الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فأسلموا، فاجْتووا (1) المدينة، فأَمَرهم أن يأتوا إِبلَ الصَّدقة فيشربوا من أبوالها وألبانها، ففعلوا فصحُّوا، فارتدُّوا، فقتلوا رعاتها واسْتاقُوا الإِبلَ.
فبعث في آثارهم فأُتي بهم، فقطع أيديهم وأرجلهم وسَمل أعينهم، ثم لم يحسمهم (2) حتى ماتوا" (3).
وفي رواية: "فرأيت الرجُل منهم يَكْدُِمُ (4) الأرض بلسانه حتى يموت"(5).
أمَّا نبذهم في الشمس حتى يموتوا، فهو في بعض ألفاظ حديث أنس رضي الله عنه وفيه:"وسمَّر أعينهم ثم نبَذهم في الشمس حتى ماتوا"(6).
فائدة "1
":
سُئل شيخ الإِسلام رحمه الله عن ثلاثةٍ من اللصوص، أخذ اثنان منهم جَمَّالا، والثالث قتل الجمَّال: هل تُقتَل الثلاثة؟
(1) فاجتووا: قال النووي: "
…
أي لم توافقهم وكرهوها لسقم أصابهم، قالوا: وهو مثشقٌّ من الجوى؛ وهو داء في الجوف".
(2)
لم يحسمهم: الحسم هنا أن توضع اليد بعد القطع في زيت حار وذلك لمنع استمرار نزف الدم، ويتحقَّق بأيِّ صورة طبيَّة يمكن أن تمنع نزْف الدم، وتقدّم.
(3)
أخرجه البخاري (6802)، ومسلم (1671).
(4)
يكدُِمُ: أي يقبض عليها ويعضّ. "النهاية"
(5)
أخرجه البخاري (5685).
(6)
أخرجه البخاري (6899)، ومسلم (1671).
فأجاب: إِذا كان الثلاثة حرامية؛ اجتمعوا ليأخذوا المال بالمحاربة؛ قُتِل الثلاثة؛ وإِنْ كان الذي باشر القتل واحد منهم. والله أعلم.
وجاء في "مجموع الفتاوى"(28/ 310) -بحذف-: "وإِذا كان المحاربون الحراميَّة جماعة، فالواحد منهم باشَر القتل بنفسه، والباقون له أعوان وردْء له. فقد قيل؛ إِنَّه يقتل المباشر فقط.
والجمهور على أنَّ الجميع يقتلون، ولو كانوا مائة، وأنَّ الردء والمباشر سواء، وهذا هو المأثور عن الخلفاء الراشدين؛ فإِنَّ عمر بن الخطاب رضي الله عنه قتل ربيئة المحاربين -والربيئة هو الناظر الذي يجلس على مكان عال، ينظر منه لهم من يجيء- ولأنَّ المباشر إِنَّما تمكَّن مِن قتْله بقوَّة الردء ومعونته.
والطائفة إِذا انتصر بعضها ببعض؛ حتى صاروا ممتنعين؛ فهم مشتركون في الثواب والعقاب كالمجاهدين
…
وهكذا المقتتلون على باطل لا تأويل فيه؛ مثل المقتتلين على عصبيَّة، ودعوى جاهليَّة؛ كقيس ويمن ونحوهما؛ هما ظالمتان. كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:"إِذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار. قيل: يا رسول الله! هذا القاتل، فما بال المقتول؟ قال: إِنّه كان حريصاً على قتل صاحبه". أخرجاه في الصحيحين. (1).
وتضمن كلّ طائفة ما أتْلفتْه للأخرى من نفس ومال. وإِن لم يعرف عين
(1) أخرجه البخاري (31)، ومسلم (2888).