الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال: إِنهم انطلقوا إِلى آياتٍ نزلت في الكفار، فجعلوها على المؤمنين" (1).
وعن علي رضي الله عنه إِذا حدثْتكم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثاً، فوالله لأنْ أخرّ من السماء أحبّ إِليّ من أن أكذب عليه، وإذا حدثتكم فيما بيني وبينكم فإِنّ الحرب خُدعةٌ، وإِني سمعت رسول صلى الله عليه وسلم يقول:"سيخرج قومٌ في آخر الزمان، حُدَّاث الأسنان، سفهاء الأحلام، يقولون من خير قول البريّة، لا يجاوز إِيمانهم حناجرهم، يمرقون من الدين؛ كما يمرق السهم من الرَّميَّة، فأينما لقيتموهم فاقتلوهم، فإِنّ في قتلهم أجراً لمن قتَلهم يوم القيامة"(2).
وانظر ما جاء في "صحيح البخاري"(3) إِن -شئت- (باب من ترك قتال الخوارج للتألّف، وأن لا ينفر الناس عنه) وما قاله الحافظ ابن حجر رحمه الله.
الزنديق
تعريفه: الزنديق هو الذي يُظهر الإِسلام ويُبطن الكفر، ويعتقد بطلان الشرائع، فهذا كافر بالله وبدينه، مُرتدّ عن الإِسلام أقبح رِدّة؛ إِذا ظهر منه ذلك بقولٍ أو فِعل (4).
وإِذا اعترف بأنّ القرآن حق وما فيه من ذكر الجنة والنّار حق لكن المراد بالجنة الابتهاج الذي يحصل بسبب الملكات المحمودة، والمراد بالنّار هي الندامة
(1) رواه البخاري معلقاً ووصله الطبري في "مسند علي" من "تهذيب الآثار" بسند صحيح عنه وانظر "الفتح"(12/ 286) ومختصر البخاري (4/ 239).
(2)
أخرجه البخاري (6930)، ومسلم (1066).
(3)
كتاب استتابة المرتدين (باب - 7).
(4)
انظر "الروضة الندية"(2/ 631).
التي تحصل بسبب الملكات المذمومة، وليس في الخارج جنة ولا نار فهو الزنديق (1)، فكلّ من أنكَر الشفاعة، أو أنكر رؤية الله يوم القيامة، أو أنكر عذاب القبر، وسؤال منكر ونكير، أو أنكر الصراط والحساب
…
سواءٌ قال: لا أثق بهؤلاء الرواة أو قال: أثق بهم، لكن الحديث مؤول. ثمّ ذكر تأويلاً فاسداً لم يُسمَع ممن قبله؛ فهو الزنديق.
وكذلك من قال في الشيخين أبي بكر وعمر مثلاً: ليسا من أهل الجنّة مع تواتر الحديث في بشارتهما، أو قال: إِن النّبيّ صلى الله عليه وسلم خاتم النبوة ولكن معنى هذا الكلام أنه لا يجوز أن يسمى بعده أحد بالنّبيّ، وأما معنى النبوة وهو كون الإِنسان مبعوثاً من الله -تعالى- إِلى الخلق مفترض الطاعة، معصوماً من الذنوب ومن البقاء على الخطأ فيما يرى فهو موجود في الأئمة بعده فذلك هو الزنديق.
وقد اتفق جماهير المتأخرين من الحنفية والشافعية على قتْل من يجري هذا المجرى والله -تعالى- أعلم (2).
وقال شيخ الإِسلام رحمه الله في "الفتاوى"(7/ 471): "ولما كثُرت الأعاجم في المسلمين تكلموا بلفظ "الزنديق" وشاعت في لسان الفقهاء، وتكلَّم الناس في الزنديق: هل تُقبَل توبته في الظاهر إِذا عُرف بالزندقة، ودُفِع إِلى ولي الأمر قبل توبته؟
(1)"الروضة الندية"(2/ 632).
(2)
"الروضة الندية"(2/ 633).
فمذهب مالك وأحمد في أشهر الروايتين عنه، وطائفة من أصحاب الشافعي، وهو أحد القولين في مذهب أبي حنيفة: أنّ توبته لا تُقبَل والمشهور من مذ هب الشافعي: قَبولها، كالرواية الأخرى عن أحمد، وهو القول الآخر في مذهب أبي حنيفة، ومنهم من فصل.
والمقصود هنا: أن الزنديق في عُرف هؤلاء الفقهاء هو المنافق الذي كان على عهد النّبيّ صلى الله عليه وسلم، وهو أن يُظهر الإِسلام ويُبطن غيره، سواء أبطَن ديناً من الأديان كدين اليهود والنصارى أو غيرهم، أو كان مُعطلاً جاحداً للصانع، والمعاد، والأعمال الصالحة.
ومن النّاس من يقول: "الزنديق هو الجاحد المعطل، وهذا يُسمّى الزنديق في اصطلاح كثيرٍ من أهل الكلام والعامّة، ونقَلَة مقالات الناس.
ولكنّ الزنديق الذي تكلم الفقهاء في حُكمه: هو الأول؛ لأنّ مقصودهم هو التمييز بين الكافر وغير الكافر، والمرتد وغير المرتد، ومَن أظهَر ذلك أو أسرَّه.
وهذا الحُكم يشترك فيه جميع أنواع الكفار والمرتدين، وإنْ تفاوتت درجاتهم في الكفر والردة فإِن الله أخبَر بزيادة الكفر، كما أخبر بزيادة الإِيمان بقوله:{إِنْما النسيء زيادةٌ في الكفر} (1)، وتارك الصلاة وغيرها من الأركان أو مرتكبي الكبائر، كما أخبر بزيادة عذاب بعض الكفار على بعض في الآخرة بقوله:{الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله زدناهم عذاباً فوق العذاب} (2).
(1) التوبة: 37.
(2)
النحل: 88.