الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الاِحْتِمَال الأَْوَّل: الْوَصِيَّةُ بِالثُّلُثِ فَمَا دُونَهُ:
الْوَصِيَّةُ بِالثُّلُثِ فَمَا دُونَهُ لَا تَخْلُو: إِمَّا أَنْ تَكُونَ بِجُزْءٍ وَاحِدٍ، أَوْ تَكُونَ بِجُزْأَيْنِ فَصَاعِدًا.
أ - الْوَصِيَّةُ بِجُزْءٍ وَاحِدٍ:
91 -
إِنْ كَانَتِ الْوَصِيَّةُ بِجُزْءٍ مَعْلُومٍ: كَثُلُثٍ أَوْ رُبُعٍ صَحَّتِ الْوَصِيَّةُ. وَإِنْ كَانَ لِلْمُوصِي وَرَثَةٌ فَقَدِ اخْتَلَفَتْ عِبَارَاتُ الْفُقَهَاءِ فِي بَيَانِ طُرُقِ قِسْمَةِ التَّرِكَةِ بَيْنَ الْوَرَثَةِ وَالْمُوصَى لَهُ.
فَنَصَّ الشَّافِعِيَّةُ عَلَى أَنَّهُ إِنْ كَانَتِ الْوَصِيَّةُ بِجُزْءٍ وَاحِدٍ، فَتُصَحَّحُ مَسْأَلَةُ الْمِيرَاثِ عَائِلَةً أَوْ غَيْرَ عَائِلَةٍ، وَيُنْظَرُ فِي مَخْرَجِ جُزْءِ الْوَصِيَّةِ، وَيُخْرَجُ مِنْهُ جُزْءُ الْوَصِيَّةِ. ثُمَّ إِنِ انْقَسَمَ الْبَاقِي عَلَى مَسْأَلَةِ الْوَرَثَةِ صَحَّتِ الْمَسْأَلَتَانِ، وَذَلِكَ كَمَنْ أَوْصَى بِرُبُعِ مَالِهِ وَتَرَكَ ثَلَاثَةَ بَنِينَ، فَمَخْرَجُ جُزْءِ الْوَصِيَّةِ أَرْبَعَةٌ، وَالْبَاقِي بَعْدَ إِخْرَاجِ الرُّبُعِ يَنْقَسِمُ عَلَى الْبَنِينَ، وَإِنْ لَمْ يَنْقَسِمْ فَلَكَ طَرِيقَانِ:
الطَّرِيقُ الأَْوَّل:
أَنْ تَنْظُرَ فِي الْبَاقِي وَفِي مَسْأَلَةِ الْوَرَثَةِ، فَإِنْ تَبَايَنَا ضَرَبْتَ مَسْأَلَةَ الْوَرَثَةِ فِي مَخْرَجِ الْوَصِيَّةِ، وَإِنْ تَوَافَقَا ضَرَبْتَ وَفْقَ مَسْأَلَةِ الْوَرَثَةِ فِي مَخْرَجِ الْوَصِيَّةِ، فَمَا بَلَغَ صَحَّتْ مِنْهُ الْقِسْمَةُ. ثُمَّ مَنْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ مَخْرَجِ الْوَصِيَّةِ أَخَذَهُ مَضْرُوبًا فِيمَا ضَرَبْتَهُ فِي مَخْرَجِ
الْوَصِيَّةِ، وَمَنْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ مَسْأَلَةِ الْوَرَثَةِ، أَخَذَهُ مَضْرُوبًا فِيمَا بَقِيَ مِنْ مَخْرَجِ الْوَصِيَّةِ بَعْدَ إِخْرَاجِ جُزْءِ الْوَصِيَّةِ إِنْ كَانَ الْبَاقِي مَعَ مَسْأَلَةِ الْوَرَثَةِ مُتَبَايِنَيْنِ. وَإِنْ كَانَا مُتَوَافِقَيْنِ فَفِي وَفْقِ الْبَاقِي. وَبِهَذَا يَقُول الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ فِي الْجُمْلَةِ.
