الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَالَ النَّاظِم رَحمَه الله تَعَالَى
…
لَكِن رُؤْيَته لمُوسَى لَيْلَة الْمِعْرَاج فَوق جَمِيع ذِي الأكوان
يرويهِ اصحاب الصِّحَاح جَمِيعهم
…
وَالْقطع مُوجبه بِلَا نكران
ولذاك ظن مُعَارضا لصلاته
…
فِي قَبره إِذْ لَيْسَ يَجْتَمِعَانِ
وَأجِيب عَنهُ بِأَنَّهُ أسرِي بِهِ
…
ليراه ثمَّ مشاهدا بعيان
فَرَآهُ ثمَّ وَفِي الضريح وَلَيْسَ ذَا
…
بتناقض إِذْ أمكن الوقتان
…
أَي أَن رُؤْيَته مُوسَى عليه السلام لَيْلَة الْمِعْرَاج فِي السَّمَاء يرويهِ أَصْحَاب الصِّحَاح جَمِيعهم وَهُوَ مَقْطُوع بِصِحَّتِهِ وَلذَلِك ظن مُعَارضا لصلاته فِي قَبره وَلَكِن أُجِيب عَنهُ كَمَا قَالَ النَّاظِم بِأَنَّهُ أسرِي بِهِ صلى الله عليه وسلم ليراه هُنَاكَ وَرَآهُ أَيْضا فِي الضريح وَهَذَا لَيْسَ بتناقض لِأَن ذَلِك مُمكن أَي أَن رُؤْيَته فِي السَّمَاء وَفِي الْقَبْر مُمكنَة وَالله اعْلَم وَقد قَالَ النَّاظِم فِي كتاب الرّوح وَقد صَحَّ عَنهُ صلى الله عليه وسلم أَنه رأى مُوسَى قَائِما يُصَلِّي فِي قَبره لَيْلَة الاسراء وَرَآهُ فِي السَّمَاء السَّادِسَة أَو السَّابِعَة فالروح كَانَت هُنَاكَ وَلها اتِّصَال بِالْبدنِ فِي الْقَبْر واشراف عَلَيْهِ وَتعلق بِهِ بِحَيْثُ يُصَلِّي فِي قَبره وَيرد سَلام من يسلم عَلَيْهِ وَهِي فِي الرفيق الاعلى وَلَا تنَافِي بَين الْأَمريْنِ فَإِن شَأْن الْأَرْوَاح غير شَأْن الْأَبدَان وَهَذَا جمع حسن وَالله أعلم
قَالَ النَّاظِم رَحمَه الله تَعَالَى
…
هَذَا ورد نَبينَا لسلام من
…
يَأْتِي بِتَسْلِيم مَعَ الاحسان
مَا ذَاك مُخْتَصًّا بِهِ أَيْضا كَمَا
…
قد قَالَه الْمَبْعُوث بِالْقُرْآنِ
…
.. من زار قبر أَخ لَهُ فَأتى بِتَسْلِيم عَلَيْهِ وَهُوَ ذُو ايمان
…
رد الْإِلَه عَلَيْهِ حَقًا روحه
…
حَتَّى يرد عَلَيْهِ رد بَيَان
…
يُشِير الى مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد باسناد حسن عَن ابي هُرَيْرَة ان رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ مَا من مُسلم يسلم عَليّ إِلَّا رد الله عَليّ روحي حَتَّى ارد عليه السلام وَيُجَاب عَنهُ بِأَن ذَلِك لَيْسَ خَاصّا بِهِ صلى الله عليه وسلم فقد روى أَبُو عمر ابْن عبد الْبر من حَدِيث ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم مَا من رجل يمر بِقَبْر أَخِيه الْمُؤمن كَانَ يعرفهُ فَيسلم عَلَيْهِ الا عرفه ورد عليه السلام
تَنْبِيه اعْلَم ان الْقَائِلين بحياة الانبياء فِي الْقُبُور أشكل عَلَيْهِم قَوْله صلى الله عليه وسلم إِلَّا رد الله عَليّ روحي وَأَجَابُوا عَنهُ بجوابين أَحدهمَا ذكره الْحَافِظ أَبُو بكر الْبَيْهَقِيّ ان الْمَعْنى إِلَّا وَقد رد الله عَليّ روحي يَعْنِي ان النَّبِي صلى الله عليه وسلم بعد مَا مَاتَ وَدفن رد الله عَلَيْهِ روحه لأجل سَلام من يسلم عَلَيْهِ واستمرت فِي جسده صلى الله عليه وسلم
