الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
.. وجعلتم الْجِسْم الَّذِي قدرتم
…
بُطْلَانه طاغوت ذِي الْبطلَان
…
ووضعتمم للجسم معنى غير مَعْرُوف بِهِ فِي وضع كل لِسَان
وبنيتم نفي الصِّفَات عَلَيْهِ فاجتمعت لكم إِذا ذَاك محذوران
…
كذب على لُغَة الرَّسُول وَنفي اثبات الْعُلُوّ لفاطر الاكوان
…
أَي إِنَّكُم أَيهَا المعطلة وضعتم للجسم معنى غير مَعْنَاهُ الْمَعْرُوف فِي لُغَة الْعَرَب وسميتم كل مَا هُوَ مركب من الْمَادَّة وَالصُّورَة أَو من الْجَوَاهِر المنفردة أَو مَا يقبل الاشارة الحسية جسما وَلَيْسَ هَذَا معنى الْجِسْم فِي لُغَة الصَّحَابَة الَّتِي جَاءَ بهَا الْقُرْآن كَمَا قَالَ الْجَوْهَرِي فِي صحاحه الْمَشْهُورَة
قَالَ أَبُو زيد الْجِسْم والجسد وَكَذَلِكَ الجسمان والجثمان وَقَالَ الاصمعي الْجِسْم والجسمان الْجَسَد والجثمان والشخص قَالَ والأجسم الضخم الْبدن
قَالَ شيخ الاسلام فِي كَلَامه على حَدِيث النُّزُول وَقد ادّعى طوائف من النفاة اهل الْكَلَام أَن الْجِسْم فِي اللُّغَة هُوَ الْمُؤلف الْمركب وان استعمالهم لفظ الْجِسْم فِي كل مَا يشار اليه مُوَافق للغة قَالُوا لَان كل مَا يشار اليه فانه يتَمَيَّز مِنْهُ شَيْء عَن شَيْء وكل مَا كَانَ كَذَلِك فَهُوَ مركب من الْجَوَاهِر المنفردة الَّتِي كل وَاحِد مِنْهَا جُزْء لَا يتَجَزَّأ وَلَا يتَمَيَّز مِنْهُ جَانب عَن جَانب أَو من الْمَادَّة وَالصُّورَة اللَّذين هما جوهران عقليان كَمَا يَقُول ذَلِك بعض الفلاسفة قَالُوا واذا كَانَ هَذَا مركبا مؤلفا فالجسم فِي لُغَة الْعَرَب هُوَ الْمُؤلف الْمركب بِدَلِيل انهم يَقُولُونَ رجل جسيم وَزيد أجسم من عَمْرو إِذْ أَكثر ذَهَابه فِي الْجِهَات لَيْسَ يقصدون بالمبالغة فِي قَوْلهم أجسم وجسيم الا لمن كثرت الْأَجْزَاء المتضمنة والتأليف لأَنهم لَا يَقُولُونَ أجسم فِيمَن كثرت علومه وَقدره وَسَائِر تَصَرُّفَاته غير الِاجْتِمَاع حَتَّى إِذا
كثر الِاجْتِمَاع فِيهِ بتزايد اجزائه قيل أجسم وَرجل جسيم فَدلَّ ذَلِك على أَن قَوْلهم جسم يُفِيد التَّأْلِيف فَهَذَا أصل قَول هَؤُلَاءِ النفاة وَهُوَ مَبْنِيّ على أصلين سَمْعِي لغَوِيّ ونظري عَقْلِي فطري أما السمعي اللّغَوِيّ فَقَوْلهم أَن أهل اللُّغَة يطلقون لفظ الْجِسْم على الْمركب وهم استدلوا عَلَيْهِ بقَوْلهمْ هُوَ أجسم إِذا كَانَ أغْلظ وَأكْثر ذَهَابًا فِي الْجِهَات وَإِن هَذَا يَقْتَضِي أَنهم اعتبروا كَثْرَة الْأَجْزَاء فَيُقَال اما الْمُقدمَة الأولى هُوَ ان اهل اللُّغَة يسمون كل مَا لَهُ مِقْدَار بِحَيْثُ يكون أكبر من غَيره أَو أَصْغَر جسما فَهَذَا لَا يُوجد فِي لُغَة الْعَرَب الْبَتَّةَ وَلَا يُمكن أحدا ان ينْقل عَنْهُم انهم يسمون الْهَوَاء الَّذِي بَين السَّمَاء وَالْأَرْض جسما وَلَا يسمون روح الانسان جسما بل من الْمَشْهُور أَنهم يفرقون بَين الْجِسْم وَالروح وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى {وَإِذا رَأَيْتهمْ تعجبك أجسامهم} المُنَافِقُونَ 4 يَعْنِي أبدانهم دون أَرْوَاحهم الْبَاطِنَة وَقد ذكر نَقله اللُّغَة ان الْجِسْم عِنْدهم هُوَ الْجَسَد وَمن الْمَعْرُوف فِي اللُّغَة أَن هَذَا اللَّفْظ يتَضَمَّن الْغَلَط والكثافة فَلَا يسمون بِهِ الْأَشْيَاء الْقَائِمَة بِنَفسِهَا اذا كَانَت لَطِيفَة كالهواء وروح الانسان وان كَانَ لذَلِك مِقْدَار يكون بعضه أكبر من بعض لَكِن لَا يُسمى فِي اللُّغَة ذَلِك جسما وَلَا يَقُولُونَ هَذَا الْمَكَان الْوَاسِع أجسم من هَذَا الْمَكَان الضّيق وَإِن كَانَ أكبر مِنْهُ وَإِن كَانَت أجزاؤه زَائِدَة على أَجْزَائِهِ عِنْد من يَقُول بِأَنَّهُ مركب من الْأَجْزَاء لَيْسَ كل مَا هُوَ مركب عِنْدهم من الْأَجْزَاء يُسمى جسما وَلَا يُوجد فِي الْكَلَام قبض جِسْمه وَلَا صعد بجسمه الى السَّمَاء وَلَا أَن الله يقبض أجسامنا كَيفَ يَشَاء إِنَّمَا يسمون ذَلِك روحا وَيفرق بَين مُسَمّى الرّوح ومسمى الْجِسْم كَمَا يفرق بَين الْبدن وَالروح وكما يفرقون بَين الْجَسَد وَالروح فَلَا يطلقون لفظ