الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَالْحُكْمُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ كَالْحُكْمِ فِي الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ حَيْثُ يَقُول الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ فِي الْمَذْهَبِ إِنَّ الْمُوصَى لَهُ يَأْخُذُ مِنَ الْعَيْنِ الْمُعَيَّنَةِ بِمِقْدَارِ ثُلُثِ الْمَال الْحَاضِرِ، وَيَكُونُ الْبَاقِي مِنْ تِلْكَ الْعَيْنِ مَوْقُوفًا، فَإِذَا حَضَرَ شَيْءٌ مِنَ الْمَال الْغَائِبِ كَانَ بَاقِي الْعَيْنِ مِلْكًا لِلْوَرَثَةِ، لأَِنَّ الْوَصِيَّةَ تَعَلَّقَتْ بِهَذِهِ الْعَيْنِ، فَتَنْفُذُ فِيهَا الْوَصِيَّةُ مَا دَامَ التَّنْفِيذُ مُمْكِنًا، تَنْفِيذًا لإِِرَادَةِ الْمُوصِي، وَيَظَل بَاقِي الْعَيْنِ مَوْقُوفًا إِلَى أَنْ يَتَبَيَّنَ أَمْرُ الْمَال الْغَائِبِ، فَإِذَا حَضَرَ نَفَذَتِ الْوَصِيَّةُ فِي الْعَيْنِ كُلِّهَا، وَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ كَانَ الْبَاقِي لِلْوَرَثَةِ (1) .
وَزَادَ الشَّافِعِيَّةُ لَوْ أَنَّهُ أَوْصَى لَهُ غَيْرُهُ بِعَيْنٍ هِيَ ثُلُثُ مَالِهِ فَأَكْثَرُ وَهِيَ حَاضِرَةٌ وَبَاقِي الْمَال غَائِبٌ مُلِّكَ الْمُوصَى لَهُ ثُلُثَ الْمَال الْحَاضِرِ فَقَطْ لِجَوَازِ تَلَفِ الْغَائِبِ وَعَدَمِ إِجَازَةِ الْوَارِثِ، وَمُنِعَ مِنَ التَّصَرُّفِ فِي ثُلُثِهِ وَكَذَا فِي بَاقِيهِ بِبَيْعٍ أَوْ عِتْقٍ أَوْ غَيْرِهِ حَتَّى يَحْضُرَ مِنَ الْغَائِبِ مَا يَخْرُجُ بِهِ الْحَاضِرُ مِنَ الثُّلُثِ لأَِنَّ تَسَلُّطَهُ يَتَوَقَّفُ عَلَى تَسَلُّطِ الْوَرَثَةِ عَلَى مِثْل مَا تَسَلَّطَ هُوَ عَلَيْهِ، وَقَدْ يَتْلَفُ الْغَائِبُ فَلَا يَصِل إِلَى حَقِّهِ وَلَا يَتَسَلَّطُ
(1) الاِخْتِيَار 5 / 75، وحاشية ابْن عَابِدِينَ 5 / 430 ـ 432، والإنصاف 7 / 270، وأسنى الْمَطَالِب 3 / 42، ومغني الْمُحْتَاج 3 / 49
الْوَرَثَةُ عَلَى ثُلُثَيِ الْحَاضِرِ (1) .
الْوَصَايَا وَطُرُقُ حِسَابِهَا:
الْوَصِيَّةُ إِمَّا أَنْ تَكُونَ بِالأَْنْصِبَاءِ أَوْ بِالأَْجْزَاءِ أَوْ بِالْجَمْعِ بَيْنَ الأَْجْزَاءِ وَالأَْنْصِبَاءِ.
الْحَالَةُ الأُْولَى: الْوَصِيَّةُ بِالأَْنْصِبَاءِ:
الْوَصِيَّةُ بِالأَْنْصِبَاءِ لَهَا صُوَرٌ:
أ - الْوَصِيَّةُ بِمِثْل نَصِيبِ أَحَدِ الْوَرَثَةِ الْمُعَيَّنِ:
86 -
اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ لَوْ أَوْصَى لأَِحَدٍ بِمِثْل نَصِيبِ أَحَدِ وَرَثَتِهِ الْمُعَيَّنِ فَإِنَّ الْوَصِيَّةَ صَحِيحَةٌ، لِمَا رُوِيَ عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه " أَنَّهُ أَوْصَى بِمِثْل نَصِيبِ أَحَدِ وَلَدِهِ "(2) وَلأَِنَّ الْمُرَادَ تَقْدِيرُ الْوَصِيَّةِ فَلَا أَثَرَ لِذِكْرِ الْوَارِثِ. إِلَاّ أَنَّ الْفُقَهَاءَ اخْتَلَفُوا فِيمَا يَسْتَحِقُّهُ الْمُوصَى لَهُ.
فَذَهَبَ الْجُمْهُورُ - وَهُمُ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ فِي الْمَذْهَبِ - إِلَى أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ نَصِيبَ ذَلِكَ الْوَارِثِ الْمُعَيَّنِ مَضْمُومًا إِلَى الْمَسْأَلَةِ. فَإِذَا قَال مَثَلاً: أَوْصَيْتُ لِفُلَانٍ بِمِثْل نَصِيبِ ابْنِي وَلَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ اسْتَحَقَّ الْمُوصَى لَهُ نِصْفَ التَّرِكَةِ إِذَا أَجَازَ الاِبْنُ الْوَصِيَّةَ، فَإِنْ لَمْ يُجِزْ فَلَهُ الثُّلُثُ، وَكَذَا لَوْ كَانَ لَهُ ابْنَانِ أَوْ بَنُونَ فَأَوْصَى
(1) أَسْنَى الْمَطَالِب 3 / 42
(2)
أَثَر أَنَس أَنَّهُ أَوْصَى بِمِثْل نَصِيبٍ أَحَدَّ وَلَده أَخْرَجَهُ ابْن أَبِي شَيْبَة (10 / 170 ط السَّلَفِيَّة)