الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثَالِثًا: زَوَال الْعَقْل (الْحَدَثُ الْحُكْمِيُّ) :
زَوَال الْعَقْل قَدْ يَكُونُ بِ
النَّوْمِ
أَوِ الْجُنُونِ أَوِ السُّكْرِ أَوِ الإِْغْمَاءِ أَوِ الْغَشْيُ.
أ - النَّوْمُ:
اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي نَقْضِ الْوُضُوءِ بِالنَّوْمِ إِلَى رَأْيَيْنِ:
142 -
الرَّأْيُ الأَْوَّل:
يَرَى جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ أَنَّ النَّوْمَ نَاقِضٌ لِلْوُضُوءِ فِي الْجُمْلَةِ، وَاسْتَدَلُّوا بِحَدِيثِ " الْعَيْنُ وِكَاءُ السَّهِ، فَمَنْ نَامَ فَلْيَتَوَضَّأْ "(1) ،
(1) حَدِيث: " الْعَيْن وِكَاء السه. . " أَخْرَجَهُ ابْن مَاجَهْ (1 / 161 ط الْحَلَبِيّ) مِنْ حَدِيثِ عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب، وَحُسْنه النَّوَوِيّ فِي الْمَجْمُوعِ (2 / 14) .
وَحَدِيثِ إِنَّ الْعَيْنَيْنِ وِكَاءُ السَّهِ، فَإِذَا نَامَتِ الْعَيْنَانِ اسْتَطْلَقَ الْوِكَاءُ " (1) .
ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي بَعْضِ التَّفَاصِيل:
143 -
أَمَّا الْحَنَفِيَّةُ فَالنَّائِمُ عِنْدَهُمْ إِمَّا أَنْ يَكُونَ مُضْطَجِعًا أَوْ مُتَوَرِّكًا، أَوْ يَكُونَ مُسْتَنِدًا عَلَى شَيْءٍ لَوْ أُزِيل عَنْهُ لَسَقَطَ، أَوْ نَامَ قَائِمًا أَوْ رَاكِبًا أَوْ سَاجِدًا.
أ - فَإِنْ كَانَ مُضْطَجِعًا أَوْ مُتَوَرِّكًا نُقِضَ وُضُوؤُهُ لِحَدِيثِ: " إِنَّمَا الْوُضُوءُ عَلَى مَنْ نَامَ مُضْطَجِعًا "(2) إِنَّ مَنِ اضْطَجَعَ اسْتَرْخَتْ مَفَاصِلُهُ غَايَةَ الاِسْتِرْخَاءِ بِحَالَةِ الاِضْطِجَاعِ، فَيَكُونُ بِمَظِنَّةِ خُرُوجِ الرِّيحِ.
ب - وَأُلْحِقَ بِهِ مَنْ نَامَ مُتَوَرِّكًا لِزَوَال مَقْعَدَيْهِمَا مِنَ الأَْرْضِ.
وَإِنْ كَانَ مُسْتَنِدًا إِلَى شَيْءٍ لَوْ أُزِيل عَنْهُ لَسَقَطَ: فَهَذَا لَا يَخْلُو: إِمَّا أَنْ يَكُونَ مَقْعَدَتُهُ
(1) حَدِيث: " إِنَّ الْعَيْنَيْنِ وِكَاء السه. . " أَخْرَجَهُ أَحْمَد (4 / 97 ط الميمنية) مِنْ حَدِيثِ مُعَاوِيَة بْن أَبِي سُفْيَان، وَذِكْر الهيثمي فِي الْمَجْمَعِ (1 / 247 ط الْمُقَدِّسِي) أَنَّ فِي إِسْنَادِهِ رَاوِيًا ضَعِيفًا.
(2)
حَدِيث: " إِنَّمَا الْوُضُوءُ عَلَى مَنْ نَامَ مُضْطَجِعًا. . " أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد (1 / 139 حِمْص) مِنْ حَدِيثِ ابْن عَبَّاسٍ، وَنُقِل ابْن حَجَرٍ فِي التَّلْخِيصِ (1 / 336 - ط الْعِلْمِيَّة) عَنِ التِّرْمِذِيَّ أَنَّ أَحْمَد وَالْبُخَارِيّ ضِعْفَا هَذَا الْحَدِيثِ.
زَائِلَةً مِنَ الأَْرْضِ أَوْ لَا، فَإِنْ كَانَتْ زَائِلَةً نَقَضَ بِالإِْجْمَاعِ بَيْنَ أَئِمَّتِهِمْ، وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ زَائِلَةٍ ذَكَرَ الْقُدُورِيُّ أَنَّهُ يَنْقُضُ، وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنِ الطَّحَاوِيِّ.
