الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اشتراك الجماعة في القِصاص:
عن مطرّفٌ عن الشعبي في رجلين شهدا على رجلٍ أنّه سرق فقطعه علي رضي الله عنه ثم جاءا بآخر وقالا: أخطأنا، فأبطل شهادتهما، وأُخذا بدية الأول.
وقال: "لو علمت أنكما تعمدتما لقطعتكما"(1).
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: "لَدَدْنَا (2) رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه، وجعلَ يشيرُ إِلينا لا تَلُدُّوني.
قال: فقلنا كراهية المريض بالدواء فلمّا أفاق قال: ألم أنهكنّ أن تَلُدُّوني، قال: قُلنا كراهيةً للدواء؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يبقى منكم أحدٌ إِلا لُدَّ وأنا
= والواجد الغني من الوُجد بالضم بمعنى السعة والقدرة، ويقال وجَد في المال وجدا أي: استغنى.
(يحل): بضم الياء من الإِحلال.
(عرضه): بأن يقول له المدين: أنت ظالم، أنت مماطل، ونحوه مما ليس بقذف ولا فحش.
(وعقوبته): بأن يُعزّره القاضي على الأداء؛ بنحو ضربٍ أو حبس حتى يؤدي.
(1)
رواه البخاري معلقاً مجزوماً به (كتاب الديات باب - إِذا أصاب قومٌ من رجل
…
) ووصله الشافعي عن سفيان بن عيينة وانظر "الفتح"(12/ 336) وتقدّم.
(2)
اللَّدود: بفتح اللام وبمهملتين: هو الدواء الذي يُصبُّ في أحد جانبي فم المريض. واللُّدود -بالضم- الفعل ولدَدْت المريض: فَعَلْت ذلك به. "الفتح".
أنظر؛ إلَاّ العباسَ فإِنه لم يَشهدكم" (1).
قال الحافظ رحمه الله في "الفتح"(8/ 147): "قوله: لا يبقى أحدٌ في البيت إِلا لُدَّ وأنا أنظر إلَاّ العباسَ فإِنه لم يَشهدكم" قيل: فيه مشروعية القِصاص في جميع ما يُصاب به الإِنسان عمداً، وفيه نظَر، لأنّ الجميع لم يتعاطَوا ذلك، وإنما فَعَل بهم ذلك عقوبة لهم لتركهم امتثال نهيه عن ذلك.
أمّا مَن باشره فظاهر، وأمّا من لم يباشِره فلكونهم تركوا نهيهم عما نهاهم هو عنه.
ويستفاد منه أن التأويل البعيد لا يُعْذَرُ به صاحبه، وفيه نظَر أيضاً لأن الذي وقع في معارضة النهي.
قال ابن العربي: أراد أن لا يأتوا يوم القيامة، وعليهم حقّه فيقعوا في خَطبٍ عظيم، وتُعقِّب بأنه كان يمكن العفو؛ لأنه كان لا ينتقم لنفسه.
والذي يظهر أنه أراد بذلك تأديبهم لئلا يعودوا، فكان تأديباً لا قِصاصاً ولا انتقاماً.
قيل: وإِنما كَره اللَّد مع أنه كان يتداوى؛ لأنه تحقق أنه يموت في مرضه، ومَن حقق ذلك كُره له التداوي. قلت: وفيه نظَر، والذي يظهر أن ذلك كان قبل التخيير والتحقق، وإِنما أنكَر التداوي؛ لأنه كان غيرَ ملائم لدائه؛ لأنهم ظنوا أنّ به ذات الجنب فداووه بما يلائمها؛ ولم يكن به ذلك كما هو ظاهر في سياق الخبر كما ترى، والله أعلم".
(1) أخرجه البخاري (6897) مسلم (2213).