الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
.. وَالله مَا ساووهم بِاللَّه فِي
…
خلق وَلَا رزق وَلَا إِحْسَان
فَالله عِنْدهم هُوَ الخلاق والرزاق مولى الْفضل وَالْإِحْسَان
…
لكِنهمْ ساووهم بِاللَّه فِي
…
حب وتعظيم وَفِي ايمان
…
جعلُوا محبتهم مَعَ الرَّحْمَن مَا
…
جعلُوا الْمحبَّة قطّ للرحمن
لَو كَانَ حبهم لأجل الله مَا
…
عَادوا أحبته على الايمان
وَلما أَحبُّوا سخطه وتجنبوا
…
محبوبه ومواقع الرضْوَان
شَرط الْمحبَّة أَن توَافق من تحب على محبته بِلَا عصيان
فاذا ادعيت لَهُ الْمحبَّة مَعَ خلا
…
فك مَا يحب فَأَنت ذُو بهتان
…
أَتُحِبُّ أَعدَاء الحبيب وتدعي
…
حبا لَهُ مَا ذَاك فِي إِمْكَان
…
وَكَذَا تعادي جاهدا أحبابه
…
إِن الْمحبَّة يَا أَخا الشَّيْطَان
لَيْسَ الْعِبَادَة غير تَوْحِيد الْمحبَّة مَعَ خضوع الْقلب والأركان
…
وَالْحب نفس وفاقه فِيمَا يحب وَيبغض مَا
لَا يرتضي بجنان
ووفاقه نفس اتباعك أمره
…
وَالْقَصْد وَجه الله ذِي الْإِحْسَان
هَذَا هُوَ الأحسان شَرط فِي قبو
…
ل السَّعْي فافهمه من الْقُرْآن
والاتباع بِدُونِ شرع رَسُوله
…
عين الْمحَال وأبطل الْبطلَان
فاذا نبذت كِتَابه وَرَسُوله
…
وتبعت أَمر النَّفس والشيطان
وتخذت أندادا تحبهم كحب الله كنت مُجَانب الْإِيمَان
…
.. وَلَقَد رَأينَا من فريق يدعى الْإِسْلَام شركا ظَاهر التِّبْيَان
جعلُوا لَهُ شُرَكَاء وَالوهم وسووهم بِهِ فِي الْحبّ لَا السُّلْطَان
…
وَالله مَا ساووهم بِاللَّه بل
…
زادوهم حبا بِلَا كتمان
…
وَالله مَا غضبوا إِذا انتهكت محا
…
رم رَبهم فِي السِّرّ والإعلان
حَتَّى إِذا مَا قيل فِي الوثن الَّذِي
…
يَدعُونَهُ مَا فِيهِ من نُقْصَان
فأجارك الرَّحْمَن من غضب وَمن
…
حَرْب وَمن شتم وَمن وعدوان
وأجارك الرَّحْمَن من ضرب وتعزيز وَمن سبّ وَمن سجان
…
وَالله لَو عطلت كل صِفَاته
…
مَا قابلوك بِبَعْض ذَا الْعدوان
…
وَالله لَو خَالَفت نَص رَسُوله
…
نصا صَرِيحًا وَاضح التِّبْيَان
وتبعت قَول شيوخهم أَو غَيرهم
…
كنت الْمُحَقق صَاحب الْعرْفَان
حَتَّى إِذا خَالَفت آراء الرجا
…
ل لسنة الْمَبْعُوث بِالْقُرْآنِ
نادوا عَلَيْك ببدعة وضلالة
…
قَالُوا وَفِي تكفيره قَولَانِ
قَالُوا تنقصت الْكِبَار وَسَائِر الْعلمَاء بل جاهرت بالبهتان
…
هَذَا وَلم نسلبهم حَقًا لَهُم
…
ليَكُون ذَا كذب وَذَا عدوان
…
وَإِذا سلبت صِفَاته وعلوه
…
وَكَلَامه جَهرا بِلَا كتمان
لم يغضبوا بل كَانَ ذَلِك عِنْدهم