مِثَالُهُ: ثَلَاثَةُ بَنِينَ، أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ، مَسْأَلَةُ الْوَرَثَةِ مِنْ ثَلَاثَةٍ، وَمَخْرَجُ الْوَصِيَّةِ أَيْضًا ثَلَاثَةٌ، وَالْبَاقِي بَعْدَ جُزْءِ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ لَا يَنْقَسِمَانِ عَلَى ثَلَاثَةٍ.
فَعَلَى هَذِهِ الطَّرِيقَةِ: يُضْرَبُ ثَلَاثَةٌ فِي مَخْرَجِ الْوَصِيَّةِ تَبْلُغْ تِسْعَةٌ مِنْهَا الْقِسْمَةَ، كَانَ لِلْمُوصَى لَهُ سَهْمٌ يَأْخُذُهُ مَضْرُوبًا فِي الثَّلَاثَةِ الْمَضْرُوبَةِ فِي مَخْرَجِ الْوَصِيَّةِ، وَلِكُل ابْنٍ سَهْمٌ مِنْ مَسْأَلَةِ الْوَرَثَةِ مَضْرُوبٌ فِي الْبَاقِي مِنْ مَخْرَجِ الْوَصِيَّةِ بَعْدَ إِخْرَاجِ جُزْءِ الْوَصِيَّةِ وَهُوَ اثْنَانِ (1) .
الطَّرِيقُ الثَّانِي:
وَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَهُوَ: تَأْخُذُ مَخْرَجَ جُزْءِ الْوَصِيَّةِ، ثُمَّ تَزِيدُ عَلَى سِهَامِ الْفَرِيضَةِ سِهَامًا قَبْل مَخْرَجِ الْوَصِيَّةِ أَبَدًا، فَإِذَا كَانَ الْوَصِيَّةُ بِالثُّلُثِ زِدْتَ
(1) رَوْضَة الطَّالِبِينَ 6 / 214 - 216، والوسيط لِلْغَزَالِيِّ 4 / 474 475 ط دَار السَّلَامِ، والذخيرة للقرافي 13 / 110 - 112، وحاشية الدُّسُوقِيّ 4 / 483، والمبدع شَرْح الْمُقْنِع 6 / 81، ومطالب أُولِي النُّهَى 4 / 518
نِصْفَهَا، أَوْ بِالرُّبُعِ زِدْتَ ثُلُثَهَا أَوْ بِالْخُمُسِ زِدْتَ رُبُعَهَا، ثُمَّ كَذَلِكَ إِلَى الْعُشْرِ وَمَا زَادَ عَلَيْهِ، يُطَّرَدُ ذَلِكَ فِي الْمَفْتُوحِ وَالأَْصَمِّ. فَإِنْ كَانَتِ الْوَصِيَّةُ بِجُزْءٍ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ زِدْتَ الْعُشْرَ أَوْ بِجُزْءٍ مِنِ اثْنَيْ عَشَرَ زِدْتَ جُزْءًا مِنْ أَحَدَ عَشَرَ ثُمَّ كَذَلِكَ، وَإِنْ كَانَتْ بِالنِّصْفِ زِدْتَ مِثْلَهَا؛ لأَِنَّ الَّذِي قَبْل مَخْرَجِ الْوَصِيَّةِ وَاحِدٌ، فَالْقِسْمَةُ عَلَى كُل وَاحِدٍ، وَلأَِنَّ النِّصْفَ هُوَ أَكْثَرُ الأَْجْزَاءِ وَأَوَّلُهَا، وَمَا قَبْلَهُ هُوَ الْوَاحِدُ، فَجَعَلْنَا سِهَامَ الْفَرِيضَةِ كَالْوَاحِدِ وَزِدْنَا عَلَيْهَا مِثْلَهَا.
وَعَبَّرَ بَعْضُهُمْ عَنْ هَذِهِ الطَّرِيقَةِ أَنَّا إِذَا صَحَّحْنَا الْفَرِيضَةَ وَالْوَصِيَّةَ وَأَخْرَجْنَا جُزْءَ الْوَصِيَّةِ مِنْهَا، وَوَجَدْنَا الْبَقِيَّةَ غَيْرَ مُنْقَسِمَةٍ عَلَى الْفَرِيضَةِ نَظَرْنَا نِسْبَةَ الْجُزْءِ الَّذِي أَخْرَجْنَاهُ مِنَ الْفَرِيضَةِ إِلَى بَقِيَّتِهَا، فَمَا كَانَ رَدَدْنَا عَلَى الْفَرِيضَةِ مَا نُسِبَتْ إِلَيْهَا تِلْكَ النِّسْبَةُ، وَبِهَذَا يَقُول الْحَنَابِلَةُ فِي الْجُمْلَةِ.
