الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من التَّأْوِيل بَاطِل عِنْد المثبتة والتأويل الَّذِي يثبتونه هُوَ بِمَعْنى التَّفْسِير وَهَذَا معنى قَول النَّاظِم هم فِي الْحَقِيقَة اهل تَأْوِيل الَّذِي يَعْنِي بِهِ الخ وَذَلِكَ كَمَا يَقُول ابْن جرير وَأَمْثَاله من الْمُفَسّرين وَمُجاهد إِمَام الْمُفَسّرين وعَلى تَفْسِيره يعْتَمد الشَّافِعِي وَالْبُخَارِيّ وَغَيرهمَا فاذا ذكر أَنه يعلم تَأْوِيل الْمُتَشَابه فَالْمُرَاد معرفَة تَفْسِيره
قَالَ النَّاظِم رَحمَه الله تَعَالَى
…
واشهد عَلَيْهِم أَنهم حملُوا النصو
…
ص على الْحَقِيقَة لَا الْمجَاز الثَّانِي
الا اذا مَا اضطرهم لمجازها الْمُضْطَر من حس وَمن برهَان
…
فهناك عصمتها اباحته بِغَيْر تجانف للاثم والعدوان
…
حَاصِل مَا نتكلم بِهِ فِي هَذِه الأبيات أَن نذْكر كَلَام الْعلمَاء فِي الْمجَاز وثبوته أَو نَفْيه ثمَّ نتكلم على معنى الأبيات الثَّلَاثَة بِمَا يسره الله تَعَالَى فَنَقُول قَالَ الشَّيْخ عَلَاء الدّين المرداوي فِي كتاب التَّحْرِير فِي اصول الْفُقَهَاء الاربعة وَغَيرهم الْمجَاز وَاقع وَخَالف الْأُسْتَاذ وَالشَّيْخ وَغَيرهمَا وردوه إِلَى المتواطيء وعَلى الأول لَيْسَ الْمجَاز بأغلب فِي الْأَصَح وَهُوَ فِي الْقُرْآن عِنْد أَحْمد وَأكْثر أَصْحَابه وَالْأَكْثَر وَعنهُ لَا اخْتَارَهُ ابْن حَامِد والتميمي والخرزي وَغَيرهم وَقيل وَلَا فِي الحَدِيث أَيْضا انْتهى كَلَامه وَمعنى كَلَامه أَن الْأَئِمَّة الْأَرْبَعَة وَغَيرهم ذَهَبُوا الى وُقُوع الْمجَاز وَخَالف فِي ذَلِك الاستاذ يَعْنِي الشَّيْخ أَبَا اسحق الاسفراييني الشَّافِعِي وَالشَّيْخ يَعْنِي بِهِ
شيخ الاسلام رحمهمَا الله تَعَالَى وَكَلَامه رحمه الله مَعْرُوف فِي كتاب الايمان وَهُوَ انه اخْتَار نفي الْمجَاز فِي الْكتاب وَالسّنة ولغة الْعَرَب والناظم رحمه الله فِي هَذَا الْموضع اخْتَار فِي الْمَسْأَلَة تَفْصِيلًا وَهُوَ ان النُّصُوص تحمل على الْحَقِيقَة إِلَّا عِنْد الِاضْطِرَار الى الْمجَاز فتصرف اليه وَقد قَالَ فِي كَلَام لَهُ الْمجَاز والتأويل لَا يدْخل فِي النُّصُوص وَإِنَّمَا يدْخل فِي الظَّاهِر الْمُحْتَمل لَهُ وَكَون اللَّفْظ نصا يعرف بشيئين أَحدهمَا عدم احْتِمَاله لغير مَعْنَاهُ وضعا وَالثَّانِي مَا اطرد اسْتِعْمَاله على طَريقَة وَاحِدَة فِي جَمِيع موارده فانه نَص فِي مَعْنَاهُ لَا يقبل تَأْوِيلا وَلَا مجَازًا وان قدر تطرق ذَلِك الى بعض أَفْرَاده وَصَارَ بمنزله خبر التَّوَاتُر لَا يتَطَرَّق احْتِمَال الْكَذِب اليه وان تطرق الى وَاحِد بمفرده
