الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفي لفظ "مالك سرق بعضه بعضاً؛ لا قطع عليه"(1).
الصفات التي يجب اعتبارها في المال المسروق:
*1 - أن يكون ممّا يُتَموَّل ويُملَك ويَحل بيعه، وأخذ العِوض عنه، فلا قطع على من سَرق الخمر والخنزير؛ حتى لو كان المالك لهما ذمّيّا؛ لأن الله -تعالى- حرّم ملكيتهما والانتفاع بهما؛ بالنسبة للمسلم والذّمي على السواء.
وكذلك لا قطع على سارق أدوات اللهو؛ مثل العود والكمنج والمزمار (2)؛ لأنها آلات لا يجوز استعمالها، وأمّا الذين يُبيحون استعمالها؛ فهم يتفقون مع مَن يُحرّمها في عدم قطع يد سارقها، لوجود شبهة، والشبهات مُسقِطةٌ للحدود* (3).
2 -
أن يكون في حرز (4)، فشَرْط القطع؛ الإِخراج من الحرز -كما تقدم- قال النووي رحمه الله في "شرح مسلم" (11/ 185):"والحرز مشروطٌ؛ فلا قطع إِلا فيما سرق من حرزٍ، والمعتبر فيه العُرف؛ ممّا عدّه أهل العُرف حرزاً لذلك الشيء؛ فهو حِرزٌ له، ومالا؛ فلا .. "(5).
(1) أخرجه ابن أبي شيبة والبيهقي، وقال شيخنا رحمه الله:"وإِسناده صحيح"، وقال البيهقي:"وهو قول ابن عباس" وانظر "الإِرواء"(2421).
(2)
انظر للمزيد -إن شئت- ما جاء في "المغني"(10/ 282).
(3)
ما بين نجمتين من "فقه السنة"(3/ 267).
(4)
الحرز في اللغة: الموضع الحصين.
(5)
انظر للمزيد -إِن شئت- ما جاء في "الروضة الندية"(2/ 595).
قلت: وهذا مأخوذٌ باستقراء الأحاديث والآثار؛ كما هو بيّن.
3 -
أَلاّ يقل الشيء المسروق عن ربع دينار من ذهب أو ما يعادلها كما في الحديث "تُقطع اليد في ربع دينار"(1).
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: "لم تُقطع يَد السارق في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في أقلّ مِن ثمن المجنّ (2) جَحَفة (3) أو ترس، وكلاهما ذو ثمن"(4).
وفي رواية عنها أيضاً؛ قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تُقطَع يد السارق فيما دون المِجَنّ، قيل لعائشة: ما ثمن المجنّ؟ قالت: ربع دينار"(5).
وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم "قطع سارقاً في مِجَنّ قيمته ثلاثة دراهم"(6).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لعَن الله السارق
(1) أخرجه البخاري (6789)، ومسلم (1684) وتقدّم في حدّ السرقة.
(2)
المِجَنّ: بكسر الميم وفتح الجيم: وهو اسم لكل ما يُستجنّ به -أي يُستَتَر-.
(3)
الحَجَفة: هي الدَّرقة واحدة الحجف: وهي التروس من جلود بلا خشب ولا عَقَب ولا رباط من عصب.
(4)
أخرجه البخاري (6794)، ومسلم (1685).
(5)
أخرجه النسائي "صحيح سنن النسائي"(4583).
(6)
أخرجه البخاري (6997)، ومسلم (1686).
يسرق البيضة (1) فتُقَطَع يده، ويَسرِق الحبل فتُقطع يده".
قال الأعمش: كانوا يرَون أَنه بيض الحديد، والحبل كانوا يرَون أنه منها ما يساوي دراهم (2).
وجاء في "الفتح": "
…
وحاصلُه أَنّ المراد بالخبر؛ أنّ السارق يسرق الجليل فتُقطع يده، ويسرق الحقير فتُقطع يده، فكأنّه تعجيزٌ له وتضعيفٌ لاختياره؛ لكونه باع يده بقليل الثمن وكثيره".
وقد ثبت في السُّنة المطهرة عدم القطع في الثمر والكثر (3).
عن رافع بن خديج رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا قطع في ثَمر ولا كَثَر"(4).
وذكر بعض الفقهاء أن فيه شبهة الشركة العامّة، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:"المسلمون شركاء في ثلاثة: في الكلأ، والماء، والنار"(5).
(1) فسّرها بعضهم بالخُوذة، وآخرون ببيضة الدجاجة، والراجح الأول وما في معناه؛ كيلا يكون القطع في أقل من ربع دينار. والله أعلم.
(2)
أخرجه البخاري (6783)، ومسلم (1687).
(3)
الكَثَر: تقدّم أنه شحم النخل الذي يكون وسط النخلة.
(4)
أخرجه أحمد وأبو داود "صحيح سنن أبي داود"(3688) والترمذي "صحيح سنن الترمذي"(1173)، وابن ماجه، "صحيح سنن ابن ماجه"(2101)، والنسائي، "صحيح سنن النسائي"(4595) وصححه شيخنا رحمه الله في "الإِرواء"(1414) وتقدّم.
(5)
أخرجه أبو داود "صحيح سنن أبي داود"(2968)، وابن ماجه "صحيح سنن ابن ماجه"(2004) وانظر الإِرواء (1552).