الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جاء في "الفتح" تحت الحديث (6833): "وقال ابن المنذر: أقسم النّبيّ صلى الله عليه وسلم في قصة العسيف أنه يقضي فيه بكتاب الله ثمّ قال: إِن عليه جلد مائة وتغريب عام، وهو المبين لكتاب الله، وخطب عمر بذلك على رؤوس الناس، وعمل به الخلفاء الراشدون فلم ينكره أحد فكان إِجماعاً.
واختلف في المسافة التي يُنفى إِليها: فقيل: هو إِلى رأي الإِمام، وقيل: يشترط مسافة القصر، وقيل: إِلى ثلاثة أيام، وقيل: يومين، وقيل: يوم وليلة، وقيل: من عمل إِلى عمل، وقيل: إِلى ميل، وقيل: إِلى ما ينطلق عليه اسم نفي".
والذي يترجّح لديّ رجوعُ ذلك إِلى رأي الإِمام فيما يراه يُحقّق المقصود، وقد يكون لبعض النّاس أحوالٌ خاصّة، فيعمل الإِمام بما يحقّق المقصود الشرعي من التغريب؛ مراعياً هذه الأحوال، والمصلحة العامّة. والله -تعالى- أعلم.
حدّ الزاني المحصن:
ويُحدّ الزاني المحصَن بالرجم حتى الموت، رجُلاً كان أم امرأة.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "أتى رسولَ الله صلى الله عليه وسلم رجلٌ من النّاس وهو في المسجد فناداه: يا رسول الله! إِني زنيتُ -يريدُ نفسه- فأعرض عنه النّبيّ صلى الله عليه وسلم، فتنحى لشقِّ وجهه الذي أعرض قِبَلَه؟
فقال: يا رسول الله! إِني زنيت، فأعرض عنه، فجاء لشقِّ وجه النّبيّ صلى الله عليه وسلم الذي أعرض عنه.
فلمّا شهد على نفسه أربع شهاداتٍ؛ دعاه النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقال: أبكَ جنون؟ قال: لا يا رسول الله، فقال: أحصنتَ؟ قال: نعم يا رسول الله، قال: اذهبوا
فارجموه" (1).
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال عمر لقد خشيتُ أن يطول بالنّاس زمان حتّى يقول قائل لا نجد الرجم في كتاب الله فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله، ألا وإِن الرجم حقٌّ على من زنى وقد أحصن إِذا قامت البيّنة أو كان الحمل أو الاعتراف.
قال سفيان: كذا حفظت، ألا وقد رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجمنا بعده" (2).
ويشترط في إِقامة هذا الحد بالإِضافة إِلى ما تقدّم مِن كونه عاقلاً بالغاً الحريّة، إِذ لا رجم على العبد أو الأمة؛ لقوله الله تبارك وتعالى:{فإِن أتيْن بفاحشة فعليهنّ نصفُ ما على المحصناتِ من العذاب} (3) والرجم لا يتجزّأ.
عن أبي عبد الرحمن قال: "خطب عليٌّ فقال: يا أيها النّاس! أقيموا على أرقائكم الحدّ؛ من أحصن منهم ومن لم يُحْصِن، فإِنّ أمَةً لرسول الله صلى الله عليه وسلم زنت فأمرني أنْ أجْلدها فإِذا هي حديث عهدٍ بنفاس، فخشيت إِنْ أنا جلدتها أنْ أقتلها، فذكرت ذلك للنّبيّ صلى الله عليه وسلم فقال: أحسنت"(4).
وفي رواية: "اتركها حتّى تَماثَل (5) "(6).
(1) أخرجه البخاري (6825)، ومسلم (1691).
(2)
أخرجه البخاري (6829)، ومسلم (1691).
(3)
النساء: 25.
(4)
أخرجه مسلم (1705).
(5)
تماثل: أي: تُقارب البُرء.
(6)
أخرجه مسلم (1705).