الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَأَخْرَجَهُ وَلَمْ يَسْتَرِدَّهُ، فَإِنْ كَتَبَهَا وَأَخْرَجَهُ وَلَمْ يَسْتَرِدَّهُ وَلَمْ يَمُتْ فَإِنَّ الْوَصِيَّةَ لَا تَبْطُل. (1)
وَصَرَّحَ الشَّافِعِيَّةُ بِأَنَّهُ يَجُوزُ تَعْلِيقُ الْوَصِيَّةِ عَلَى شَرْطٍ فِي الْحَيَاةِ، لأَِنَّهَا تَجُوزُ فِي الْمَجْهُول فَجَازَ تَعْلِيقُهَا بِالشَّرْطِ كَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَيَجُوزُ تَعْلِيقُهَا عَلَى شَرْطٍ بَعْدَ الْمَوْتِ، لأَِنَّ مَا بَعْدَ الْمَوْتِ فِي الْوَصِيَّةِ كَحَال الْحَيَاةِ. فَإِذَا جَازَ تَعْلِيقُهَا عَلَى شَرْطٍ فِي الْحَيَاةِ جَازَ بَعْدَ الْمَوْتِ. (2)
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: إِنْ عَلَّقَ الْوَصِيَّةَ عَلَى صِفَةٍ بَعْدَ مَوْتِهِ يَرْتَقِبُ وُقُوعَهَا كَقَوْلِهِ: أَوْصَيْتُ لَهُ بِكَذَا إِذَا مَرَّ شَهْرٌ بَعْدَ مَوْتِي صَحَّ، أَوْ قَال: وَصَّيْتُ لِفُلَانَةَ بِكَذَا إِذَا وَضَعَتْ بَعْدَ مَوْتِي صَحَّ التَّعْلِيقُ لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام: الْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ (3) وَثَبَتَ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ تَعْلِيقُهَا، لأَِنَّ الْوَصِيَّةَ لَا تَتَأَثَّرُ بِالْفَوْرِ فَأَوْلَى أَنْ لَا تَتَأَثَّرَ بِالتَّعْلِيقِ لِوُضُوحِ الأَْمْرِ وَقِلَّةِ الْغَرَرِ.
فَإِنْ كَانَتِ الصِّفَةُ لَا يُرْتَقَبُ وُقُوعُهَا بَعْدَ
(1) الشَّرْح الصَّغِير 4 / 587ـ588.
(2)
الْمُهَذَّب مَعَ تَكْمِلَةِ الْمَجْمُوعِ 14 / 339.
(3)
حَدِيث: " الْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ " أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيّ (3 / 626 ط الْحَلَبِيّ) فِي حَدِيثِ عَمْرو بْن عَوْف الْمُزَنِيّ وَقَال: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.
الْمَوْتِ فَقَدْ قَال الْبُهُوتِيُّ: فِي التَّعْلِيقِ عَلَيْهَا نَظَرٌ، وَالأَْوْلَى عَدَمُ جَوَازِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ إِضْرَارِ الْوَرَثَةِ بِطُول الاِنْتِظَارِ لَا إِلَى أَمَدٍ يُعْلَمُ. (1)
صِفَةُ الْوَصِيَّةِ مِنْ حَيْثُ اللُّزُومِ وَعَدَمِهِ وَالرُّجُوعِ عَنْهَا:
16 -
اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الْوَصِيَّةَ عَقْدٌ غَيْرُ لَازِمٍ، وَأَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمُوصِي فِي حَال حَيَاتِهِ الرُّجُوعُ عَنْهَا كُلِّهَا أَوْ بَعْضِهَا، سَوَاءٌ وَقَعَتْ مِنْهُ الْوَصِيَّةُ فِي حَال صِحَّتِهِ أَوْ مَرَضِهِ، " لِقَوْل عُمَرَ رضي الله عنه: يُغَيِّرُ الرَّجُل مَا شَاءَ فِي وَصِيَّتِهِ " (2) ، وَلأَِنَّهَا عَطِيَّةٌ أَوْ تَبَرُّعٌ لَمْ يَتِمَّ، يُنْجَزُ بِالْمَوْتِ، فَجَازَ الرُّجُوعُ عَنْهَا قَبْل تَنْجِيزِهَا كَالْهِبَةِ، وَلأَِنَّ الْقَبُول يَتَوَقَّفُ عَلَى الْمَوْتِ، وَالإِْيجَابُ يَصِحُّ إِبْطَالُهُ قَبْل الْقَبُول، كَمَا فِي الْبَيْعِ.
وَاتَّفَقُوا أَيْضًا عَلَى أَنَّ الرُّجُوعَ عَنِ الْوَصِيَّةِ يَكُونُ إِمَّا بِالْقَوْل أَوْ بِالدَّلَالَةِ.
وَالرُّجُوعُ بِالْقَوْل مِثْل أَنْ يَقُول الْمُوصِي: نَقَضْتُ الْوَصِيَّةَ أَوْ أَبْطَلْتُهَا أَوْ رَجَعْتُ فِيهَا، أَوْ فَسَخْتُهَا أَوْ أَزَلْتُهَا، أَوْ هُوَ حَرَامٌ عَلَى الْمُوصَى لَهُ، أَوْ هَذَا لِوَارِثِي وَنَحْوَ ذَلِكَ.
(1) كَشَّاف الْقِنَاع 4 / 351.
(2)
أَثَر عُمَر: يُغَيِّرُ الرَّجُل مَا شَاءَ فِي وَصِيَّتِهِ أَخْرَجَهُ عَبْد الرَّزَّاق فِي الْمُصَنَّفِ (9 / 71 ط الْمَجْلِس الْعِلْمِيّ) .