…
عين الصَّوَاب وَمُقْتَضى الْإِحْسَان
وَالْأَمر وَالله الْعَظِيم يزِيد فو
…
ق الْوَصْف لَا يخفى على العميان
…
.. وَإِذا ذكرت الله توحيدا رَأَيْت وُجُوههم مكسوفة الألوان
…
بل ينظرُونَ اليك شزرا مثل مَا
…
نظر التيوس الى عَصا الجوبان
…
وَإِذا ذكرت بمدحه شركاءهم
…
يستبشرون تباشر الفرحان
وَالله مَا شتموا رَوَائِح دينه
…
يَا زكمة أعيت طَبِيب زمَان
…
ذكر النَّاظِم رَحمَه الله تَعَالَى هَذِه فِي الأبيات الشّرك وَذكر أَن الله لَا يغفره كَمَا قَالَ تَعَالَى {إِن الله لَا يغْفر أَن يُشْرك بِهِ} النِّسَاء
وَقَوله وَهُوَ اتِّخَاذ الند للرحمن الخ أَي إِن الشّرك هُوَ اتِّخَاذ ند من دون الله يَدعُوهُ كَمَا يَدْعُو الله ويرجوه كَمَا يَرْجُو الله ويخافه كَمَا يخَاف الله وَيُحِبهُ كَمَا يحب الله وَنَحْو ذَلِك وَهَذَا هُوَ الشّرك الْأَكْبَر الَّذِي أرسل الله الرُّسُل وَأنزل الْكتب للنَّهْي عَنهُ وتكفير أَهله واستباحة دِمَائِهِمْ وَأَمْوَالهمْ
قَوْله وَالله مَا ساووهم بِاللَّه فِي خلق الخ أَي إِن الْمُشْركين مَا ساووا معبوديهم بِاللَّه فِي الْخلق والرزق والاحسان وَإِنَّمَا ساووهم بِاللَّه فِي الْمحبَّة وَالْخَوْف والرجاء وَالدُّعَاء وَنَحْو ذَلِك كَمَا قَالَ تَعَالَى عَن الْمُشْركين إِنَّهُم يَقُولُونَ لآلهتهم {تالله إِن كُنَّا لفي ضلال مُبين إِذْ نسويكم بِرَبّ الْعَالمين} الشُّعَرَاء وَمَعْلُوم أَنهم مَا ساووهم بِاللَّه فِي الْخلق والرزق وانما ساووهم بِهِ فِي الْمحبَّة والتعظيم وَإِلَّا فهم يَعْتَقِدُونَ أَنهم مخلوقون مربوبون كَمَا قَالَ تَعَالَى {قل لمن الأَرْض وَمن فِيهَا إِن كُنْتُم تعلمُونَ} الأيات الْمُؤْمِنُونَ وَقَالَ تَعَالَى عَنْهُم {مَا نعبدهم إِلَّا ليقربونا إِلَى الله زلفى} الزمر وَكَانَ الْمُشْركُونَ يَقُولُونَ فِي تلبيهم لبيْك لَا
شريك لَك هُوَ لَك تملكه وَمَا ملك وَقَالَ تَعَالَى {قل ادعوا الَّذين زعمتم من دون الله لَا يملكُونَ مِثْقَال ذرة فِي السَّمَاوَات وَلَا فِي الأَرْض} الاية سبأ
قَالَ النَّاظِم رَحمَه الله تَعَالَى فِي شرح الْمنَازل فِي الْكَلَام على هَذِه الْآيَات وَقد قطع الله الاسباب الَّتِي يتَعَلَّق بهَا الْمُشْركُونَ جَمِيعهَا قطعا يعلم من تَأمله وعرفه أَن من اتخذ من دون الله وليا اَوْ شَفِيعًا فَهُوَ كَمثل العنكبوت اتَّخذت بَيْتا وان أوهن الْبيُوت لبيت العنكبوت فَقَالَ تَعَالَى {قل ادعوا الَّذين