الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والمتلاحمة: هي التي شقّت الجلد، وشرعت في اللحم.
والسمحاق: -هي الملطا- وهي التي قطَعت الجلد واللحم كله، ووصلت إِلى القشرة الرقيقة التي على العظم.
والموضحة: التي شقّت الجلد واللحم، وتلك القشرة، وأوضحت عن العظم.
والهاشمة: هي التي قطعت الجلد واللحم والقشرة، وأثّرت في العظم فهشمت فيه.
المنقلة: -وهي المنقولة أيضاً- التي فعلت ذلك كلّه، وكسرت العظم؛ فصار يخرج منها العظام.
والمأمومة: التي نفذت ذلك كله، وشقّت العظم كلّه، فبلغت أمّ الدماغ.
هذا الكلام كله هكذا، حدَّثناه أحمد بن محمد بن الجسور قال: نا محمد بن عيسى بن رفاعة قال: نا علي بن عبد العزيز نا أبو عبيد عن الأصمعي وغيره فذكر كما ذكَرْنا".
دية الشجاج:
ويتلخص مما تقدّم من النّصوص -وما يأتي- ما يلي:
1 -
في الآمة أو المأمومة (1) ثلث الدية (2) ثلاث وثلاثون من الإِبل وثُلث.
(1) الآمة أو المأمومة: هما الشجّة التي بلغَت أمْ الرأس، وهي الجلدة التي تجمع الدّماغ. وانظر "النهاية".
(2)
انظر "الإِرواء"(2289).
2 -
في الجائفة (1): ثلث الدية (2)، وهي ثلاث وثلاثون من الإِبل وثُلث، فإِذا خَرَجت من الجانب الآخر، ففيها ثلثا الدية.
عن سعيد بن المسيب: "أن قوماً يرمون، فرمى رجل منهم بسهم خطأ، فأصاب بطن رجل، فأنفذه إِلى ظهره، فدووي فبرأ، فرفع إِلى أبي بكر، فقضى فيه بجائفتين"(3).
3 -
في المنقّلة (4) خمس عشرة من الإِبل (5).
4 -
في المواضح (6) خمس خمس.
عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: "لما افتتحَ رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة قال في خطبته: وفي المواضح: خمس خمسٌ"(7).
(1) الجائفة: هي الطعنة التي تبلغ الجوف "طلبة الطَلَبة"(328).
(2)
انظر "الإِرواء"(2296).
(3)
أخرجه ابن أبي شيبة وانظره والشواهد الأخرى في "الإرواء" تحت الأثر (2298).
(4)
المنقلة: هي التي تخرج منها صِغار العظام، وتنتقل عن أماكنها، وقيل: التي تنقُل العظم: أي تكسره "النهاية".
(5)
انظر "الإرواء"(2286، 2287).
(6)
جمع موضحة: هي التي تُبدي وَضَحَ العظم: أي بياضه، وانظر "النهاية".
(7)
أخرجه النسائي "صحيح سنن النسائي"(4512) وأبو داود "صحيح سنن أُبي داود"(3820) والترمذي "صحيح سنن الترمذي"(1122) وابن ماجه "صحيح سنن ابن ماجه"(2150).
وجاء في "المغني"(9/ 643): "وإنْ أوضَحه في رأسه موضحتين بينهما حاجز؛ فعليه أرش موضحتين؛ لأنهما موضحتان، فإِنْ أزال الحاجز الذي بينهما؛ وجب أرش موضحة واحدة؛ لأنّه صار الجميع بفعله موضحة
…
".
وهذا الذي ثبت فيه الحديث والأثر من الشجاج -فيما أعلم- وقد ورد في حديث عمرو بن حزم رضي الله عنه عددٌ من الشّجاج، والأعضاء ولا يثبت الحديث مرفوعاً -كما تقدّم-.
وتقدم ذكر دِية الآمة والجائفة والمنقّلة والموضحة؛ مع الأدلة، وبقي من ذلك: الحارصة، والدامية والدّامعة والباضعة والمتلاحمة والسمحاق والهاشمة.
فبحثتُ عن نصوصٍ وآثار ثابتة، فلم أعثر على ذلك، وتأمّلت تقسيم ابن حزم رحمه الله الذي أفاده من الأصمعي وغيره، وتدرّجَه (التصاعدي) في الجراح؛ فرأيت أربعة أنواع من الجراح ذُكرت قبل الموضّحة، ولمّا كان في الموضّحة خمس من الإبل، ترجّح أن تكون دية ما دون هذه الجراح دون الخمس.
