الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فأجاب: الحمد لله رب العالمين. إِذا ضربه عدواناً فهذا شبه عمد فيه دية مغلظة، ولا قَوَد فيه، وهذا إِن لم يكن موته من الضربة. والله أعلم".
القتل الخطأ
(1):
هو أن لا يقصد ضربه، وإِنما قصَد غيره فأصابه، أو أن يفعل ما يجوز له ويُباح؛ كأن يحفر بئراً؛ فيتردّى فيه إِنسان، أو أن يرمي الصيد، أو يفعل ما يجوز له قتْله فيؤول إِلى قتْل آدمي، فلا قَوَد عليه ولا قِصاص، وإِنما تجب الدية مخفّفة؛ كما سيأتي -إِن شاء الله تعالى-.
قال ابن المنذر: "أجمع كلُّ من نحفظ عنه مِن أهل العلم؛ أن القتل الخطأ؛ أنْ يرمي الرامي شيئاً؛ فيصيب غيره، لا أعلمهم يختلفون فيه.
هذا قول عمر بن عبد العزيز وقتادة والنخعي والزهري وابن شبرمة والثوري ومالك والشافعي وأصحاب الرأي.
فهذا الضرب من الخطأ تجب به الدية على العاقلة والكفّارة في مال القاتل بغير خلاف نعلمه.
ماذا يترتب على قتل الخطأ
؟
تجب الدّية مخفّفة على العاقلة (2) والكفّارة في مال القاتل، وهي عتق
(1) ملتقط من "المغني"(9/ 338) و"الروضة الندية"(2/ 639).
(2)
قال في "النهاية": "والعاقلة: هي العَصَبة والأقارب مِن قِبل الأب الذين يُعْطُون ديَةَ قتيل الخطأ
…
وأصلها اسم فاعلة من العقل، وهي مِن الصّفات الغالبة".
وقال الحافظ رحمه الله في "الفتح"(12/ 246): "العاقلة: بكسر القاف جمع =
رقبة مؤمنة فإِن لم يجد فصيام شهرين متتابعين.
والأصل في وجوب الدِّية والكفّارة قول الله -تعالى-: {ومن قَتَل مؤمناً خطأ فتحرير رقبة مؤمنة وديِةٌ مُسلَّمة إِلى أهله إِلا أن يصّدقوا} وسواء كان المقتول مسلماً أو كافراً له عهد لقول الله -تعالى-: المتقدّم {وإِن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدِيَةٌ مسلَّمة إِلى أهله وتحرير رقبة مؤمنة} .
ولا قِصاص في شيء من هذا لأن الله -تعالى- أوجب به الدية ولم يذكر قصاصاً.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إِنّ الله وضَع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استُكرهوا
= عاقل وهو دافع الدية، وسُمّيت الدية عقلاً تسميةً بالمصدر؛ لأن الإِبل كانت تُعْقَل بفناء ولي القتيل، ثم كثر الاستعمال حتى أطلق العقل على الدية ولو لم تكن إِبلاً.
وعاقلة الرجل قرابته من قبل الأب، وهم عصبته، وهم الذين كانوا يعقلون الإِبل على باب ولي المقتول، وتَحمُّل العاقلة الدية ثابت بالسنة، وأجمع أهل العلم على ذلك، وهو مخالف لظاهر قوله:{ولا تزر وازرة وزر أخرى} لكنه خُصّ من عمومها، ذلك لما فيه من المصلحة؛ لأن القاتل لو أُخِذ بالدية لأوشك أن تأتي على جميع ماله، لأن تتابع الخطأ منه لا يؤمَن، ولو تُرك بغير تغريم لأهدر دم المقتول.
قلت: [أي: الحافظ -رحمه الله تعالى-] ويحتمل أن يكون السر فيه أنه لو أفرد بالتغريم حتى يفتقر لآل الأمر إِلى الإِهدار بعد الافتقار، فجعل على عاقلته؛ لأن احتمال فقر الواحد أكثر من احتمال فقر الجماعة، ولأنه إذا تكرر ذلك منه كان تحذيره من العود إِلى مثل ذلك من جماعة أدعى إِلى القَبول؛ من تحذيره نفسه والعلم عند الله -تعالى-. وعاقلة الرجل عشيرته، فيبدأ بفخذه الأدنى فإِن عجزوا ضم إِليهم الأقرب إِليهم وهي على الرجال الأحرار البالغين أُولي اليسار منهم".