زعمتم من دون الله لَا يملكُونَ مِثْقَال ذرة فِي السَّمَاوَات وَلَا فِي الأَرْض وَمَا لَهُم فيهمَا من شرك وَمَا لَهُ مِنْهُم من ظهير وَلَا تَنْفَع الشَّفَاعَة عِنْده إِلَّا لمن أذن لَهُ} سبأ فالمشرك انما يَتَّخِذهُ معبوده لما يحصل لَهُ من النَّفْع والنفع لَا يكون الا مِمَّن خصْلَة من هَذِه الاربع اما مَالِكًا لما يُرِيد عابده مِنْهُ فان لم يكن مَالِكًا كَانَ شَرِيكا للْمَالِك فان لم يكن شَرِيكا لَهُ كَانَ معينا وظهيرا فان لم يكن معينا وَلَا ظهيرا كَانَ شَفِيعًا عِنْده فنفى سُبْحَانَهُ الْمَرَاتِب الاربع نفيا مُرَتبا منتقلا من الاعلى الى الادنى فنفى الْملك وَالشَّرِكَة والمظاهرة والشفاعة الَّتِي يطْلبهَا الْمُشرك أثبت شَفَاعَة لَا نصيب فِيهَا لِمُشْرِكٍ وَهِي الشَّفَاعَة باذنه فَكفى بِهَذِهِ الْآيَة نورا وبرهانا وَتَجْرِيد للتوحيد وقطعا لأصول الشّرك ومواده لمن عقلهَا وَالْقُرْآن مَمْلُوء من أَمْثَالهَا ونظائرها وَلَكِن أَكثر النَّاس لَا يَشْعُرُونَ بِدُخُول الْوَاقِع تَحْتَهُ وتضمنه لَهُ ويظنه فِي نوع وَقوم قد خلوا من قبل وَلم يعقبوا وَارِثا وَهَذَا هُوَ الَّذِي يحول بَين الْقلب وَبَين فهم الْقُرْآن ولعمر الله إِن كَانَ أُولَئِكَ قد خلوا فقد ورثهم من هُوَ مثلهم أَو شَرّ مِنْهُم اَوْ دونهم وَتَنَاول الْقُرْآن لَهُم كتناوله لأولئك ثمَّ قَالَ وَمن أَنْوَاعه أَي الشّرك طلب الْحَوَائِج
من الْمَوْتَى والاستغاثة بهم وَهَذَا أصل شرك الْعَالم فان الْمَيِّت قد انْقَطع عمله وَهُوَ لَا يملك لنَفسِهِ نفعا وَلَا ضرا فضلا لمن اسْتَغَاثَ بِهِ وَسَأَلَهُ أَن يشفع لَهُ الى الله وَهَذَا من جَهله بالشافع والمشفوع عِنْده كَأَنَّهُ لَا يقدر أَن يشفع عِنْد الله الا باذنه وَالله لم يَجْعَل استغاثته وسؤاله سَببا لاذنه وانما السَّبَب كَمَال التَّوْحِيد فجَاء هَذَا الْمُشرك بِسَبَب يمْنَع الاذن وَهُوَ بِمَنْزِلَة من اسْتَعَانَ فِي حَاجته بِمَا يمْنَع حُصُولهَا وَهَذِه حَالَة كل مُشْرك فَجمعُوا بَين الشّرك بالمعبود وَتغَير دينه ومعادات أهل التَّوْحِيد وَنسبَة أَهله الى التنقيص بالأموات وهم قد تنقصوا الْخَالِق بالشرك وأوليائه الْمُوَحِّدين بذمهم وعيبهم ومعاداتهم وتنقصوا من أشركوا بِهِ غَايَة التنقص إِذْ ظنُّوا أَنهم راضون مِنْهُم بِهَذَا وَأَنَّهُمْ أمروهم بِهِ وَأَنَّهُمْ يوالونهم عَلَيْهِ وَهَؤُلَاء هم اعداء الرُّسُل فِي كل زمَان وَمَكَان وَمَا