الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ماذا إِذا عفا أحد الورثة
؟
وإِذا عفا أحد الورثة، سقط القِصاص.
فعن زيد بن وهب أن عمر رضي الله عنه "أُتي برجل قَتَل قتيلاً، فجاء ورثة المقتول ليقتلوه، فقالت امرأة المقتول -وهي أخت القاتل-: قد عفوت عن حقي، فقال عمر: الله أكبر، عُتق القتيل، فأَمَر عمر لسائرهم بالدّية"(1).
وعن زيد بن وهب أيضاً: "أنّ رجلاً دخل على امرأته. فوجد عندها رجلاً فقتلها، فاستعدى عليه إِخوتها عمر رضي الله عنه فقال بعض إِخوتها: قد تصدقت فقضى لسائرهم بالدية"(2).
وفي رواية: "أنّ رجلاً قتَل امرأته، استعدى ثلاثة إِخوة لها عليه عمر بن الخطاب رضي الله عنه فعفا أحدهم، فقال عمرُ للباقين: خذا ثلثي الدِّية؛ فإِنه لا سبيل إِلى قتله"(3).
القَتْل شبه العمْد:
شبه العمد أحد أقسام القتل، وهو: أن يقصَد ضرْبه بما لا يَقْتُلُ غالباً، إِمّا لقصد العدوان عليه، أو لقصد التأديب له، فيسرف فيه؛ كالضربِ بالسوط والعصا والحجر الصغير والوكْز واليد.
(1) أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" وانظر "الإرواء"(2222).
(2)
أخرجه البيهقي وابن أبي شيبة وقال شيخنا رحمه الله في "الإرواء"(2225): "وإسناده صحيح على شرط الشيخين".
(3)
أخرجه ابن أبي شيبة وقال شيخنا رحمه الله في "الإرواء"(2225): "وإسناده صحيح".
وسائر ما لا يَقْتُل غالباً إِذا قتل؛ فهو شبه عمد؛ لأنه قصَد الضرب دون القتل، ويُسمّى عمدَ الخطأ وخطأ العمد؛ لاجتماع العمد والخطأ فيه فإِنه عَمَد الفعل وأخطأ في القتل (1).
*ولما لم يكن عمداً محضاً، سقط القَوَد؛ لأن الأصل صيانة الدماء، فلا تُستباح إِلا بأمر بيّن، ولما لم يكن خطأ محضاً -لأن الضرب مقصود بالفعل دون القتل- وَجَبَت فيه دِيَة مُغلظة* (2).
عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما: أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: "عَقلُ (3) شبهِ العمد مُغَلّظ؛ مثل عقْلِ العمد، ولا يُقتَل صاحبه، وذلك أن ينزو (4) الشيطَان بين الناس فتكون دماء في عِمّيّا (5) في غير ضغينة (6) ولا حمْلِ سلاح"(7).
(1)"المغني"(9/ 337).
(2)
ما بين نجمتين من "فقه السنة"(3/ 295).
(3)
العقل: أي: الدّية وأصلُه: أنّ القاتل إِذا قَتَل قتيلاً جمَع الدِّية من الإِبل فعَقَلها بفِناء أولياء المقتول: أي: شَدّها في عُقُلها ليُسَلمها إِليهم ويَقبضُوها منه، فسُميت الدِّية عَقلاً بالمصدر. يقال عَقَل البعير يَعْقله عقلاً، وجمعُها عقُول. وكان أصل الدِّية الإِبل، ثم قُوّمت بعد ذلك بالذهب والفضة والبقر والغنم وغيرها. "النهاية".
(4)
النزو: الوثوب والتسرّع إِلى الشّر؛ انظر "النهاية" و"عون المعبود"(12/ 200) وسيأتي كلام الحافظ رحمه الله قريباً بإِذن الله.
(5)
عِمّيّا: -بكسر العين والميم المشددة وتشديد الياء-: أي: في حالٍ يعمى أمْرُه، فلا يتبين قاتله ولا حالُ قتْله، فحُكمه حُكم قتيل الخطأ؛ تجب فيه الدِّية "النهاية" -بتصرف يسير-.
(6)
الضغينة: الحقد والعداوة والبغضاء.
(7)
أخرجه أبو داود "صحيح سنن أبي داود"(3819)، وانظر المشكاة (3501).