الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَوَافَقَهُمْ فِي ذَلِكَ الْمَالِكِيَّةُ فِيمَا إِذَا كَانَ الْوَدِيعُ قَبَضَهَا بِدُونِ بَيِّنَةٍ. أَمَّا إِذَا قَبَضَهَا بِبَيِّنَةٍ قَصَدَ بِهَا التَّوْثِيقَ، فَقَالُوا: لَا يُقْبَل قَوْلُهُ فِي رَدِّهَا عَلَى مَالِكِهَا إِلَاّ بِبَيِّنَةٍ. (1) وَقَدْ عَلَّل ذَلِكَ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ الْبَغْدَادِيُّ بِقَوْلِهِ: لأَِنَّهُ لَمَّا أَشْهَدَ عَلَيْهِ وَتَوَثَّقَ مِنْهُ، جَعَلَهُ أَمِينًا فِي الْحِفْظِ دُونَ الرَّدِّ، فَإِذَا ادَّعَى رَدَّهَا، فَقَدِ ادَّعَى بَرَاءَتَهُ مِمَّا لَيْسَ بِمُؤْتَمَنٍ فِيهِ، فَلَمْ يُقْبَل مِنْهُ إِلَاّ بِبَيِّنَةٍ، وَلأَِنَّ هَذَا فَائِدَةُ الإِْشْهَادِ عَلَيْهِ، فَإِذَا أَزَلْنَاهُ لَمْ يَبْقَ لَهُ فَائِدَةٌ. (2)
وَقَدْ وَافَقَ الْمَالِكِيَّةَ فِي هَذَا التَّقْسِيمِ وَالتَّفْصِيل أَحْمَدُ فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ، غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يُقَيِّدِ الْبَيِّنَةَ ـ فِيمَا إِذَا قَبَضَ الْوَدِيعُ الْوَدِيعَةَ بِبَيِّنَةٍ ـ بِأَنْ يَكُونَ التَّوَثُّقُ مَقْصُودًا بِهَا. (3) قَال ابْنُ رَجَبٍ: وَخَرَّجَهَا ابْنُ عَقِيلٍ عَلَى أَنَّ الإِْشْهَادَ عَلَى دَفْعِ الْحُقُوقِ الثَّابِتَةِ بِالْبَيِّنَةِ وَاجِبٌ، فَيَكُونُ تَرْكُهُ تَفْرِيطًا، فَيَجِبُ فِيهِ الضَّمَانُ (4) .
(1) مَوَاهِبُ الْجَلِيل 5 / 264، وَالزُّرْقَانِيُّ عَلَى خَلِيلٍ 6 / 123، وَمَيَّارَةٍ عَلَى التُّحْفَةِ 2 / 190، وَالتَّفْرِيعُ لاِبْنِ الْجَلَاّبِ 2 / 270، وَالْقَوَانِينُ الْفِقْهِيَّةُ ص 379، وَكِفَايَةُ الطَّالِبِ الرَّبَّانِيِّ 2 / 253، وَبِدَايَةُ الْمُجْتَهِدِ 2 / 310، وَالتَّاجُ وَالإِْكْلِيل 5 / 264.
(2)
الإِْشْرَافُ عَلَى مَسَائِل الْخِلَافِ 2 / 41.
(3)
الْمُبْدِعُ 5 / 242، وَإِعْلَامُ الْمُوَقِّعِينَ 4 / 8، الْقَوَاعِدُ لاِبْنِ رَجَبٍ ص62.
(4)
الْقَوَاعِدُ لاِبْنِ رَجَبٍ ص 62.
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: إِذَا ادَّعَى الْوَدِيعُ الرَّدَّ عَلَى غَيْرِ مَنِ ائْتَمَنَهُ كَوَارِثِهِ، أَوِ ادَّعَى وَارِثُ الْوَدِيعِ الرَّدَّ مِنْهُ عَلَى الْمَالِكِ لِلْوَدِيعَةِ، أَوْ أَوْدَعَ الْوَدِيعُ عِنْدَ سَفَرِهِ أَمِينًا لَمْ يُعَيِّنْهُ الْمَالِكُ، فَادَّعَى الأَْمِينُ الرَّدَّ عَلَى الْمَالِكِ - طُولِبَ كُلٌّ مِمَّنْ ذُكِرَ بِبَيِّنَةٍ؛ لأَِنَّ الأَْصْل عَدَمُ الرَّدِّ وَلَمْ يَأْتَمِنْهُ.
أَمَّا لَوِ ادَّعَى وَارِثُ الْوَدِيعِ أَنَّ مُوَرِّثَهُ رَدَّهَا عَلَى الْمُودِعِ أَوْ أَنَّهَا تَلِفَتْ فِي يَدِ مُوَرِّثِهِ أَوْ فِي يَدِهِ قَبْل التَّمَكُّنِ مِنَ الرَّدِّ مِنْ غَيْرِ تَفْرِيطٍ فَيُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ لأَِنَّ الأَْصْل عَدَمُ حُصُولِهَا فِي يَدِ الْوَارِثِ وَعَدَمُ تَعَدِّيهِمَا (1) .
د ـ
كَوْنُ زَوَائِدِ الْوَدِيعَةِ لِصَاحِبِهَا
22 -
لَا خِلَافَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّ الْمَنَافِعَ الْمُتَوَلِّدَةَ مِنَ الْوَدِيعَةِ ـ مُتَّصِلَةً أَوْ مُنْفَصِلَةً ـ تَكُونُ لِصَاحِبِهَا، لأَِنَّهَا نَمَاءُ مِلْكِهِ، وَأَنَّهَا أَمَانَةٌ بِيَدِ الْوَدِيعِ (2) .
قَال الْحَنَفِيَّةُ: إِنِ اجْتَمَعَ عِنْدَهُ مِقْدَارٌ مِنْهَا، وَخَافَ فَسَادَهُ بِيَدِهِ، وَالْمُوَدِعُ غَائِبٌ، كَمَا إِذَا
(1) تُحْفَةُ الْمُحْتَاجِ 7 / 126.
(2)
دُرَرُ الْحُكَّامِ 2 / 279، وَشَرْحُ الْمَجَلَّةِ لِلأَْتَاسِيِّ 3 / 287، وَانْظُرِ الْمَادَّةَ (798) مِنَ الْمَجَلَّةِ الْعَدْلِيَّةِ، وَالْمَنْثُورَ فِي الْقَوَاعِدِ 3 / 352 ـ 353، وَالْقَوَاعِدَ لاِبْنِ رَجَبٍ ص 16القاعدةَ (82) وَالْمُنْتَقَى شَرْحُ الْمُوَطَّأِ 5 / 281.