الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال الإِمام النووي رحمه الله في "شرحه"(11/ 213): "
…
[وفي الحديث] بيان أن الأَمَة المحصنة بالتزويج وغير المحصنة تجلد، وهو معنى ما قاله عليّ -رضي الله تعالى عنه- وخطَب الناس به.
فإِنْ قيل: فما الحكمة في التقييد في قوله -تعالى-: {فإِذا أُحصنّ} مع أن عليها نصف جلد الحرة؛ سواء كانت الأمة محصنة أم لا.
فالجواب أن الآية نبهت على أن الأَمَة وإِنْ كانت مزوجة لا يجب عليها إِلا نصف جلد الحرّة؛ لأنه الذي ينتصف، وأمّا الرجم فلا ينتصف فليس مراداً في الآية بلا شك، فليس للأمَة المزوجة الموطوءة في النكاح حُكم الحُرّة الموطوءة في النكاح، فبيّنت الآية هذا لئلا يتوهم أنّ الأمَة المزوجة تُرجَم، وقد أجمعوا على أنها لا ترجم، وأمّا غير المزوجة فقد علمنا أن عليها نصف جلد المزوجة بالأحاديث الصحيحة
…
".
ويشترط برجم المحصَن كذلك أن يكون قد سبق له أن تزوج زواجاً صحيحاً، ووطئ فيه ولو مرّة واحدة أنزَل أم لم يُنزل.
وكذا المرأة إِذا تزوّجت ووُطئت ولو مرّة واحدة، ثمّ طُلقت فزنت فإِنها تُرجم.
وجوب الحد على الكافر والذّمي:
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه قال: "إِنّ اليهود جاءوا إِلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكروا له أن رجلاً منهم وامرأةً زنَيا، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما تجدون في التّوراة في شأن الرّجم؟ فقالوا: نفضحهم ويُجلدون، قال عبد الله بن سلام: كذبتم، إِن فيها الرّجم.
فأَتَوا بالتّوراة فنَشروها، فوضَع أحدهم يده على آية الرّجم فقرأ ما قبلها وما
بعدها.
قال له عبد الله بن سلام: ارفع يدك، فرفع يده، فإِذا فيها آية الرّجم، قالوا: صدق يا محمّد، فيها آية الرّجم، فأمَر بهما رسول الله صلى الله عليه وسلم فرُجما، فرأيت الرجل يحني على المرأة يقيها الحجارة" (1).
قال الإِمام البخاري رحمه الله: (بابُ أحكام أهل الذّمة (2) وإحصانهم إِذا زَنَوا (3) ورُفعوا إِلى الإِمام) وذكر هذا الحديث.
قال الحافظ رحمه الله في "الفتح": "وفي هذا الحديث من الفوائد؛ وجوب الحدّ على الكافر الذمّي إِذا زنى؛ وهو قول الجمهور
…
".
وعن جابر بن عبد الله قال: "رَجَم النّبيّ صلى الله عليه وسلم رجلاً مِنْ أسلم، ورجلاً من اليهود، وامرأته"(4).
وعن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: "مُرَّ على النّبيّ صلى الله عليه وسلم بيهوديٍّ مُحَمَّماً (5) مجلوداً فدعاهم صلى الله عليه وسلم فقال: هكذا تجدون حدّ الزّاني في كتابكم؟ قالوا: نعم.
فدعا رجُلاً من علمائهم فقال: أنشدك بالله الذي أنزل التوراة على موسى! أهكذا تجدون حدّ الزاني في كتابكم؟ قال: لا، ولولا أنّك نشدتني بهذا لم
(1) أخرجه البخاري (6841)، ومسلم (1699).
(2)
أي اليهود والنصارى وسائر من تؤخذ منه الجزية.
(3)
يعني: خلافاً لمن قال: "إِنّ من شروط الإِحصان الإسلام".
(4)
أخرجه مسلم (1701).
(5)
أي مُسوَدّ الوجه، من الحُممة: الفحمة "النهاية".