الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3 -
أن يُؤمَن في استيفاء القِصاص التَّعدّي إِلى غير القاتل، فلو وجب القِصاص على حامل، أو حَمَلت بعد وجوبه، لم تُقتَل حتى تضع الولد وتسقِيه اللبأ -وهو أوّل اللّبن عند الولادة (1).
وقد قال الله -تعالى-: {فلا يُسرف في القتل} (2) وقتل ما في بطن الحامل منَ الإِسراف في القتل.
عن بريدة رضي الله عنه قال: "جاءت امرأة من غامد من الأزد، فقالت: يا رسول الله! طهرني. فقال: ويحكِ! ارجعي فاستغفري الله وتوبي إِليه. فقالت: أراك تُريد أن تُرَدِّدَني كما ردّدْت ماعز بن مالك.
قال: وما ذاك؟ قالت: إِنها حُبلى من الزنى، فقال: آنتِ؟ قالت: نعم، فقال لها: حتّى تضعي ما في بطنك.
قال: فكَفَلهَا رجل من الأنصار حتّى وضعت، قال: فأتى النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقال: قد وضعت الغامدّية. فقال: إِذاً لا نرجمها وندَع ولدها صغيراً ليس له من يرضعه.
فقام رجل من الأنصار فقال: إِليّ رَضاعه يا نبي الله قال: فرجَمها" (3).
بمَ يكون القِصاص
(4)؟
الأصل في القصاص، أن يُقتَل القاتل بالطريقة التي قتَل بها؛ لأنّ ذلك
(1) انظر "لسان العرب".
(2)
الإسراء: 33.
(3)
أخرجه مسلم (1695) وتقدّم.
(4)
عن "فقه السنة"(3/ 313) -بتصرف وزيادة-.
مُقْتَضى المماثلة والمساواة. إِلا أن يطول تعذيبه بذلك، فيكون السيف له أروح، ولأنّ الله -تعالى- يقول:{فمن اعتدى عَلَيْكم فاعْتَدوا عَلَيه بمِثْل ما اعْتَدى عَلَيْكُم} (1).
ويقول -تعالى-: {وإِنْ عاقبتُم فعاقِبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتُم لهو خيرٌ للصابرين} (2) وقد رجّح الجمهور أن القاتل يُقتَل بما قتَل به، وتمسّكوا بالآيتين السابقتين (3).
قال ابن كثير رحمه الله في "تفسيره": "يأمر -تعالى- بالعدل والاقتصاد والمماثلة في استيفاء الحق .. ".
وقال -تعالى-: {وجزاءُ سيئةٍ سيئةٌ مِثلها} (4) وقد رضّ رسول الله صلى الله عليه وسلم اليهودي بحجر لمّا رضّ هو رأس المرأة بحجر.
فعن أنس من مالك رضي الله عنه أن يهودياً رضّ رأس جارية بين حجرين، فقيل لها: مَن فعل بكِ هذا؛ أفلان أفلان حتى سُمي اليهودي فأومأت برأسها، فجيء باليهودي فاعترف، فأمَر النبي به صلى الله عليه وسلم فَرُضّ رأسُه بالحجارة" (5).
ولا تجوز المثلة في القِصاص؛ لأنه من الإِسراف في القتل.
(1) سورة البقرة: 194.
(2)
النحل: 126.
(3)
انظر "الفتح"(12/ 200).
(4)
الشورى: 40.
(5)
أخرجه البخاري (6884)، ومسلم (1672) وتقدّم.