ووجدت ابن قدامة رحمه الله يقول في "المغني"(9/ 657): عن الموضّحة: وهي أول الشجاج المؤقته، وما قبلها من الشجاج الخمس؛ فلا توقيت فيها في الصحيح من مذهب أحمد، وهو قول أكثر الفقهاء.
يروى ذلك عن عمر بن عبد العزيز ومالك والأوزاعي والشافعي وأصحاب الرأي، وروي عن أحمد رواية أُخرى أن في الدامية بعيراً، وفي الباضعة بعيرين وفي المتلاحمة ثلاثة، وفي السمحاق أربعة؛ لأن هذا يروى عن زيد بن
ثابت
…
وبقيت الهاشمة وهي تقع بين الموضحة والمأمومة، وتقدّم أنّ في الموضحة خمساً، وفي المنقلة خمس عشرة، وهذا يلتقي ما ذكَره الفقهاء أن فيها عشراً من الإِبل.
وقيل: إِنه روي موقوفاً على زيد ين ثابت؛ كما في "سنن الدارقطني""والسنن الكبرى" للبيهقي و"مصنف عبد الرزاق" وانظر "الروضة الندية"(2/ 666).
وعلى أيّ حالٍ فإِنّ هذا العدد -وهو العشر من الإِبل- راجحٌ في الهاشمة؛ لأنه -كما ذكرت- يقع بين الموضحة والمأمومة، أي بين إِيجاب الخمس والخمس عشرة.
وقال أبو حنيفة والشافعي وأحمد فيها عشْر من الإِبل (1).
وجاء في كتاب "الإجماع عند أئمّة أهل السُّنة الأربعة": لابن هبيرة رحمه الله (ص 172): "واتفقوا على أنّ: الجروح قصاص في كل ما يتأتى منه القِصاص، ومن الجراح التي لا يتأتّى فيه القِصاص: الحارصة، هي: التي تشقّ الجلد قليلاً، وقيل: بل تكشطه ومنه قولهم حرص القصارُ الثوبَ، أي: شقّه، وتسمّى:(القاشرة) وتسمى: (المليطاء).
ثم الباضعة: وهي التي تشق اللحم بعد الجلد.
ثم البازلة: وهي تنزل الدم وتُسمّى الدامية والدامعة.
(1) انظر "الإِجماع عند أئمّة أهل السُّنة الأربعة"(ص 173).
والمتلاحمة وهي: التي تغوص في اللحم.
والسمحاق وهي: التي يبقى بينها وبين العظم جلدة رقيقة.
فهذه الجراح الخمسة ليس فيها تقدير شرعي بإِجماع الأئمّة المذكورة رضي الله عنهم إِلا ما روي عن أحمد أنه ذهب إِلى حُكم زيد في ذلك، وهو أنّ زيداً رضي الله عنه حَكَم في الدامية ببعير، وفي الباضعة ببعيرين، وفي المتلاحمة بثلاثة أبعرة، وفي السمحاق بأربعة أبعرة.
وقال أحمد: فأنا ذاهب إليه، وهذه رواية أبي طالب المسكاني عن أحمد، والظاهر مِن مذهبه؛ أنه لا مقدر فيها كالجماعة وهي الرواية المنصورة عند أصحابه.
وأجمعوا على أنّ في كل واحدة منها حكومةً بعد الاندمال، والحكومة: أن يُقوّم المجني عليه قبل الجناية -كأنه كان عبداً- أو يقال: كم كانت قيمته قبل الجناية، وكم قيمته بعدها، فيكون له بقدر التفاوت من ديته.
والخلاصة أن في الآتي من الشّجاج؛ ما يلي من الدِّيات:
الحارصة فيها دون البعير وقدّرها بعضهم بخمس الدامية (1).
والدامية والدامعة (2) فيها بعير واحد.
والباضعة فيها بعيران.
(1) جاء في "السيل الجرار"(4/ 449): "وقُدّر في حارصة رأس الرِّجل خمسة مثاقيل [أي خمسة دنانير من ذهب] وفي الدامية اثنا عشَر ونصف" ووافق الإمام الشوكاني صاحب "الأزهار" في هذا القول.
(2)
قال في "المغني"(9/ 657) بعد أن ذكَر الحارصة: قال "ثم البازلة وهي التي يبزُل منها الدم؛ أي يسيل، وتُسمى الدامية أيضاً والدامعة".