الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
انْتَقَضَ؛ لأَِنَّهُ مَضَى لَحْظَةٌ وَهُوَ نَائِمٌ غَيْرَ مُمَكَّنٍ، وَإِنْ زَالَتْ بَعْدَ الاِنْتِبَاهِ أَوْ مَعَهُ، أَوْ لَمْ يَدْرِ أَيَّهُمَا سَبَقَ لَمْ يَنْتَقِضْ؛ لأَِنَّ الأَْصْل الطَّهَارَةُ.
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ:
نَامَ مُمَكِّنًا مَقْعَدَهَ مِنَ الأَْرْضِ مُسْتَنِدًا إِلَى حَائِطٍ أَوْ غَيْرِهِ لَا يَنْتَقِضُ وُضُوءُهُ، سَوَاءٌ أَكَانَ بِحَيْثُ لَوْ وَقَعَ الْحَائِطُ لَسَقَطَ أَمْ لَا، وَهَذَا لَا خِلَافَ فِيهِ بَيْنَ أَصْحَابِنَا.
الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ:
قَلِيل النَّوْمِ وَكَثِيرُهُ عِنْدَنَا سَوَاءٌ، نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَالأَْصْحَابُ، فَنَوْمُ لَحْظَةٍ وَنَوْمُ يَوْمَيْنِ سَوَاءٌ فِي جَمِيعِ التَّفْصِيل وَالْخِلَافِ.
الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ:
قَال أَصْحَابُنَا: لَا فَرْقَ فِي نَوْمِ الْقَاعِدِ الْمُمَكَّنِ بَيْنَ قُعُودِهِ مُتَرَبِّعًا أَوْ مُفْتَرِشًا أَوْ مُتَوَرِّكًا أَوْ غَيْرَهُ مِنَ الْحَالَاتِ بِحَيْثُ يَكُونُ مَقْعَدُهُ لَاصِقًا بِالأَْرْضِ أَوْ غَيْرِهَا مُتَمَكِّنًا، وَسَوَاءٌ الْقَاعِدُ عَلَى الأَْرْضِ وَرَاكِبُ السَّفِينَةِ، وَالْبَعِيرِ وَغَيْرِهِ مِنَ الدَّوَابِّ، فَلَا يَنْتَقِضُ الْوُضُوءُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي الأُْمِّ، وَاتَّفَقَ عَلَيْهِ الأَْصْحَابُ.
وَلَوْ نَامَ مُحْتَبِيًا - وَهُوَ أَنْ يَجْلِسَ عَلَى أَلْيَيْهِ رَافِعًا رُكْبَتَيْهِ مُحْتَوِيًا عَلَيْهِمَا بِيَدَيْهِ أَوْ غَيْرِهِمَا - فَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ حَكَاهَا الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ:
أَحَدُهَا: لَا يَنْتَقِضُ كَالْمُتَرَبِّعِ، وَالثَّانِي: يَنْتَقِضُ كَالْمُضْطَجِعِ، وَالثَّالِثُ: إِنْ كَانَ نَحِيفَ الْبَدَنِ بِحَيْثُ لَا تَنْطَبِقُ أَلْيَاهُ عَلَى الأَْرْضِ انْتَقَضَ، وَإِلَاّ فَلَا، وَالْمُخْتَارُ الأَْوَّل.
الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ:
إِذَا نَامَ مُسْتَلْقِيًا عَلَى قَفَاهُ وَأَلْصَقَ أَلْيَيْهِ بِالأَْرْضِ فَإِنَّهُ يُسْتَبْعَدُ خُرُوجُ الْحَدَثِ مِنْهُ، وَلَكِنِ اتَّفَقَ الأَْصْحَابُ عَلَى أَنَّهُ يَنْتَقِضُ وُضُوءُهُ؛ لأَِنَّهُ لَيْسَ كَالْجَالِسِ الْمُمَكَّنِ، فَلَوِ اسْتَثْفَرَ وَتَلَجَّمَ بِشَيْءٍ فَالصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ الاِنْتِقَاضُ أَيْضًا (1) .
146 -
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: النَّوْمُ يَنْقَسِمُ إِلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ:
أ - نَوْمُ الْمُضْطَجِعِ، فَيَنْقُضُ الْوُضُوءَ يَسِيرُهُ وَكَثِيرُهُ فِي قَوْل كُل مَنْ يَقُول بِنَقْضِهِ بِالنَّوْمِ.
ب - وَنَوْمُ الْقَاعِدِ إِنْ كَانَ كَثِيرًا نَقَضَ، وَإِنْ كَانَ يَسِيرًا لَمْ يَنْقُضْ.
وَاسْتَدَلُّوا بِعُمُومِ حَدِيثِ: " فَإِذَا نَامَتِ الْعَيْنَانِ اسْتَطْلَقَ الْوِكَاءُ " وَحَدِيثِ: " فَمَنْ نَامَ فَلْيَتَوَضَّأْ ".
وَقَوْل صَفْوَانَ بْنِ عَسَّالٍ رضي الله عنه: " كَانَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَأْمُرُنَا إِذَا كُنَّا سَفَرًا أَنْ لَا نَنْزِعَ خِفَافَنَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيهِنَّ إِلَاّ مِنْ جَنَابَةٍ، وَلَكِنْ مِنْ
(1) الْمَجْمُوع 2 / 12 23.
