الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَالإِْضْرَارُ بِالصَّغِيرِ لَيْسَ مِنَ الْمَرْحَمَةِ فِي شَيْءٍ، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَهَبَ مَال الصَّغِيرِ مِنْ غَيْرِهِ بِغَيْرِ عِوَضٍ، لأَِنَّهُ إِزَالَةُ مِلْكِهِ مِنْ غَيْرِ عِوَضٍ فَكَانَ ضَرَرًا مَحْضًا، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِمَالِهِ وَلَا أَنْ يُوصِيَ بِهِ، لأَِنَّ التَّصَدُّقَ وَالْوَصِيَّةَ إِزَالَةُ الْمِلْكِ مِنْ غَيْرِ عِوَضٍ مَالِيٍّ فَكَانَ ضَرَرًا فَلَا يَمْلِكُهُ. (1)
وَلِلتَّفْصِيل يُنْظَرُ (وِلَايَة ف 53 ـ 54) .
سَابِعًا: الْهِبَةُ بِعِوَضٍ:
49 -
اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي جَوَازِ هِبَةِ الْوَصِيِّ مَال الصَّغِيرِ بِعِوَضٍ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ:
الْقَوْل الأَْوَّل:
لَيْسَ لِلْوَصِيِّ أَنْ يَهَبَ مَال الْمُوصَى عَلَيْهِ بِعِوَضٍ، وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ، لأَِنَّ الْهِبَةَ بِعِوَضٍ تَبَرُّعٌ ابْتِدَاءً يَتَوَقَّفُ الْمِلْكُ فِيهَا عَلَى الْقَبْضِ، وَهَذِهِ مِنْ لَوَازِمِ الْهِبَةِ، وَالْوَصِيُّ لَا يَمْلِكُهَا، فَلَا تَصِيرُ عِوَضًا انْتِهَاءً.
وَنَصَّ الشَّافِعِيَّةُ عَلَى أَنَّهُ إِنْ شَرَطَ ثَوَابًا مَعْلُومًا فِي الْهِبَةِ بِغِبْطَةٍ جَازَتْ لأَِنَّهَا إِذْ قُيِّدَتْ بِثَوَابٍ مَعْلُومٍ كَانَتْ بَيْعًا. (2)
(1) الْبَدَائِع 5 / 153.
(2)
مَوَاهِب الْجَلِيل 5 / 72، وَشَرْح الْخَرَشِيّ 5 / 297، الْبَدَائِع 5 / 153، وَرَوْضَة الطَّالِبِينَ 4 / 189، وَأَسْنَى الْمَطَالِب 2 / 213.
الْقَوْل الثَّانِي:
لِلْمُوصِي أَنْ يَهَبَ مَال الصَّغِيرِ بِعِوَضٍ، لأَِنَّ الْهِبَةَ بِعِوَضٍ مُعَاوَضَةُ الْمَال بِالْمَال، فَكَانَ فِي مَعْنَى الْبَيْعِ فَمَلَكَهَا كَمَا يَمْلِكُ الْبَيْعَ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ (1) .
الْقَوْل الثَّالِثُ:
لِلْوَصِيِّ هِبَةُ مَال الصَّغِيرِ بِعِوَضٍ إِذَا كَانَ الْعِوَضُ قَدْرَ قِيمَتِهِ فَأَكْثَرَ، وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ. (2)
وَإِنَّمَا اشْتَرَطَ الْحَنَابِلَةُ ذَلِكَ الشَّرْطَ وَلَمْ يُجِيزُوا لِلْوَصِيِّ أَنْ يَكُونَ الْعِوَضُ أَقَل مِنْ قِيمَةِ الْمَال الْمَوْهُوبِ، لأَِنَّهُ مِنْ قَبِيل الْمُحَابَاةِ وَهُوَ لَا يَمْلِكُهَا.
ثَامِنًا: طَلَبُ الْوَصِيِّ الشُّفْعَةَ:
فَرَّقَ الْفُقَهَاءُ بَيْنَ كَوْنِ طَلَبِ الشُّفْعَةِ فِي صَالِحِ الصَّبِيِّ، وَبَيْنَ كَوْنِ تَرْكِهَا فِي مَصْلَحَتِهِ، وَبَيْنَ اسْتِوَاءِ الطَّلَبِ وَالتَّرْكِ عَلَى التَّفْصِيل التَّالِي:
الْحَالَةُ الأُْولَى: طَلَبُ الشُّفْعَةِ إِذَا كَانَ فِيهِ حَظٌّ لِلصَّغِيرِ:
49 -
ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ لِلْوَصِيِّ حَقَّ الشُّفْعَةِ وَالأَْخْذَ بِهَا إِذَا كَانَ فِي الطَّلَبِ مَصْلَحَةٌ لِلصَّغِيرِ وَحَظٌّ
(1) بَدَائِع الصَّنَائِع 5 / 153.
(2)
كَشَّاف الْقِنَاع 3 / 450، وَالْمُبْدِع 4 / 338.