الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
في إِفساد زرْعِ الغير:
ولو سقَى أرضه سقياً زائداً على المعتاد، فأفسَد زَرْع غيره ضَمِن، فإِذا انصبَّ الماء مِنْ موضعٍ لا عِلْم له به؛ لم يضمن؛ حيث لم يَحدُث منه تعدٍّ.
في غرق السفينة:
مَنْ كان له سفينةٌ يعبر بها الناس ودوابّهم، فغَرِقت دون سبب مباشر منه؛ فلا ضمان عليه فيما تلف بها، فإِنْ كان غرقُها بسببٍ منه ضمن* (1).
ضمان الطبيب:
إِذا لم تكن درايةٌ بالطب للمرء، وتكلّف ذلك فعالجَ مريضاً، فآذاه أو أتلف شيئاً من بدنه؛ فإِنه ضامِنٌ مسؤول عما جنت يداه، والدِّيَة في ماله.
عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من تطبّبَ (2) ولا يُعلَمُ منه طبّ فهو ضامن"(3).
وعن عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز قال: "حدّثني بعض الوفد الذين قدِموا على أبي، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيما طبيب تطبّب على قومٍ لا
(1) ما بين نجمتين من "فقه السنة"(3/ 261، 262) بتصرف يسير.
(2)
مَن تطبّب: أي تعاطى عِلم الطبِّ، وعالج مريضاً.
(3)
أخرجه أبو داود "صحيح سنن أبي داود"(3834) وابن ماجه "صحيح سنن ابن ماجه"(3834) والنسائي "صحيح سنن النسائي"(4491)، وانظر "الصحيحة"(635).
يُعرف له تطبُّبٌ قبل ذلك، فأعنَتَ (1)؛ فهو ضامن".
قال عبد العزيز: "أما إِنه ليس بالعَنَت، إِنما هو قطع العروق والبطّ (2) والكي (3) "(4).
جاء في "سُبُل السلام"(3/ 472): "الحديث دليل على تضمين المتطبّب ما أتلفَه مِن نفسٍ فما دونها، سواء أصابَ بالسراية أو بالمباشرة، وسواء كان عمداً أو خطأ، وقد ادُّعي على هذا الإِجماع.
وفي "نهاية المجتهد" إِذا أعنَت -أي المتطبب- كان عليه الضرب والسجن، والدية في ماله، وقيل على العاقلة.
واعلم أن المتطبب هو من ليس له خِبرةٌ بالعلاج، وليس له شيخٌ معروف، والطبيب الحاذِق هو مَن له شيخ معروف؛ وَثِقَ مِنْ نفسه بجودة الصنعة وإحكام
(1) فأعنَتَ: أي أضرَّ بالمريض وأفسده.
(2)
أي الشَّقّ.
(3)
أخرجه أبو داود "صحيح سنن أبي داود"(3835)، وابن أبي شيبة في "المصنف"، وانظر "الصحيحة " تحت (635)، (2/ 227).
(4)
جاء في "عون المعبود": (12/ 215): "ومراد عبد العزيز -والله أعلم بمراده- أنّ لفْظ الطبيب الواقع في الحديث؛ ليس المقصود منه معناه الوصفي العامّ الشامل لكل من يُعالج؛ بل المقصود منه قاطع العروق والباطّ والكاوي، ولكن أنت تعلم أنّ لفْظ الطبيب في اللغة عامّ لكلّ من يعالج الجسم؛ فلا بدّ للتخصيص ببعض الأنواع من دليل".
قلت: لعلّ قول عبد العزيز -رحمه الله تعالى- تفسير للحديث، فهو على سبيل المثال لا الحصر، والأخْذ بعموم النصّ هو الأولى، إذا الجاهل بالطبّ يلزمه الضمان في عموم ما يقع منه من إِضرارٍ أو إِفساد. والله -تعالى- أعلم.