الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عمداً فهو قَوَد (1) ومن حال دونه؛ فعليه لعنة الله وغضبه، لا يُقبَل منه صَرْف (2) ولا عَدْل" (3).
2 -
أن يكون المقتول آدمياً، ومعصومَ الدم أي؛ أنّ دمه غير مباح.
3 -
أن تكون الأداة التي استُعملت في القتل، ممّا يُقْتَلُ بها غالباً.
فإذا لم تتوفر هذه الأركان، فإِنّ القتل لا يعد قتلاً عمداً.
أداةُ القتلِ ووسائله:
ولا يشترط في الأداة التي يَقتلُ بها، سوى أنها ممّا تَقْتُلُ غالباً، سواءٌ أكانت محدَّدة؛ أم متلَفة؛ لتماثلهما في إِزهاق الروح.
قال في "المغني"(9/ 321): "فالعمد ما ضرَبَه بحديدة أو خشبة كبيرة فوق عمود الفسطاط، أو حجر كبير؛ الغالب أن يقتل مثله، أو أعاد الضرب بخشبة صغيرة أو فعل به فِعلاً الغالب من ذلك الفعل أنه يُتلِف.
وجملة ذلك أن العمد نوعان: أحدهما أن يضربه بمحدَّد وهو ما يقطع ويدخل في البدن؛ كالسيف والسكين والسنان، وما في معناه مما يحدد؛ فيجرح من الحديد والنحاس والرصاص والذهب والفضة والزجاج والحجر والقصب والخشب.
فهذا كله إِذا جرح به جرحاً كبيراً فمات فهو قتْلُ عمدٍ لا خلاف فيه بين
(1) القَوَد: القِصاص وَقَتل القاتل بدل القتيل. "النهاية".
(2)
قال في "النهاية": "قد تكررت هاتان اللفظتان في الحديث، فالصّرف: التوبة وقيل: النافلة، والعَدْل: الفِدْية وقيل: الفريضة".
(3)
أخرجه أبو داود "صحيح سنن أبي داود"(3804)، وابن ماجه "صحيح سنن ابن ماجه"(2131)، والنسائي "صحيح سنن النسائي"(4456).
العلماء -فيما علمناه-.
فأمّا إِنْ جَرحه جرحاً صغيراً كشَرْطة الحجّام أو غَرَزهُ بإِبرة أو شوكة نظرت؛ فإِن كان في مقتل كالعين والفؤاد والخاصرة والصدغ وأصل الأُذُن فمات؛ فهو عمد أيضاً؛ لأن الإِصابة بذلك في المقتل كالجرح بالسكين في غير المقتل".
وجاء في "الشرح الكبير"(9/ 320):
1 -
"
…
أن يجرحه بسكين، أو يغرزه بمسلّة، أو ما في معناه؛ ممّا يحدّد ويجرح من الحديد والنحاس والزجاج والحجر
…
فهذا كله إِذا جرَح به جُرحاً كبيراً فمات؛ فهو قتلُ عمدٍ لا اختلاف فيه بين العلماء -فيما علمناه-.
2 -
أن يضربه بمثقل فوق عمود
…
أو حجر كبير، أو يُلقي عليه حائطاً أو سقفاً، أو يُلقيه من شاهق، أو يكرّر الضرب بصغير، أو يضربه في مقتل أو في حال ضعف قُوةٍ من مرض أو صِغر أو كِبَر.
عن أنس بن مالك رضي الله عنه "أن يهودياً رضّ رأسَ جاريةٍ بين حجرين، فقيل لها: من فَعَل بك هذا؟ أفلان أفلان، حتى سُمّي اليهودي فأومأت برأسها، فجيء باليهودي فاعترف، فأمَرَ به النبيّ صلى الله عليه وسلم فَرُضّ رأسُه بالحجارة"(1).
3 -
إِذا جمع بينه وبين أسد أو نحوه في مكان ضيِّق، أو أنهشه كلباً أو سبعاً أو حية.
4 -
إِذا ألقاه في ماءٍ يُغرقه، أو نار لا يمكنه التخلص منها؛ إِمّا لكثرة الماء
(1) أخرجه البخاري (6884)، ومسلم (1672).
والنار، وإِمّا لعجزه عن التخلص.