غَائِطٍ وَبَوْلٍ وَنَوْمٍ " (1) وَقَالُوا: وَإِنَّمَا خَصَّصْنَاهُمَا فِي الْيَسِيرِ: لِحَدِيثِ أَنَسٍ رضي الله عنه: " كَانَ أَصْحَابُ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَنَامُونَ ثُمَّ يَقُومُونَ فَيُصَلُّونَ وَلَا يَتَوَضَّئُونَ " وَلَيْسَ فِيهِ بَيَانُ كَثْرَةٍ وَلَا قِلَّةٍ، فَإِنَّ النَّائِمَ يَخْفِقُ رَأْسُهُ فِي يَسِيرِ النَّوْمِ، فَهُوَ يَقِينٌ فِي الْيَسِيرِ فَيَعْمَل بِهِ، وَمَا زَادَ عَلَيْهِ فَهُوَ مُحْتَمِلٌ لَا يُتْرَكُ لَهُ الْعُمُومُ الْمُتَيَقَّنُ، وَلأَِنَّ نَقْضَ الْوُضُوءِ بِالنَّوْمِ يُعَلَّل بِإِفْضَائِهِ إِلَى الْحَدَثِ، وَمَعَ الْكَثْرَةِ وَالْغَلَبَةِ يُفْضِي إِلَيْهِ، وَلَا يَحِسُّ بِخُرُوجِهِ مِنْهُ، بِخِلَافِ الْيَسِيرِ، وَلَا يَصِحُّ قِيَاسُ الْكَثِيرِ عَلَى الْيَسِيرِ لاِخْتِلَافِهِمَا فِي الإِْفْضَاءِ إِلَى الْحَدَثِ، وَعَنِ الإِْمَامِ أَحْمَدَ: يَنْقُضُ، وَعَنْهُ: لَا يَنْقُضُ نَوْمُ الْجَالِسِ وَلَوْ كَانَ كَثِيرًا.
وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ ابْنُ تَيْمِيَّةَ، وَحُكِيَ عَنْهُ لَا يَنْقُضُ غَيْرُ نَوْمِ الْمُضْطَجِعِ.
ج - وَمَا عَدَا هَاتَيْنِ الْحَالَتَيْنِ هُوَ " نَوْمُ الْقَائِمِ وَالرَّاكِعِ وَالسَّاجِدِ " فَرُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ رِوَايَاتٌ إِحْدَاهَا: يَنْقُضُ وَهُوَ الْمَذْهَبُ؛ لأَِنَّهُ لَمْ يَرِدْ فِي تَخْصِيصِهِ مِنْ عُمُومِ أَحَادِيثِ
_________
النَّقْضِ نَصٌّ، وَلَا هُوَ فِي مَعْنَى الْمَنْصُوصِ؛ لِكَوْنِ الْقَاعِدِ مُتَحَفِّظًا لاِعْتِمَادِهِ بِمَحَل الْحَدَثِ إِلَى الأَْرْضِ، وَالرَّاكِعُ وَالسَّاجِدُ يَنْفَرِجُ مَحَل الْحَدَثِ مِنْهُمَا.
وَالثَّانِيَةُ: لَا يَنْقُضُ إِلَاّ إِذَا كَثُرَ، وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ الأَْصْحَابِ.
وَالثَّالِثَةُ: لَا يَنْقُضُ نَوْمُ الرَّاكِعِ، وَيَنْقُضُ نَوْمُ السَّاجِدِ (1) .
وَأَمَّا نَوْمُ الْقَاعِدِ الْمُسْتَنِدِ وَالْمُحْتَبِي فَقَدِ اخْتَلَفَ الْحَنَابِلَةُ فِي أَثَرِهِ عَلَى الْوُضُوءِ.
فَالصَّحِيحُ مِنَ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَنْقُضُ يَسِيرُهُ؛ لأَِنَّهُ مُعْتَمِدٌ عَلَى شَيْءٍ فَهُوَ كَالْمُضْطَجِعِ.
وَعَنْ أَحْمَدَ: لَا يَنْقُضُ يَسِيرُهُ.
قَال أَبُو دَاوُدَ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ قِيل لَهُ: الْوُضُوءُ مِنَ النَّوْمِ؟ قَال: إِذَا طَال، قِيل: فَالْمُحْتَبِي؟ قَال: يَتَوَضَّأُ، قِيل: فَالْمُتَّكِئُ؟ قَال: الاِتِّكَاءُ شَدِيدٌ، وَالْمُتَسَانِدُ كَأَنَّهُ أَشَدُّ - يَعْنِي مِنَ الاِحْتِبَاءِ - وَرَأَى مِنْهَا كُلِّهَا الْوُضُوءَ إِلَاّ أَنْ يَغْفُوَ قَلِيلاً (2) .
(1) حَدِيث صَفْوَان بْن عَسَّال: الْمُغْنِي لاِبْن قُدَامَةَ 1 / 173، وَكَشَّاف الْقِنَاع 1 / 125، وَالإِْنْصَاف 1 / 199 - 200.
(2)
الْمُغْنِي 1 / 275، وَالإِْنْصَاف 1 / 201.