الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مِنْهَا، وَلَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا لَا يَصِيرُ الأَْمْرُ إِلَى الثَّانِي، وَإِنَّمَا يُعَيِّنُ الْحَاكِمُ أَمِينًا مَكَانَهُ يَضُمُّهُ إِلَى الْحَيِّ، وَلَا يَتَفَرَّدُ أَيْضًا فِي أَمْرٍ مِنَ الأُْمُورِ، وَلَوْ مَاتَا جَمِيعًا رَدَّ الْحَاكِمُ الْوِصَايَةَ إِلَى اثْنَيْنِ اسْتِتْبَاعًا لِوَصِيَّةِ الْمُوصِي، قَال ابْنُ قُدَامَةَ بَعْدَ ذِكْرِ هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ: وَهَاتَانِ الصُّورَتَانِ لَا أَعْلَمُ فِيهِمَا خِلَافًا (1) .
الْقِسْمُ الثَّالِثُ:
أَنْ يُطْلِقَ الْوَصِيَّةَ دُونَ أَنْ يُبَيِّنَ اجْتِمَاعَهُمَا أَوِ انْفِرَادَهُمَا كَأَنْ يَقُول: أَوْصَيْتُ إِلَيْكُمَا.
وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَخْتَلِفُ الْفُقَهَاءُ فِي جَوَازِ انْفِرَادِ أَحَدِهِمَا بِالتَّصَرُّفِ دُونَ الآْخَرِ عَلَى قَوْلَيْنِ:
الْقَوْل الأَْوَّل:
لَا يَجُوزُ لأَِحَدِهِمَا الاِنْفِرَادُ بِالتَّصَرُّفِ، كَمَا لَوْ أَمَرَ بِالاِجْتِمَاعِ فِي الْوَصِيَّةِ. لأَِنَّ هَذَا هُوَ الْمُتَيَقَّنُ، وَلأَِنَّهُ أَشْرَكَ بَيْنَهُمَا فِي النَّظَرِ فَلَمْ يَكُنْ لأَِحَدِهِمَا الاِنْفِرَادُ كَالْوَكِيلَيْنِ وَبِهَذَا قَال جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، وَهُوَ قَوْل أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ (2) .
(1) الْمُغْنِي لاِبْن قُدَامَةَ 6 / 137، وَمُغْنِي الْمُحْتَاج 3 / 77، وَتَبْيِين الْحَقَائِقِ للزيلعي 6 / 208.
(2)
تَبْيِين الْحَقَائِقِ 6 / 209، وَشَرْح مَنَحَ الْجَلِيل 4 / 693، وَالشَّرْح الْكَبِير للدردير 4 / 453 - 454، وَحَاشِيَة الدُّسُوقِيّ الْمَوْضِع نَفْسه، وَرَوْضَة الطَّالِبِينَ 6 / 317 ـ 319، وَالْمُغْنِي لاِبْن قُدَامَةَ 6 / 138، وَالْكَافِي فِي فِقْهِ الإِْمَامِ أَحْمَد 2 / 521.
وَإِنْ فَسَقَ أَحَدُهُمَا أَوْ جُنَّ أَوْ مَاتَ أَقَامَ الْحَاكِمُ مَقَامَهُ أَمِينًا، لأَِنَّ الْمُوصِيَ لَمْ يَرْضَ بِنَظَرِ أَحَدِهِمَا وَحْدَهُ، وَلَيْسَ لِلْحَاكِمِ أَنْ يُفَوِّضَ الْجَمِيعَ إِلَى الْبَاقِي لِذَلِكَ (1) .
وَاسْتَثْنَى الإِْمَامُ أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ جَوَازَ انْفِرَادِ أَحَدِ الْوَصِيَّيْنِ عِنْدَ إِطْلَاقِ الْوَصِيَّةِ لَهُمَا دُونَ تَحْدِيدٍ فِي الأُْمُورِ التَّالِيَةِ:
أ) شِرَاءُ كَفَنِ الْمَيِّتِ وَتَجْهِيزُهُ، لأَِنَّ فِي التَّأْخِيرِ فَسَادَ الْمَيِّتِ، وَلِهَذَا يَمْلِكُهُ الْجِيرَانُ عِنْدَ ذَلِكَ.
ب) فِي طَعَامِ الصِّغَارِ وَكِسْوَتِهِمْ، لأَِنَّهُ يَخَافُ مَوْتَهُمْ جُوعًا وَعُرْيًا إِذَا انْتَظَرَ تَصَرُّفَ الآْخَرِ.
ج) فِي رَدِّ الْوَدِيعَةِ بِعَيْنِهَا وَرَدِّ الْمَغْصُوبِ وَالْمُشْتَرَى شِرَاءً فَاسِدًا، لأَِنَّ رَدَّ هَذِهِ الأَْشْيَاءِ لَيْسَ مِنَ الْوِلَايَةِ، فَإِنَّهُ يَمْلِكُهُ الْمَالِكُ.
د) فِي حِفْظِ الأَْمْوَال وَقَضَاءِ الدُّيُونِ، لأَِنَّ ذَلِكَ لَا يَحْتَاجُ إِلَى وِلَايَةٍ يَسْتَمِدُّهَا الْوَصِيُّ مِنَ الْمُوصِي، فَإِنَّ صَاحِبَ الدَّيْنِ إِذَا ظَفَرَ بِجِنْسِ حَقِّهِ أَخَذَهُ، وَحِفْظُ الْمَال يَمْلِكُهُ مَنْ يَقَعُ فِي يَدِهِ فَكَانَ مِنْ بَابِ الإِْعَانَةِ، وَلأَِنَّ الْوَصِيَّةَ إِلَى
(1) الْكَافِي لاِبْنِ قُدَامَةَ 2 / 521، وَالْمُغْنِي 6 / 142 وَمُغْنِي الْمُحْتَاج 3 / 78.