وَهَذِه قَاعِدَة نافعة تدل على خطأ كثير من التأويلات للسمعيات الَّتِي اطرد اسْتِعْمَالهَا فِي ظَاهرهَا وتأويلها وَالْحَالة هَذِه غلط فان التَّأْوِيل إِنَّمَا يكون لظَاهِر قد ورد شاذا مُخَالفا لغيره من السمعيات فَيحْتَاج الى تَأْوِيله ليوافقها واما اذا اطردت كلهَا على وتيرة وَاحِدَة فقد صَارَت بِمَنْزِلَة النَّص واقوى وتأويلها مُمْتَنع انْتهى كَلَامه
وَهَذَا الَّذِي ذكره قد ذكره غَيره من الْعلمَاء وَهُوَ انهم قَالُوا إِن الْأَدِلَّة إِذا تكاثرت ودلت على معنى ثمَّ ورد دَلِيل وَاحِد يُخَالف تِلْكَ الْأَدِلَّة وَجب الْأَخْذ بِتِلْكَ الْأَدِلَّة وَتَأْويل ذَلِك الدَّلِيل الْوَاحِد حَتَّى يُوَافِقهَا قد رَأَيْت شيخ الاسلام أثبت الْمجَاز فِي بعض كَلَامه قَالَ فِي الْفتيا الدمشقية وَاعْلَم ان من لم يحكم دلالات اللَّفْظ وَيعلم ان ظُهُور الْمَعْنى من اللَّفْظ تَارَة يكون بِالْوَضْعِ اللّغَوِيّ أَو الْعرفِيّ اَوْ الشَّرْعِيّ إِمَّا فِي الألفظ المفردة وَإِمَّا فِي المركبة وَتارَة بِمَا اقْترن بِاللَّفْظِ الْمُفْرد من
التَّرْكِيب الَّذِي يتَغَيَّر بِهِ دلَالَته فِي نَفسه وَتارَة بِمَا اقْترن بِهِ من الْقَرَائِن اللفظية الَّتِي تجعلها مجَازًا وَتارَة بِمَا يدل عَلَيْهِ حَال الْمُتَكَلّم والمخاطب والمتكلم فِيهِ وَسِيَاق الْكَلَام الَّذِي يعين اُحْدُ محتملات اللَّفْظ اَوْ يبين ان المُرَاد بِهِ هُوَ مجازه إِلَى غير ذَلِك من الْأَسْبَاب الَّتِي تُعْطِي اللَّفْظ صفة الظُّهُور وَإِلَّا فقد يتخبط فِي هَذِه الْمَوَاضِع نعم اذا لم يقْتَرن بِاللَّفْظِ قطّ شئ من الْقَرَائِن الْمُتَّصِلَة تبين مُرَاد الْمُتَكَلّم بل علم مُرَاده بِدَلِيل آخر لَفْظِي مُنْفَصِل فَهُنَا أُرِيد بِهِ خلاف الظَّاهِر كالعموم الْمَخْصُوص بِدَلِيل مُنْفَصِل الى ان قَالَ إِن الْأَلْفَاظ نَوْعَانِ احدهما مَا مَعْنَاهُ مُفْرد كَلَفْظِ الاسد وَالْحمار وَالْبَحْر وَالْكَلب فَهَذَا اذا قيل أَسد الله واسد رَسُوله أَو قيل للبليد حمَار اَوْ قيل للْعَالم اَوْ السخي اَوْ الْجواد امن الْخَيل بحرا وَقيل للاسد كلب فَهَذَا مجَاز ثمَّ اقترنت بِهِ قرينَة تبين المُرَاد كَقَوْل النَّبِي صلى الله عليه وسلم لفرس ابي طَلْحَة ان وَجَدْنَاهُ لبحرا وَقَوله إِن خَالِدا سيف من سيوف الله سَله الله على الْمُشْركين وَقَوله لعُثْمَان ان الله مقمصك قَمِيصًا