مِثَالُهُ: أَرْبَعَةُ بَنِينَ وَأَوْصَى بِالثُّلُثِ، فَعَلَى هَذَا الطَّرِيقِ عَلَى الْعِبَارَةِ الأُْولَى تَحْمِل عَلَى فَرِيضَةِ الْوَرَثَةِ جُزْءًا مَا قَبْل مَخْرَجِ الْوَصِيَّةِ، وَهُوَ هَاهُنَا النِّصْفُ فَتَصِيرُ سِتَّةً، يَخْرُجُ جُزْءُ الْوَصِيَّةِ اثْنَيْنِ، تَبْقَى أَرْبَعَةٌ عَلَى أَرْبَعَةٍ، وَعَلَى الْعِبَارَةِ الثَّانِيَةِ إِذَا اعْتَبَرْنَا الْجُزْءَ الَّذِي أَخْرَجْنَاهُ مِنْ فَرِيضَةِ الْوَصِيَّةِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى بَقِيَّتِهَا وَجَدْنَاهُ نِصْفَ الْبَاقِي فَزِدْنَا
عَلَى الْفَرِيضَةِ نِصْفَهَا.
وَقَدْ يَقَعُ فِي الْفَرِيضَةِ كَسْرٌ؛ بِسَبَبِ حَمْل الْجُزْءِ عَلَى الْفَرِيضَةِ، فَتُضْرَبُ الْمَسْأَلَةُ وَالْكَسْرُ فِي مَخْرَجِ ذَلِكَ الْكَسْرِ وَمِنْهَا تَصِحُّ.
مِثَال ذَلِكَ: أَوْصَى بِالسُّدُسِ، وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا، فَإِذَا أَخْرَجْنَا جُزْءَ الْوَصِيَّةِ وَهُوَ وَاحِدٌ مِنْ مَخْرَجِهَا وَهُوَ سِتَّةٌ تَبْقَى خَمْسَةٌ، فَلَا تَنْقَسِمُ عَلَى الْفَرِيضَةِ وَلَا تُوَافِقُ، فَعَلَى الطَّرِيقِ الأَْوَّل: نَضْرِبُ أَرْبَعَةً فِي السِّتَّةِ تَبْلُغُ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ، وَكَذَا فِي الطَّرِيقِ الثَّانِي أَيْضًا يَخْرُجُ مِنَ الأَْرْبَعَةِ وَالْعِشْرِينَ، وَلَكِنْ بَعْدَ وُجُودِ الْكَسْرِ فِيهَا وَضَرْبِهَا وَضَرْبِهِ فِي مَخْرَجِهِ.
فَنَقُول عَلَى الْعِبَارَةِ الأُْولَى: إِذَا أَوْصَى بِالسُّدُسِ حَمَلْنَا عَلَى الْفَرِيضَةِ مِثْل خُمُسِهَا - وَخُمُسُ الأَْرْبَعَةِ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسٍ - فَتَنْكَسِرُ السِّهَامُ، فَنَضْرِبُ الأَْرْبَعَةَ وَالأَْرْبَعَةَ الأَْخْمَاسِ فِي خَمْسَةٍ تَبْلُغُ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ. وَكَذَلِكَ إِذَا نَسَبْنَا جُزْءَ الْوَصِيَّةِ إِلَى مَا بَقِيَ مِنْ مَخْرَجِهَا وَجَدْنَاهُ خُمُسَ الْبَقِيَّةِ فَحَمَلْنَا عَلَى الْفَرِيضَةِ خُمُسَهَا، انْكَسَرَتِ السِّهَامُ، فَتَضْرِبُهَا فِي الْخَمْسَةِ (1) .
(1) الذَّخِيرَة 13 / 110 - 112، وحاشية الدُّسُوقِيّ 4 / 483، وروضة الطَّالِبِينَ 6 / 214 - 216 والمبدع 6 / 81، ومطالب أُولِي النُّهَى 4 / 518