الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال ابن كثير رحمه الله في تفسير قوله: {فلا يُسرف في القتل} "قالوا: معناه، فلا يسرف الوليّ في قتْل القاتل، بأن يمثّل به أو يقتَصّ من غير القاتل".
وعن عمران بن حصين قال: "كان رسول الله ينهانا عن المُثْلة"(1).
بل يجب الإحسان في القِصاص.
فعن شداد بن أوس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إِذا قتلتم فأحسنوا القِتْلَة"(2).
استحباب العفو في القِصاص:
عن وائل بن حجر رضي الله عنه قال: "إِني لقاعِد مع النبي صلى الله عليه وسلم إِذا جاء رَجُلٌ يَقُودُ آخرَ بِنِسعَةً (3). فقال: يا رسول الله هذا قَتَل أخي. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أقَتَلْتَهُ؟ فقال: إِنَّه لَوْ لَمْ يعترِف أقمْتُ عَلَيْه البَيّنةَ قال: نعم قَتَلْتُهُ.
قال: كيف قَتَلْتَهُ؟ قال: كنت أنا وهو نَختَبط (4) من شجَرَةٍ. فسَبَّني
(1) أخرجه أحمد وابن أبي شيبة وأبر داود "صحيح سنن أبي داود"(2322)، وانظر "الإِرواء"(2230).
(2)
أخرجه مسلم (1955).
(3)
النِّسعة: حبل من جلود مضفورة.
(4)
نختبط: أي نجمع الخبط -وهو ورق الثمر- بأن يضرب الشجر بالعصا فيسقط ورقه فيجمعه علفاً "شرح النووي".
فأغَضبني. فضرَبتُهُ بالفأس على قرْنِهِ (1) فقتلته، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: هل لك مِنْ شَيءٍ تُؤدِّيه عَنْ نفسِك؟ قال: ما لي مَالٌ إِلا كِسائي وفأسي.
قال: فَتَرى قومَك يشْتَرُونَكَ؟ قال: أنا أهْونُ على قومي من ذاك. فرمى إِليه بِنسعَته. وقال: دُونَكَ صَاحبَكَ فانطلَقَ به الرَجُلُ فلمّا ولّى، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إِن قَتَلَهُ فَهُو مِثله.
فَرَجَع، فقال: يا رسول الله إِنَّه بَلَغني أنّكَ قُلتَ: إِن قَتَلَهُ فَهُو مِثْلُهُ وأَخَذتُهُ بِأمرِكَ. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أمَا تُريد أن يَبُوء بإِثمِك وإِثمِ صَاحبِك؟
قال: يا نبي الله! (لعَلَّه قال) بَلَى قال: فإِنَّ ذَاك كَذاكَ قالَ: فَرَمى بنِسْعِته وخَلّى سَبيلهُ" (2).
ولعله لم يُرد قتْله -كما تقدّم- لما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: "قُتِل رجل على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، فرُفع ذلك إِلى النبي صلى الله عليه وسلم، فدفعَه إِلى وليّ المقتول، فقال القاتل: يا رسول الله والله ما أردْتُ قتْله قال: فقال رسول الله للولي: أمَا إِنه، إِنْ كان صادقاً ثُمَّ قَتَلْتَهُ دَخَلْتَ النَّار قال: فخلَّى سبيله"(3).
وعن عطاء بن أبي ميمون قال: لا أعلمه إلَاّ عن أنس بن مالك قال: "ما رُفع
(1) قرنه: جانب رأسه.
(2)
أخرجه مسلم (1680)، وتقدّم.
(3)
أخرجه أبو داود "صحيح سنن أبي داود"(3775)، والترمذي "صحيح سنن الترمذي"(1135)، وابن ماجه "صحيح سنن ابن ماجه"(2178)، والنسائي "صحيح سنن النسائي"(4403) وتقدّم.