أَكثر المستجيبين لَهُم ومانجا من شرك هَذَا الشّرك الْأَكْبَر إِلَّا من جرد توحيده لله وعادى الْمُشْركين فِي الله وتقرب سمعتهم الى الله وَاتخذ الله وَحده وليه والهه ومعبوده فَجرد حبه لله وخوفه لله ورجاءه لله وتوكله على الله واستعانته بِاللَّه والتجاءه الى الله واستغاثته بِاللَّه وقصده لله مُتبعا لأَمره متطلبا لمرضاته اذا سَأَلَ سَأَلَ الله واذا اسْتَعَانَ اسْتَعَانَ بِاللَّه واذا عمل عمل لله فَهُوَ لله وَبِاللَّهِ وَمَعَ الله انْتهى كَلَامه
قَوْله وَلَقَد راينا من فريق يَدعِي الاسلام الخ قد ذكر النَّاظِم فِي شرح الْمنَازل كلَاما كالشرح لكَلَامه هَذَا قَالَ رَحمَه الله تَعَالَى وَأما الشّرك فَهُوَ نَوْعَانِ أكبر وأصغر فالاكبر لَا يغفره الله الا بِالتَّوْبَةِ مِنْهُ وَهُوَ أَن يتَّخذ من دون الله ندا يُحِبهُ كَمَا يحب الله وَهُوَ الشّرك الَّذِي تضمن تَسْوِيَة آلِهَة الْمُشْركين بِرَبّ الْعَالمين وَلِهَذَا قَالُوا لآلهتهم فِي النَّار
{تالله إِن كُنَّا لفي ضلال مُبين إِذْ نسويكم بِرَبّ الْعَالمين} الشُّعَرَاء مَعَ اقرارهم بِأَن الله وَحده خَالق كل شَيْء وربه وملكيه وان آلِهَتهم لَا تخلق وَلَا ترزق وَلَا تميت وَلَا تحيي وَإِنَّمَا كَانَت هَذِه التَّسْوِيَة فِي الْمحبَّة والتعظيم وَالْعِبَادَة كَمَا هُوَ حَال مُشْركي الْعَالم بل كلهم يحبونَ معبوديهم ويعظمونها ويوالونها من دون الله وَكثير مِنْهُم بل أَكْثَرهم يحبونَ آلِهَتهم اعظم من محبَّة الله ويستبشرون بذكرهم أعظم من استبشارهم إِذا ذكر الله وَحده ويغضبون لتنقص معبوديهم وآلهتهم من الْمَشَايِخ أعظم مِمَّا يغضبون اذ انْتقصَ أحد رب الْعَالمين واذا انتهكت حُرْمَة من حرمات آلِهَتهم ومعبوديهم غضبوا غضب اللَّيْث واذا انتهكت حرمات الله لم يغضبوا لَهَا بل اذا قَامَ المنتهك لَهَا باطعامهم شَيْئا اعرضوا عَنهُ وَلم تتنكر لَهُ قُلُوبهم وَقد شاهدنا هَذَا نَحن وغيرنا مِنْهُم جهرة وَترى احدهم قد اتخذ ذكر آلهه ومعبوده من دون الله على لِسَانه ان قَامَ وان قعد وان عثر وان استوحى فَذكر الهه ومعبوده من دون الله هُوَ الْغَالِب على قلبه وَلسَانه وَهُوَ لَا يُنكر ذَلِك وَيَزْعُم انه بَاب حَاجته الى الله وشفيعه عِنْده ووسيلته اليه وَهَكَذَا كَانَ عباد الْأَصْنَام سَوَاء وَهَذَا الْقدر هُوَ الَّذِي قَامَ بقلوبهم وتوارثه الْمُشْركُونَ بِحَسب اخْتِلَاف آلِهَتهم فَأُولَئِك كَانَت من الْحجر وَغَيرهم