الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شروط الحرابة:
ولا بُدَّ من توافُرِ شروط معينة في المحاربين، حتى يستحقُّوا العقوبة المقررة لهذه الجريمة.
شرط التَّكليف:
يُشترط في المحاربين العقل والبلوغ؛ لأنَّهما شرطا التَّكليف الذي هو شرطٌ في إِقامة الحدود، فالصَّبي والمجنون لا يُعدّ الواحد منهما محارباً، مهما اشترك في أعمال المحاربة؛ لعدم تكليف واحد منهما شرعاً، ولم يختلف في ذلك الفقهاء.
ولا تُشترط الذكورة ولا الحرية، لأنه ليس للأنوثة ولا للرّق تأثيرٌ على جريمة الحرابة، فقد يكون للمرأة والعبد من القوة؛ مثل ما لغيرهما -أو أكثر- من التديبر، وحمْل السلاح، والمشاركة في التمرد والعصيان؛ فيجري عليهما ما يجري على غيرهما من أحكام الحرابة.
هل يُشترط حمل السِّلاح
؟
ويُشترط في المحاربين عند بعض الفقهاء أن يكون معهم سلاح؛ لأنَّ قوَّتهم التي يعتمدون عليها في الحرابة إِنَّما هي قوَّة السِّلاح، فإِن لم يكن معهم سلاح، فليسوا بمحاربين؛ لأنَّهم لا يمنعون من يقصدهم!
ويترجَّح لديَّ عدم اشتراط حمل السِّلاح إِذا تحقَّق معنى الحرابة وقطع الطَّريق. إِذ قد يكون القتل والإِيذاء بالسّموم والحرق ونحوهما، ومن المعلوم أنَّ الحرق يعمل عمله أكثر من عددٍ من أنواع الأسلحة؛ التي يستخدمها قُطَّاع
الطُّرق والمفسدون والعصابات.
ثمَّ قرأْتُ قول ابن حزم رحمه الله في "المحلَّى"(13/ 320) تحت المسألة (2256) بعد أن ساق بإِسناده من طريق الإِمام مسلم رحمه الله حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "
…
ومَنْ خَرَجَ منْ أُمَّتي على أُمَّتي يضْرب بَرّها وفاجرها، لا يتحاشى من مؤمنها، ولا يفي بذي عهدها، فليس منِّي".
فقد عَمَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كما تسمع "الضَّرب" ولم يقل بسلاح، ولا غيره فصحَّ أنَّ كل حرابة بسلاح، أو بلا سلاح فسواء؟
قال: فوجب بما ذكَرنا أنَّ المحارب: هو المكابر المخيف لأهل الطريق، المفسد في سبيل الأرض سواء بسلاح، أو بلا سلاح أصلاً سواء ليلاً، أو نهاراً، في مصر أو في فلاة، أو في قصر الخليفة، أو الجامع سواء قدموا على أنْفسهم إِماماً، أو لم يقدِّموا سوى الخليفة نفسه، فَعَل ذلك بجنده أو غيره، منقطعين في الصَّحراء، أو أهل قرية سكاناً في دورهم، أو أهل حصن كذلك، أو أهل مدينة عظيمة، أو غير عظيمة -واحداً كان أو أكثر-.
كل من حارب المار، وأخاف السبيل بقتْل نفس، أو أخْذ مال، أو لجراحة، أو لانتهاك فرج؛ فهو محارب، عليه وعليهم -كثروا أو قلُّوا- حُكم المحاربين المنصوص في الآية، لأنَّ الله -تعالى- لم يخصّ شيئاً من هذه الوجوه، إِذ عهد إِلينا بحُكم المحاربين {ومَا كانَ رَبُّكَ نَسِيّا} (1) ".
وقال شيخ الإِسلام رحمه الله في "مجموع الفتاوى"(28/ 316):
(1) مريم: 64.