وَقَال الزَّيْلَعِيُّ: الصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَنْقُضُ، وَرَوَاهُ أَبُو يُوسُفَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ.
ج - وَإِنْ كَانَ النَّائِمُ قَائِمًا أَوْ رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا، فَإِنَّهُ إِنْ كَانَ فِي الصَّلَاةِ لَا يَنْتَقِضُ وُضُوءُهُ؛ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم:" لَا وُضُوءَ عَلَى مَنْ نَامَ قَائِمًا أَوْ رَاكِبًا أَوْ سَاجِدًا "(1) وَإِنْ كَانَ خَارِجَ الصَّلَاةِ، فَكَذَلِكَ عَلَى الصَّحِيحِ إِنْ كَانَ عَلَى هَيْئَةِ السُّجُودِ بِأَنْ كَانَ رَافِعًا بَطْنَهُ عَنْ فَخِذَيْهِ مُجَافِيًا عَضُدَيْهِ عَنْ جَنْبَيْهِ وَإِلَاّ انْتَقَضَ وُضُوءُهُ.
د - وَاخْتَلَفُوا فِي الْمَرِيضِ إِذَا كَانَ يُصَلِّي مُضْطَجِعًا فَنَامَ، قَال الزَّيْلَعِيُّ: فَالصَّحِيحُ انْتِفَاضُ وُضُوئِهِ؛ لِلْحَدِيثِ: " إِنَّمَا الْوُضُوءُ عَلَى مَنْ نَامَ مُضْطَجِعًا ".
هـ - وَلَوْ نَامَ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا فَسَقَطَ عَلَى وَجْهِهِ أَوْ جَنْبِهِ، إِنِ انْتَبَهَ قَبْل سُقُوطِهِ، أَوْ حَالَةَ
_________
سُقُوطِهِ، أَوْ سَقَطَ نَائِمًا وَانْتَبَهَ مِنْ سَاعَتِهِ - لَا يَنْتَقِضُ الْوُضُوءُ، وَإِنِ اسْتَقَرَّ بَعْدَ السُّقُوطِ نَائِمًا ثُمَّ انْتَبَهَ انْتَقَضَ؛ لِوُجُودِ النَّوْمِ مُضْطَجِعًا، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ: يَنْتَقِضُ بِالسُّقُوطِ؛ لِزَوَال الاِسْتِمْسَاكِ حَيْثُ سَقَطَ.
وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ: إِنِ انْتَبَهَ قَبْل أَنْ تُزَايِل مَقْعَدَتُهُ الأَْرْضَ لَمْ يَنْتَقِضْ، وَإِنْ زَايَلَهَا وَهُوَ نَائِمٌ انْتَقَضَ، وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَال الزَّيْلَعِيُّ: وَالظَّاهِرُ الأَْوَّل.
وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: الصَّحِيحُ أَنَّ النَّوْمَ نَفْسَهُ لَيْسَ بِحَدَثٍ، وَإِنَّمَا الْحَدَثُ: مَا لَا يَخْلُو عَنْهُ النَّائِمُ، فَأُقِيمَ السَّبَبُ الظَّاهِرُ - وَهُوَ النَّوْمُ هُنَا - مَقَامَهُ كَالسَّفَرِ وَنَحْوِهِ (1) .
144 -
وَلِلْمَالِكِيَّةِ طَرِيقَتَانِ فِي اعْتِبَارِ النَّوْمِ نَاقِضًا:
الأُْولَى: طَرِيقَةُ اللَّخْمِيِّ، وَظَاهِرُ هَذِهِ الطَّرِيقَةِ: أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي النَّقْضِ صِفَةُ النَّوْمِ وَلَا عِبْرَةَ بِهَيْئَةِ النَّائِمِ مِنَ اضْطِجَاعٍ أَوْ قِيَامٍ أَوْ غَيْرِهِمَا، فَمَتَى كَانَ النَّوْمُ ثَقِيلاً: نُقِضَ، سَوَاءٌ كَانَ النَّائِمُ مَضْطَجِعًا أَوْ سَاجِدًا أَوْ جَالِسًا أَوْ قَائِمًا، وَعَلَامَةُ النَّوْمِ الثَّقِيل هُوَ مَا لَا يَشْعُرُ
(1) حَدِيث: تَبْيِين الْحَقَائِقِ 1 / 9 - 10، وَرَدّ الْمُحْتَارِ مَعَ حَاشِيَة ابْن عَابِدِينَ 1 / 95 - 96.