الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: إِذَا خَلَطَ الْوَدِيعُ الْوَدِيعَةَ بِمَالٍ آخَرَ لِصَاحِبِهَا، فَفِي الْمَسْأَلَةِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ، لأَِنَّ الْجَمِيعَ لَهُ، وَقَدْ لَا يَكُونُ لَهُ غَرَضٌ فِي تَفْرِيقِهِ.
وَالثَّانِي: وَهُوَ الأَْصَحُّ، أَنَّهُ يَضْمَنُ، لأَِنَّهُ مُتَعَدٍّ بِذَلِكَ، إِذْ لَمْ يَرْضَ الْمُودِعُ أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا مُخْتَلِطًا بِالآْخَرِ (1) .
(ج ـ) خَلْطُ غَيْرِ الْوَدِيعِ الْوَدِيعَةَ بِمَالِهِ:
46 -
قَال أَبُو حَنِيفَةَ وَالْحَنَابِلَةُ: إِذَا خَلَطَ غَيْرُ الْوَدِيعِ الْوَدِيعَةَ بِمَالِهِ أَوْ بِمَال غَيْرِهِ، فَعَلَى الْخَالِطِ ضَمَانُهَا، لأَِنَّهُ هُوَ الْمُبَاشِرُ لِلْفِعْل الْمُوجِبِ لِلضَّمَانِ، وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْوَدِيعِ، لاِنْعِدَامِ الْخَلْطِ مِنْهُ حَقِيقَةً وَحُكْمًا.
وَقَال أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ: صَاحِبُ الْوَدِيعَةِ بِالْخِيَارِ، إِنْ شَاءَ ضَمِنَهَا الْخَالِطُ، وَإِنْ شَاءَ شَارَكَ فِي الْعَيْنِ بِمِقْدَارِ حِصَّتِهِ، وَكَانَا شَرِيكَيْنِ. (2)
(1) أَسْنَى الْمَطَالِب 3 / 80، وَتُحْفَة الْمُحْتَاج 7 / 123، وَرَوْضَة الطَّالِبِينَ 6 / 336، وَالْمُهَذَّب 1 / 368.
(2)
الْمَبْسُوط 11 / 110، وَرَدّ الْمُحْتَارِ 4 / 498، وَالْبَحْر الرَّائِق 7 / 276، وَالْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّة 4 / 349، قُرَّة عُيُون الأَْخْيَار 2 / 249، شَرْح الْمَجَلَّةِ للأتاسي 3 / 266، وَكَشَّاف الْقِنَاع 4 / 196، وَالْمُغْنِي 9 / 259، وَانْظُرِ الْمَادَّة (825) مِنْ مُرْشِدِ الْحَيْرَانِ وَالْمَادَّةِ (778) مِنَ الْمَجَلَّةِ الْعَدْلِيَّة.
(د) اخْتِلَاطُ الْوَدِيعَةِ بِمَال الْوَدِيعِ بِغَيْرِ صُنْعِهِ:
47 -
ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَى الْوَدِيعِ إِذَا اخْتَلَطَتِ الْوَدِيعَةُ بِمَالِهِ بِلَا صُنْعِهِ، لاِنْعِدَامِ الْفِعْل الْمُوجِبِ لِلضَّمَانِ مِنْ جِهَتِهِ، وَلأَِنَّهَا لَوْ تَلِفَتْ حَقِيقَةً بِغَيْرِ تَعَدٍّ مِنْهُ أَوْ تَفْرِيطٍ، فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، فَاخْتِلَاطُهَا بِغَيْرِهَا أَوْلَى.
بَل إِنَّ الْحَنَفِيَّةَ نَصُّوا عَلَى أَنَّهُ يَصِيرُ بِذَلِكَ شَرِيكًا لِمَالِكِ الْوَدِيعَةِ شَرِكَةَ مِلْكٍ جَبْرِيَّةً، كُلٌّ عَلَى قَدْرِ حِصَّتِهِ، لِوُجُودِ مَعْنَى الشَّرِكَةِ، وَهُوَ اخْتِلَاطُ الْمِلْكَيْنِ.
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: وَإِنِ اخْتَلَطَتِ الْوَدِيعَةُ بِغَيْرِهَا مِنْ غَيْرِ تَفْرِيطٍ مِنَ الْوَدِيعِ فَلَا ضَمَانَ فَإِنْ ضَاعَ الْبَعْضُ جَعَل مِنْ مَال الْوَدِيعِ فِي ظَاهِرِ كَلَامِ أَحْمَدَ.
وَذَكَرَ الْقَاضِي أَنَّهُمَا يَصِيرَانِ شَرِيكَيْنِ، قَال الْمَجْدُ: وَلَا يَبْعُدُ عَلَى هَذَا أَنْ يَكُونَ الْهَالِكُ مِنْهُمَا (1) .
(1) كَشَّاف الْقِنَاع 4 / 196، وَالْمُغْنِي 9 / 259، وَالْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّة 4 / 349، وَالْبَحْر الرَّائِق 7 / 276، قُرَّة عُيُون الأَْخْيَار 2 / 249، وَالْبَدَائِع 6 / 213، وَرَدّ الْمُحْتَارِ 4 / 498، وَمَجْمَع الأَْنْهُر 2 / 341، وَالْمَبْسُوط 11 / 110، وَدُرَر الْحُكَّام 2 / 262.