اتخذها من الْبشر قَالَ تَعَالَى حاكيا عَن اسلاف هَؤُلَاءِ الْمُشْركين {وَالَّذين اتَّخذُوا من دونه أَوْلِيَاء مَا نعبدهم إِلَّا ليقربونا إِلَى الله زلفى إِن الله يحكم بَينهم فِيمَا هم فِيهِ يَخْتَلِفُونَ} الزمر ثمَّ شهد عَلَيْهِم بِالْكَذِبِ وَالْكفْر وَأخْبر أَنه لَا يهْدِيهم فَقَالَ {إِن الله لَا يهدي من هُوَ كَاذِب كفار} الزمر فَهَذِهِ حَال من اتخذ من دون الله وليا يزْعم أَنه يقرب الى الله وَمَا أعز من تخلص من هَذَا بل
مَا اعز من لَا يعادي من انكره وَالَّذِي فِي قُلُوب هَؤُلَاءِ الْمُشْركين وسلفهم أَن آلِهَتهم تشفع لَهُم عِنْد الله وَهَذَا عين الشّرك وَقد أنكر الله عَلَيْهِم ذَلِك فِي كِتَابه وأبطله وَاخْبَرْ أَن الشَّفَاعَة كلهَا لَهُ وَأَنه لَا يشفع عِنْده اُحْدُ الا لمن أذن الله أَن يشفع فِيهِ وَرَضي قَوْله وَعَمله وهم أهل التَّوْحِيد الَّذين لم يتخذوا من دون الله شُفَعَاء فَإِنَّهُ يَأْذَن سُبْحَانَهُ لمن يَشَاء فِي الشَّفَاعَة لَهُم حَيْثُ لم يتخذوا شُفَعَاء من دونه فَيكون أسعد النَّاس بشفاعة من يَأْذَن لَهُ صَاحب التَّوْحِيد الَّذِي لم يتَّخذ شَفِيعًا من دون الله
والشفاعة الَّتِي أثبتها الله وَرَسُوله الشَّفَاعَة الصادرة عَن اذنه لمن وَحده والشفاعة الَّتِي نفاها الله الشَّفَاعَة الشركية فِي قُلُوب الْمُشْركين المتخذين من دون الله شُفَعَاء فيعاملون بنقيض قصدهم من شفاعتهم ويفوز بهَا الموحدون فَتَأمل قَول النَّبِي صلى الله عليه وسلم لأبي هُرَيْرَة وَقد سَأَلَهُ من أسعد النَّاس بشفاعتك يَا رَسُول الله قَالَ أسعد النَّاس بشفاعتي من قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله كَيفَ جعل اعظم الاسباب الَّتِي تنَال بهَا شَفَاعَته تَجْرِيد التَّوْحِيد عكس مَا عِنْد الْمُشْركين أَن الشَّفَاعَة تنَال باتخاذهم شُفَعَاء وعبادتهم وموالاتهم من دون الله فَقلب النَّبِي صلى الله عليه وسلم مَا فِي زعمهم الْكَاذِب وَأخْبر ان سَبَب الشَّفَاعَة تَجْرِيد التَّوْحِيد فَحِينَئِذٍ يَأْذَن الله للشافع أَن يشفع وَمن جهل الْمُشرك اعْتِقَاده أَن من اتخذ وليا أَو شَفِيعًا أَنه يشفع لَهُ وينفعه عِنْد الله كَمَا يكون خَواص الْمُلُوك والولاة تَنْفَع من والاهم وَلم يعلمُوا ان الله لَا يشفع عِنْده اُحْدُ فِي الشَّفَاعَة الا بِإِذْنِهِ وَلَا يَأْذَن فِي الشَّفَاعَة الا لمن رَضِي قَوْله وَعَمله كَمَا قَالَ تَعَالَى فِي الْفَصْل