانِيُّ: وَلَا يَجُوزُ لَهُمَا قِسْمَةُ الْمَال بَيْنَهُمَا، لأَِنَّهُ قَدْ يَزِيدُ بِاجْتِمَاعِهِمَا لأَِمَانَةِ أَحَدِهِمَا وَكِفَايَةِ الآْخَرِ، وَإِلَاّ بِأَنِ اقْتَسَمَاهُ ضَمِنَا مَا تَلِفَ مِنْهُ ـ وَلَوْ بِسَمَاوِيٍّ ظَاهِرٍ ـ ضَمَانَ الْجَمِيعِ مَا تَلِفَ عِنْدَهُ لاِسْتِبْدَادِهِ فِيهِ، وَمَا تَلِفَ عِنْدَ صَاحِبِهِ، لأَِنَّهُ رَفَعَ يَدَهُ عَنْهُ، وَهُوَ قَوْل عَبْدِ الْمَلِكِ.
وَلَهُ أَيْضًا أَنْ يَضْمَنَ مَا بِيَدِ صَاحِبِهِ خَاصَّةً دُونَ مَا هَلَكَ بِيَدِهِ. . ثُمَّ قَال: وَعُلِمَ أَنَّ الْقَوْلَيْنِ مُتَّفِقَانِ عَلَى أَنَّ كُل وَاحِدٍ يَضْمَنُ مَا سَلِمَ
(1) شَرْح الزُّرْقَانِيّ عَلَى مُخْتَصَر خَلِيل 8 / 201، وَالْمُغْنِي لاِبْن قُدَامَةَ 6 / 576، وَكَشَّاف الْقِنَاع 4 / 396.
لِصَاحِبِهِ، وَالْخِلَافُ إِنَّمَا هُوَ فِي ضَمَانِ كُل وَاحِدٍ مَا تَلِفَ بِيَدِهِ.
وَفَائِدَةُ ذَلِكَ أَنَّ كُل وَاحِدٍ غَرِيمٌ إِمَّا بِمَا فِي قَبْضَةِ صَاحِبِهِ، وَإِمَّا بِجَمِيعِ الْمَال (1) .
وَيَقُول ابْنُ قُدَامَةَ: وَإِذَا اخْتَلَفَ الْوَصِيَّانِ عِنْدَ مَنْ يُجْعَل الْمَال مِنْهُمَا، لَمْ يُجْعَل عِنْدَ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَلَمْ يُقْسَمْ بَيْنَهُمَا فِي مَكَانٍ تَحْتَ أَيْدِيهِمَا جَمِيعًا، لأَِنَّ الْمُوصِيَ لَمْ يَأْمَنْ أَحَدَهُمَا عَلَى حِفْظِهِ وَلَا التَّصَرُّفِ فِيهِ. . ثُمَّ قَال: وَلَنَا أَنَّ حِفْظَ الْمَال مِنَ الْمُوصَى بِهِ، فَلَمْ يَجُزْ لأَِحَدِهِمَا الاِنْفِرَادُ بِهِ، كَالتَّصَرُّفِ.
وَلأَِنَّهُ لَوْ جَازَ لِكُل وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَنْفَرِدَ بِحِفْظِ بَعْضِهِ لَجَازَ أَنْ يَنْفَرِدَ بِالتَّصَرُّفِ فِي بَعْضِهِ (2) .
الْقَوْل الثَّانِي:
يَرَى الْحَنَفِيَّةُ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْوَصِيَّيْنِ أَنْ يَقْتَسِمَا الْمَال بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ إِنْ كَانَ قَابِلاً لِلْقِسْمَةِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَابِلاً لِلْقِسْمَةِ فَيَرَى الْحَنَفِيَّةُ أَنَّهُمَا يَتَهَايَآنِ زَمَانًا أَوْ يُودِعَانِهِ عِنْدَ آخَرَ، لأَِنَّ لَهُمَا وِلَايَةَ الإِْيدَاعِ، وَقِيل: يُودَعُ عِنْدَ أَعْدَلِهِمَا.
(1) شَرْح الزُّرْقَانِيّ عَلَى مُخْتَصَر خَلِيل 8 / 201.
(2)
الْمُغْنِي لاِبْن قُدَامَةَ 6 / 576، وَكَشَّاف الْقِنَاع 4 / 396.