5 -
إِذا خنقَه بحبل أو غيره، أو سدّ فمه وأنفه، أو عصر خصيته حتى مات.
[جاء في "مجموع الفتاوى"(34/ 144): "عن رجلين تضاربا وتخانقا، فوقع أحدهما فمات: فما يجب عليه؟
فأجاب: الحمد لله رب العالمين. إِذا خَنقه الخنق الذي يموت به المرء غالباً وجب القَوَد عليه عند جمهور العلماء؛ كمالك، والشافعي، وأحمد، وصاحبي أبي حنيفة، ولو ادعى أن هذا لا يَقْتُل غالباً لم يُقبَل منه بغير حُجّة.
فأمّا إِن كان أحدهما قد غشي عليه بعد الخنق، ورفَسَه الآخر برِجله حتى خرج من فمه شيء فمات؛ فهذا يجب عليه القَوَد بلا ريب، فإِن هذا قاتلٌ نفساً عمداً؛ فيجب عليه القَوَد؛ إذا كان المقتول يكافؤه بأن يكون حُرّاً مسلماً، فيُسَلّم إِلى ورثة المقتول؛ إِنْ شاءوا أن يقتلوه، وإنْ شاءوا عفوا عنه، وإنْ شاءوا أخذوا الدّية".
وفي "مجموع الفتاوى"(ص 144) أيضاً: "وَسئل رحمه الله عن رجلين تخاصما وتقابضا فقام واحد ونطح الآخر في أنفه، فجرى دمه، فقام الذي جرى دمه خنقه ورفسه برجله في مخاصيه فوقع ميّتاً؟
فأجاب: يجب القَوَد على الخانق الذي رفس الآخر في أنثييه؛ فإِنّ مثل هذا الفعل قد يَقْتُل غالباً؛ فإِنّ موته بهذا الفِعل دليل على أنه فَعل به ما يَقْتُل غالباً؛ والفِعْل الذي يَقْتُل غالباً يجب به القَوَد في مذهب مالك والشافعي وأحمد وصاحبي أبي حنيفه: مثل ما لو ضرَبه في أنثييه حتى مات فيجب القَوَد، ولو خنقه حتى مات وجب القَوَد، فكيف إذا اجتمعا؟!
ووليّ المقتول مُخيَّر إِنْ شاء قتَل، وإِنْ شاء أخذ الدِّية، وإِنْ شاء عفا عنه؛ وليس لولي الأمر أن يأخذ من القاتل شيئاً لنفسه ولا لبيت المال؛ وإِنما الحقّ في ذلك لأولياء المقتول"].
6 -
إِذا حبَسه ومنعه الطعام أو الشراب؛ حتى مات جوعاً وعطشاً؛ في مُدّةٍ يموت في مِثْلها غالباً.
7 -
إِذا سقاه سمّاً، أو خَلطه بطعامه فأكل فمات.
عن أنس بن مالك رضي الله عنه: "أنّ يهودية أَتت النبي صلى الله عليه وسلم بشاةٍ مسمومة فأكل منها، فقيل: ألا نقتلها؟ قال: لا، فما زلت أعرفها في لَهواتِ (1) رسول الله صلى الله عليه وسلم"(2).
وفي رواية من حديث أبي سلمة رضي الله عنه: "أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، أهدَتْ له يهودية، بخيبر شاةً مصليّة
…
قال: فمات بشر بن البراء بن معرور الأنصاري، فأرسل إِلى اليهودية: ما حَمَلك على الذي صَنعْت؟ فقالت: إِنْ كنتَ نبياً لم يضرَّك وإِن لم تكن استرحنا منك. فأمَرَ بها رسول الله فقُتلت" (3).
8 -
إِذا قتَلَه بسحر يقتُلُ غالباً.
9 -
إِذا شهد رجلان على رجل بقتل عمدٍ
…
أو رِدّة، فيُقتَل بذلك، ثمّ يرجعان ويقولان: عَمَدنا قتْله.
(1) لَهَوات: جَمْع لهاة، وهي الَّلحَماتُ في سقف أقصى الفم. "النهاية".
(2)
أخرجه البخاري (2617)، ومسلم (2190).
(3)
أخرجه أبو داود "صحيح سنن أبي داود"(3783).