الْجَواب الثَّانِي انه يحْتَمل ان يكون ردا معنويا وان تكون روحه الشَّرِيفَة مشتغلة بِشُهُود الحضرة الالهية وَالْمَلَأ الْأَعْلَى عَن هَذَا الْعَالم فاذا سلم عَلَيْهِ أَقبلت روحه الشَّرِيفَة على هَذَا الْعَالم لتدرك سَلام من يسلم عَلَيْهِ وَترد عَلَيْهِ
وَالْجَوَاب ان فِي كل وَاحِد من الجوابين نظر اما الاول وَهُوَ الَّذِي ذكره الْبَيْهَقِيّ فِي الْجُزْء الَّذِي جمعه فِي حَيَاة الْأَنْبِيَاء عليهم السلام بعد وفاتهم فمضمونه رد روحه صلى الله عليه وسلم بعد مَوته الى جسده واستمرارها فِيهِ قبل سَلام من يسلم عَلَيْهِ وَلَيْسَ هَذَا الْمَعْنى مَذْكُورا فِي الحَدِيث وَلَا هُوَ ظَاهره بل هُوَ مُخَالف لظاهره فَإِن قَوْله الا رد الله عَليّ روحي بعد قَوْله
مَا من اُحْدُ يسلم عَليّ يَقْتَضِي رد الرّوح بعد السَّلَام وَلَا يَقْتَضِي استمرارها فِي الْجَسَد وليعلم ان رد الرّوح فِي الْبدن وعودها الى الْجَسَد بعد الْمَوْت لَا يَقْتَضِي استمرارها فِيهِ وَلَا يسْتَلْزم حَيَاة اخرى قبل يَوْم النشور نَظِير الْحَيَاة الْمَعْهُودَة بل إِعَادَة الرّوح الى الْجَسَد فِي البرزخ إِعَادَة برزخية لَا تزيل عَن الْمَيِّت اسْم الْمَوْت وَقد ثَبت فِي حَدِيث الْبَراء بن عَازِب الطَّوِيل الْمَشْهُور فِي عَذَاب الْقَبْر ونعيمه وَفِي بَيَان الْمَيِّت وحاله ان روحه تُعَاد الى جسده مَعَ الْعلم بِأَنَّهَا غير مستمرة فِيهِ وان هَذِه الاعادة لَيست مستلزمة لإِثْبَات حَيَاة مزيلة لاسم الْمَيِّت بل هِيَ نوع حَيَاة برزخية والحياة جنس تحتهَا انواع وَكَذَلِكَ الْمَوْت فإثبات بعض انواع الْمَوْت لَا يُنَافِي الْحَيَاة كَمَا فِي الحَدِيث الصَّحِيح عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَنه كَانَ إِذا اسْتَيْقَظَ من النّوم قَالَ الْحَمد لله الَّذِي أَحْيَانًا بعد مَا أماتنا واليه النشور وَتعلق الرّوح بِالْبدنِ واتصالها بِهِ يتنوع أنواعا
أَحدهَا تعلقهَا بِهِ فِي هَذَا الْعَالم يقظة ومناما
الثَّانِي تعلقهَا بِهِ فِي البرزخ والأموات متفاوتون فِي ذَلِك فَالَّذِي للرسل والانبياء أكمل مِمَّا للشهداء وَلِهَذَا لَا تبلى أَجْسَادهم وَالَّذِي للشهداء أكمل مِمَّا لغَيرهم من الْمُؤمنِينَ الَّذين لَيْسُوا بشهداء وَالثَّالِث تعلقهَا بِهِ يَوْم الْبَعْث والنشور فِي الْيَوْم الآخر ورد الرّوح الى الْبدن فِي البرزخ لَا يسْتَلْزم الْحَيَاة الْمَعْهُودَة وَمن زعم استلزمه لَهَا لزمَه ارْتِكَاب أُمُور بَاطِلَة مُخَالفَة