الأول {من ذَا الَّذِي يشفع عِنْده إِلَّا بِإِذْنِهِ} الْبَقَرَة وَفِي الْفَصْل الثَّانِي {وَلَا يشفعون إِلَّا لمن ارتضى} الْأَنْبِيَاء وَبَقِي فصل ثَالِث وَهُوَ أَنه لَا يرضى من القَوْل وَالْعَمَل إِلَّا التَّوْحِيد وَاتِّبَاع الرَّسُول وَعَن هَاتين الْكَلِمَتَيْنِ يسْأَل الألون وَالْآخرُونَ كَمَا قَالَ أَبُو الْعَالِيَة كلمتان يسْأَل عَنْهُمَا الاولون وَالْآخرُونَ مَاذَا كُنْتُم تَعْبدُونَ وماذا أجبتم الْمُرْسلين فَهَذِهِ
ثَلَاثَة أصُول تقطع شَجَرَة الشّرك من قلب من وعاها وعقلها لَا شَفَاعَة إِلَّا بِإِذْنِهِ وَلَا يَأْذَن إِلَّا لمن رَضِي قَوْله وَعَمله وَلَا يرضى من القَوْل الا توحيده وَاتِّبَاع رَسُوله فان الله تَعَالَى لَا يغْفر شرك العادلين بِهِ غَيره فِي الْعِبَادَة والموالاة والمحبة كَمَا فِي الْآيَة الْأُخْرَى {تالله إِن كُنَّا لفي ضلال مُبين إِذْ نسويكم بِرَبّ الْعَالمين} الشُّعَرَاء وكما فِي آيَة الْبَقَرَة {يحبونهم كحب الله} الْبَقَرَة وَترى الْمُشرك يكذب حَاله وَعَمله قَوْله فانه يَقُول لَا نحبهمْ كحب الله وَلَا نسويهم بِاللَّه ثمَّ يغْضب لَهُم ولحرماتهم إِذا انتهكت أعظم مِمَّا يغضبه لله ويستبشر بذكرهم سِيمَا إِذا ذكر عَنْهُم مَا لَيْسَ فيهم من إغاثة اللهفات وتفريج الكربات وَقَضَاء الْحَاجَات وَأَنَّهُمْ بَاب بَين الله وعباده فترى الْمُشرك يفرح وَيسر ويحن قلبه ويهبج مِنْهُ لواعج التَّعْظِيم والخضوع لَهُم والموالاة وَإِذا ذكرت الله وَحده وجردت توحيده لحقته وَحْشَة وضيق وحرج ورماك بتنقص الْآلهَة الَّتِي لَهُ وَرُبمَا عاداك رَأينَا هَذَا وَالله مِنْهُم عيَانًا ورمونا بعداوتهم وبغوا لنا الغوائل وَالله مخزيهم فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَلم يكن حجتهم إِلَّا أَن قَالُوا كَمَا قَالَ إخْوَانهمْ عَابَ آلِهَتنَا فَقَالَ هَؤُلَاءِ تنقصتم مَشَايِخنَا وأبواب حوائجنا الى الله وَهَكَذَا قَالَ النَّصَارَى للنَّبِي صلى الله عليه وسلم لما قَالَ لَهُم ان الْمَسِيح عبد تنقصت الْمَسِيح وعبته وَهَكَذَا أشباه المشوكين لمن منع اتِّخَاذ الْقُبُور أوثانا تعبد ومساجد وَأمر بزيارتها على الْوَجْه الَّذِي أذن الله فِيهِ وَرَسُوله قَالُوا تنقصت أَصْحَابهَا فَانْظُر الى هَذَا التشابه بَين قُلُوبهم حَتَّى كَأَنَّهُمْ قد تواصوا بِهِ وَمن يهد الله فَهُوَ المهتد وَمن يضلل فَلَنْ تَجِد لَهُ وليا مرشدا انْتهى كَلَامه