الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كلب أعقر من الحية؟ وقال زفر: المراد بالكلب العقور هنا الذئب خاصة.
وقال مالك في "الموطأ": كل ما عقر الناس وعدا عليهم وأخافهم مثل الأسد والنمر والفهد والذئب هو العقور. وكذا نقل أبو عبيد عن سفيان، وهو قول الجمهور.
وقال أبو حنيفة: "المراد بالكلب هنا الكلب خاصة، ولا يلتحق به في هذا الحكم سوى الذئب" ......
واحتج بقوله -تعالى-: {وما عَلَّمتم من الجوارح مُكَلِّبين} ، فاشتقها من اسم الكلب، فلهذا قيل لكل جارح: عَقور.
واحتج الطحاوي للحنفية، بأن العلماء اتفقوا على تحريم قتل البازي والصقر -وهما من سباع الطير- فدلّ ذلك على اختصاص التحريم بالغراب والحِدَأة".
إِذا كانت الجناية من الظالم المعتدي فلا ضمان فيها:
إِذا كانت الجناية مِن ظالمٍ معتدٍ، فجنايته هدْرٌ، وليس له المطالبة بالقِصاص أو الدية، ومن صُور ذلك:
1 -
سقوط أسنان العاضّ:
عن عمران بن حصين "أن رجلاً عضّ يد رجل فنزع يده من فمه، فوقعت ثنيّتاه، فاختصموا إِلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "يَعَضُّ أحدكم أخاه كما يعَضُّ الفحل، لا ديَة لك" (1).
(1) أخرجه البخاري (6892)، ومسلم (1673) وتقدّم.
وبوّب لذلك الإِمام النووي رحمه الله في "صحيح مسلم" فقال: "الصائل على نفس الإِنسان أو عضوه إِذا دفعه المصول عليه، فأتلف نفسه أو عضوه؛ لا ضمان عليه"(1).
2 -
النظر في بيت غيره من غير إِذنه، فإِذا اطّلع رجُلٌ في بيت إِنسانٍ مِنْ ثُقب أو شقّ بابٍ أو نحوه؛ فرماه صاحب البيت بحصاة، أو طعَنَه بعود أو نحوه فقلَع عينه؛ لم يضمنها (2).
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال أبو القاسم صلى الله عليه وسلم: "لو أنّ امرءاً اطلع عليك بغير إِذن، فحَذفته بحصاةٍ، ففقأت عينه؛ لم يكن عليك جُناح"(3).
وفي رواية: "من اطّلع في بيت قوم بغير إِذنهم؛ ففقأُوا عينه، فلا دية له، ولا قِصاص"(4).
وعن سهل بن سعد أن رجلاً اطّلع في جُحرٍ في باب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومع رسول الله صلى الله عليه وسلم مِدرَى (5) يحكُّ به رأسه -فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لو
(1) انظر "صحيح مسلم""كتاب القسامة"(باب - 14).
(2)
انظر -إِن شئت- المزيد ما جاء في "المغني"(10/ 355).
(3)
أخرجه البخاري (6902)، ومسلم (2158).
(4)
أخرجه النسائي "صحيح سنن النسائي"(4516) وصحح شيخنا رحمه الله إِسناده في "الإِرواء"(2227).
(5)
المِدرى: شيءٌ يُعمل من حديد أو خشب، على شكل سنّ من أسنان المُشط وأطول منه، يسرّح به الشَّعر المتلبّد، ويستعمله مَن لا مُشط له. "النهاية".
أعلم أنك تنظرني لطعنْتُ به في عينيك، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إِنما جُعل الإِذن من قِبَل البصر" (1).
فمن مجموع هذه النّصوص؛ يتضح لنا أنه لا جُناح على المرء في طعْن العين وفقْئها؛ عند الاطلاع غير المشروع، وكذلك لا دِيَة له ولا قِصاص.
*فأمّا إِنْ تَرك الإِطلاع ومضى؛ لم يَجُز رمْيه، لأنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم لم يطعن الذي اطلع ثم انصرف (2)، ولأنه ترَك الجناية، فأشبه من عضّ ثمّ ترَك العَضّ، فلم يجز قلْع أسنانه.
وليس لصاحب الدار رمْي الناظر بما يقتله ابتداءً، فإِنْ رماه بحجر فقتَلَه، أو حديدة ثقيلة؛ ضَمنه بالقِصاص، لأنه إِنما له ما يَقْلع به العين المبصرة التي حصَل الأذى منها دون ما يتعدّى إِلى غيرها* (3).
3 -
القتْل دفاعاً عن النّفس أو المال أو العرض:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "جاءَ رجُلٌ إِلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أرأيتَ إِنْ جاء رجل يريد أخذ مالي؟ قال فلا تعطِه مالك قال: أرأيت إِنْ قاتلني؟ قال: قاتِلْه قال: أرأيتَ إِنْ قتَلني؟ قال: فأنت شهيد قال: أرأيت إِنْ قتلتُه؟ قال: هو في النار"(4).
(1) أخرجه البخاري (6901)، ومسلم (2156).
(2)
في رواية: "فانقمع الأعرابي فذَهَب""صحيح الأدب المفرد" برقم (815) وفي رواية أُخرى "فسدّده [أي: السهم] نحو عينيه حتى انصرف"، انظر "الصحيحة"(612).
(3)
ما بين نجمتين من كتاب "المغني"(10/ 356).
(4)
أخرجه مسلم (140).