الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبداً وأولئك هم الفاسقون} (1).
وقال -سبحانه-: {إِنّ الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات لُعنوا في الدنيا والآخرة ولهم عذاب عظيم} (2).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "اجتنبوا السبع الموبقات، قالوا: يا رسول الله! وما هنّ؟ قال: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرّم الله إِلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتّولي يوم الزحف، وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات"(3).
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: "لما نزل عُذري، قام النّبيّ صلى الله عليه وسلم على المنبر فذكر ذاك وتلا -يعني القرآن- فلما نزل من المنبر أَمَر بالرجلين والمرأة، فضُربوا حدهم"(4).
هل يُقام حدّ القذف على من عرَّض
(5)؟
ويُقام الحدّ على القاذف إِذا صرّح بالزنى أو عرّض، قولاً أو كتابة.
(1) النور: 4.
(2)
النور: 23.
(3)
أخرجه البخاري (6857)، ومسلم (89).
(4)
أخرجه أبو داود "صحيح سنن أبي داود"(3756)، والترمذي "صحيح سنن الترمذي"(2542)، وابن ماجه "صحيح سنن ابن ماجه"(2081).
(5)
استفدت من عنوان (ما يجب توافره في المقذوف) من "فقه السّنّة"(3/ 216) بتصرّف.
ومثال التصريح أن يقول موجّهاً الخطاب إِلى غيره: يا زاني أو يقول عبارة؛ تجري مجرى هذا التصريح؛ كنفي نسَبِه عنه، ومثال التعريض؛ أن يقول في مقام التنازُع: لستُ بزانٍ، ولا أمّي بزانية.
عن عمرة بنت عبد الرحمن: "أنّ رجلين استبّا في زمان عمر بن الخطاب، فقال أحدهما للآخر: والله ما أبي بزان، ولا أمّي بزانية، فاستشار في ذلك عمر ابن الخطاب.
فقال قائل: مدَح أباه وأمّه، وقال آخَرون: قد كان لأبيه وأمّه مدْحٌ غير هذا، نرى أن تجلده الحدّ، فجلَده عمر الحدّ ثمانين" (1).
وذَهب بعض العلماء إِلى أنه لا حدّ في التعريض، لأنّ التعريض يتضمّن الاحتمال، والاحتمال شُبهة؛ فلا حدّ عليه.
وجاء في "الروضة الندية"(2/ 608) بعد ذكر أقوال العلماء: "أقول: التحقيق أنّ المراد مِنْ رمي المحصنات المذكور في كتاب الله عز وجل: هو أن يأتي القاذف بلفظٍ يدل -لغة، أو شرعاً، أو عرفاً- على الرمي بالزنا، ويظهر من قرائن الأحوال أن المتكلم لم يُرِدْ إِلا ذلك، ولم يأت بتأويلٍ مقبول يصح حمْل الكلام عليه، فهذا يوجب حدَّ القذف بلا شك ولا شُبهة.
وكذلك لو جاء بلفظٍ لا يحتمل الزنا، أو يحتمله احتمالاً مرجوحاً، وأقرّ أنه أراد الرمي بالزنا، فإِنه يجب عليه الحد.
وأمّا إِذا عرّض بلفظٍ مُحتَمل، ولم تدل قرينة حال ولا مقال على أنه قصد الرمي بالزنا؛ فلا شيء عليه؛ لأنه لا يسوغ إِيلامه بمجرد الاحتمال".
(1) أخرجه مالك، والدارقطني، وصححه شيخنا رحمه الله في "الإِرواء"(2371).