الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ضمان صاحب الكلب العقور ونحوِه:
ومن اقتنى كلباً عقوراً؛ فأطلقه، فعقَر إِنساناً أو دابَّة، ليلاً أو نهاراً، أو خرق ثوب إِنسان؛ فعلى صاحبه ضمانُ ما أتلفه لأنه مُفرط باقتنائه؛ إِلا أن يدخل إِنسانٌ داره بغير إِذنه، فلا ضمان فيه؛ لأنه مُتعدٍ بالدخول متسبِّبٌ بعدوانه إِلى عَقْر الكلب له، وإنْ دخَل بإِذن المالك فعليه ضمانهُ، لأنه تسبب إِلى إِتلافه.
وإِنْ أتلفَ الكلبُ بغير العقر؛ مِثْل أن ولَغ في إِناء إِنسان أو بال؛ لم يضمنهُ مقتنيه، لأنّ هذا لا يختص به الكلب العَقور.
قال القاضي: وإِن اقتنى سنوراً يأكل أفراخ الناس ضَمِن ما أتلفه كما يضمن ما أتلفه الكلب العقور، ولا فرق بين الليل والنهار (1).
ضمان صاحب الطيور:
وإِن اقتنى حماماً أو غيره من الطير؛ فأرسله نهاراً فلقط حباً؛ لم يضمنه؛ لأنه كالبهيمة، والعادة إِرساله (2).
وإِن كان له طيرٌ جارح -كالصقر والبازي- فأفسد طيور الناس وحيواناتهم؛ ضمن (3).
لا ضمان في قتْل الحيوان الضارّ:
ويشرع قتل الحيوان الذي ورد النَصُّ بقتْله.
(1) انظر "المغني"(10/ 358).
(2)
انظر المصدر السابق.
(3)
انظر "فقه السنة"(3/ 355).
عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "خمسٌ من الدواب كلهنّ فاسقٌ؛ يُقتلن في الحرم: الغراب (1) والحِدَأة (2)، والعقرب والفأرة والكلب العَقور"(3).
وفي لفظ: "خمسٌ فواسقُ يُقتَلْنَ في الحِلِّ والحَرَم: الحية والغراب الأبقع والفأرة والكلب العَقور والحُدَيّا"(4).
وفي رواية: "العقرب" بدل الحيّة (5).
وقد ورد النهي عن قتل أربع من الدواب، كما في حديث ابن عباس رضي الله عنهما:"أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن قتل أربع من الدواب النملة والنحلة والهدهد والصُّرَد (6) "(7).
(1) وفي رواية عند مسلم (1198) والغراب الأبقع. قال ابن قُدامة رحمه الله "يلتحق بالأبقع ما شاركه في الإيذاء وتحريم الأكل"، وانظر للمزيد من الفائدة في مسألة الغراب الأبقع. ما جاء في "الفتح" تحت الحديث (1831).
(2)
الحِدَأة: طائر من الجوارح؛ ينقضّ على الجُرذان والدواجن والأطعمة ونحوها.
(3)
أخرجه البخاري (1829)، ومسلم (1198).
(4)
أخرجه مسلم (1198).
(5)
أخرجه البخاري (1829) ومسلم (1199).
(6)
الصُّرد: طائرٌ ضخْم الرأس والمنقار، له ريش عظيم، نصفه أبيض، ونصفه أسود. "النهاية".
(7)
أخرجه أبو داود "صحيح سنن أبي داود"(4387) وابن ماجه "صحيح سنن ابن ماجه"(2609)، وانظر "الإِرواء"(2490).
قال النووي: "فالمنصوص عليه الستّ" أي: الحية والغراب والفأرة والكلب العَقور والحِدَأة والعقرب.
وعن أم شريك أن النبي صلى الله عليه وسلم "أمَرَها بقتل الأوزاغ"(1).
ولا ضمان في قَتْلها، ولا في غيرها من السباع والحشرات الضارّة.
قال النووي رحمه الله: "واتفق جماهير العلماء على جواز قتْلهنّ في الحِلّ والإِحرام، واتفقوا على أنه يجوز للمحرم أن يقتُل ما في معناهنّ، ثمّ اختلفوا في المعنى فيهنّ وما يكون في معناهنّ، فقال الشافعي رحمه الله: "المعنى جواز قتلهنّ؛ كونهنّ ممّا لا يُؤكل، وكل ما لا يُؤكَل ولا هو متولد من مأكول وغيره؛ فقتْله جائز للمحرم، ولا فدية عليه".
وقال مالك: "المعنى فيهن: كونهنّ مؤذيات، فكلّ مؤذٍ يجوز للمحرم قتله، وما لا فلا".
قلت: وقول الإِمام مالك رحمه الله أصحّ لاشتراط علّة الإِيذاء. والله -تعالى- أعلم.
وفي الكلب العقور قال الحافظ رحمه الله في "الفتح"(4/ 39): "واختلف العلماء في المراد به هنا، وهل لوصفه بكونه عقوراً مفهوم أو لا؟ فررى سعيد بن منصور بإِسناد حسن عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: الكلب العقور الأسد.
وعن سفيان عن زيد بن أسلم أنهم سألوه عن الكلب العقور فقال: وأيّ
(1) أخرجه البخاري (3307)، ومسلم (2237).