الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشَّهْوَة لما فِي الصحاف وَذَلِكَ يُوجب لَذَّة أُخْرَى فتكمل لَهُم اللَّذَّة وَالله اعْلَم
فصل
فِي شرابهم
…
يسقون فِيهَا من رحيق خَتمه
…
بالمسك أَوله كَمثل الثَّانِي
من خمرة لذت لشاربها بِلَا
…
غول وَلَا دَاء وَلَا نُقْصَان
وَالْخمر فِي الدُّنْيَا فَهَذَا وصفهَا
…
تغتال عقل الشَّارِب السَّكْرَان
وَبهَا من الأدواء مَا هِيَ أَهله
…
وَيخَاف من عدم لذِي الوجدان
فنفى لنا الرَّحْمَن أجمعها عَن
الْخمر الَّتِي فِي جنَّة الْحَيَوَان
…
قَالَ تَعَالَى {يسقون من رحيق مختوم ختامه مسك وَفِي ذَلِك فَلْيَتَنَافَس الْمُتَنَافسُونَ} المطففين رحيق مختوم أَي الْخمر ختم بالمسك وَعَن ابْن مَسْعُود ختامه مسك أَي خلطه وَلَيْسَ بِخَاتم ختم
قَالَ النَّاظِم قلت يُرِيد وَالله أعلم أَن آخِره مسك يخالطه فَهُوَ من الخاتمة لَيْسَ من الْخَاتم وَهُوَ قَول عَلْقَمَة ومسروق قَالَ يَجدونَ عَاقبَتهَا طعم الْمسك وَقَالَ مُجَاهِد طيبه مسك كَأَنَّهُ يُرِيد مَا يبْقى فِي أَسْفَل الاناء
من الدردي وَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاء هُوَ أَي ختامه مسك شراب أَبيض مثل الْفضة يختمون بِهِ آخر شرابهم لَو أَن رجلا من أهل الدُّنْيَا أَدخل يَده فِيهِ ثمَّ أخرجهَا لم يبْق ذُو روح إِلَّا وجد ريح طيبها رَوَاهُ الْحَاكِم
قَوْله من خمرة لذت لشاربها الخ نفى الله سُبْحَانَهُ عَن خمر الْجنَّة جَمِيع آفَات خمر الدُّنْيَا من الصداع والغول واللغو والانزاف وَعدم اللَّذَّة فَهَذِهِ خمس آفَات من آفَات خمر الدُّنْيَا تغتال الْعقل وتكثر اللَّغْو على شربهَا بل وَلَا يطيب شربهَا ذَلِك إِلَّا بِاللَّغْوِ وتنزف فِي نَفسهَا وتنزف المَال وتصدع الرَّأْس وَهِي كريهة المذاق وَقد تقدم بعض آفاتها فِي فصل أَنهَار الْجنَّة وَالله أعلم
…
وشرابهم من سلسبيل مزجه الكافور ذَاك شراب ذِي الْإِحْسَان
هَذَا شراب أولي الْيَمين وَلَكِن الْأَبْرَار شربهم شراب ثَانِي
…
يدعى بتسنيم سَنَام شرابهم
…
شرب المقرب خيرة الرَّحْمَن
…
صفى المقرب سَعْيه فصفا لَهُ
…
ذَاك الشَّرَاب فَتلك تصفيتان
لَكِن أَصْحَاب الْيَمين فَأهل مز
…
ج بالمباح وَلَيْسَ بالعصيان
مزج الشَّرَاب لَهُم كَمَا مزجوا هم الْأَعْمَال ذَاك المزج بالميزان
…
هَذَا وَذُو التَّخْلِيط مزجى أمره
…
وَالْحكم فِيهِ لرَبه الديَّان
…
قَالَ تَعَالَى {إِن الْأَبْرَار يشربون من كأس كَانَ مزاجها كافورا عينا يشرب بهَا عباد الله يفجرونها تفجيرا} الدَّهْر قَالَ بعض السّلف مَعَهم قضبان الذَّهَب حَيْثُمَا مالوا مَالَتْ مَعَهم قيل الْبَاء بِمَعْنى من أَي يشرب مِنْهَا
وَقيل يرْوى بهَا وَهَذَا أصح وألطف وَقيل الْبَاء الظَّرْفِيَّة وَالْعين اسْم للمكان وَقَالَ تَعَالَى {ويسقون فِيهَا كأسا كَانَ مزاجها زنجبيلا عينا فِيهَا تسمى سلسبيلا} الدَّهْر فَأخْبر سُبْحَانَهُ عَن الْعين الَّتِي يشرب بهَا المقربون صرفا ان شراب الابرار يمزج مِنْهَا لِأَن اولئك اخلصوا الاعمال كلهَا لله تَعَالَى فأخلص شرابهم وَهَؤُلَاء فمزج شرابهم وَنَظِير هَذَا قَوْله {يسقون من رحيق مختوم ختامه مسك وَفِي ذَلِك فَلْيَتَنَافَس الْمُتَنَافسُونَ ومزاجه من تسنيم عينا يشرب بهَا المقربون} المطففين فَأخْبر سُبْحَانَهُ عَن مزاج شرابهم بشيئين بالكافور وبالزنجبيل فَمَا فِي الكافور من الْبرد وَطيب الرَّائِحَة مَا يحدث لَهُم باجتماع الشرايين ومجيء أَحدهمَا على الآخر حَالَة أُخْرَى أكمل وَأطيب وألذ من كل مِنْهُمَا بِانْفِرَادِهِ وتعدل كَيْفيَّة كل مِنْهُمَا بكيفية الآخر وَمَا ألطف ذكر الكافور فِي أول السُّورَة والزنجبيل فِي آخرهَا فان شرابهم مزج أَولا بالكافور والزنجبيل بعده فيعدله وَالظَّاهِر أَن الكأس الثَّانِيَة غير الأولى وَأَنَّهَا نَوْعَانِ لذيذان من الشَّرَاب أَحدهمَا مزج بالكافور وَالثَّانِي بالزنجبيل وَأَيْضًا فانه سُبْحَانَهُ أخبر عَن مزج شرابهم بالكافور وبرده فِي مُقَابلَة مَا وَصفهم بِهِ من حرارة الْخَوْف والايثار وَالصَّبْر وَالْوَفَاء بِجَمِيعِ الْوَاجِبَات الَّتِي نبه على وفائهم بأضعافها وَهُوَ مَا أوجبوه على أنفسهم بِالنذرِ على الْوَفَاء بِجَمِيعِ الْوَاجِبَات الَّتِي نبه على وفائهم بأضعافها وَهُوَ مَا أوجبوه على أنفسهم بِالنذرِ على الْوَفَاء باعلاها وَهُوَ مَا أوجبه الله عَلَيْهِم وَلِهَذَا قَالَ {وجزاهم بِمَا صَبَرُوا جنَّة وَحَرِيرًا} الدَّهْر فان فِي الصَّبْر الخشونة وَحبس النَّفس عَن شهواتها مَا اقْتضى ان يكون فِي إجزائهم من سَعَة الْجنَّة ونعومة الْحَرِير مَا يُقَابل ذَلِك الْحَبْس والخشونة وَجمع لَهُم بَين النضرة وَالسُّرُور وَهَذَا جمال بواطنهم كَمَا جملوا فِي الدُّنْيَا