الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
.. كلا وَلَا التَّأْوِيل والتبديل والتحريف للوحيين بالبهتان
…
كلا وَلَا الاشكال والتشكيك وَالْوَقْف الَّذِي مَا فِيهِ من عرفان
هذي علومكم الَّتِي من أجلهَا
…
عاديتمونا يَا أولي الْعرْفَان
…
هَذِه الأبيات الَّتِي صدر بهَا النَّاظِم هَذَا الْفَصْل تشابه مَا أنْشدهُ الْحَافِظ مؤرخ الاسلام أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن أَحْمد الذَّهَبِيّ رَحمَه الله تَعَالَى
…
الْعلم قَالَ الله قَالَ رَسُوله
…
قَالَ الصَّحَابَة لَيْسَ خلف فِيهِ
مَا الْعلم نصبك للْخلاف سفاهة
…
بَين الرَّسُول وَبَين رَأْي سَفِيه
كلا وَلَا نصب الْخلاف جَهَالَة
…
بَين النُّصُوص وَبَين رَأْي فَقِيه
كلا وَلَا رد النُّصُوص تعمدا
…
حذرا من التجسيم والتشبيه
حاشا النُّصُوص من الَّذِي رميت بِهِ
…
من فرقة التعطيل والتمويه
…
قَالَ النَّاظِم رَحمَه الله تَعَالَى
فصل فِي عقد الْهُدْنَة والأمان الْوَاقِع بَين المعطلة واهل الالحاد حزب جنكسخان قَالَ فِي الْقَامُوس الْهُدْنَة بِالضَّمِّ الْمُصَالحَة كالمهادنة
…
يَا قوم صالحتم نفات الذَّات والأوصاف صلحا مُوجبا لأمان
…
وأغرتم وَهنا عَلَيْهِم غَارة
…
قعقعتم فِيهَا لَهُم بشنان
…
مَا كَانَ فِيهَا من قَتِيل مِنْهُم
…
كلا
وَلَا فِيهَا أَسِير عان
ولطفتم فِي القَوْل أوصانعتم
…
وأتيتم فِي بحثكم بدهان
وجلستم مَعَهم مجالسكم مَعَ الْأُسْتَاذ بالآداب وَالْمِيزَان
…
.. وضرعتم لِلْقَوْلِ كل ضراعة
…
حَتَّى أعاروكم سلَاح الْجَانِي
…
فغزو ثمَّ بسلاحهم لعساكر الْإِثْبَات والْآثَار وَالْقُرْآن
وَلأَجل ذَا صانعتموهم عِنْد حر بكم لَهُم باللطف والإذعان
…
وَلأَجل ذَا كُنْتُم مخانيثا لَهُم
…
لم تنفتح مِنْكُم لَهُم عينان
…
حذرا من استرجاعهم لسلاحهم فترون
…
بعد السَّلب كالنسوان
…
يَعْنِي النَّاظِم رَحمَه الله تَعَالَى أَن الْمُكَلّفين من الْجَهْمِية والمعتزلة وَمن تَبِعَهُمْ لما ابتدعوا دَلِيل الاكوان الْمَعْرُوف وقصدوا بذلك الرَّد على الفلاسفة قَالَ شيخ الاسلام وَقَالُوا إِن دين الاسلام إِنَّمَا يقوم على هَذَا الأَصْل وانه لَا يعرف ان مُحَمَّدًا رَسُول الله الا بِهَذَا الأَصْل فان معرفَة الرَّسُول متوقفة على معرفَة الْمُرْسل فَلَا بُد من إِثْبَات الْعلم الصَّانِع اولا وَمَعْرِفَة مَا يجوز عَلَيْهِ وَمَا لَا يجوز عَلَيْهِ قَالُوا وَهَذَا لَا يُمكن مَعْرفَته الا بِهَذَا الطَّرِيق وَيَقُول كثير مِنْهُم إِن هَذِه طَريقَة ابراهيم الْخَلِيل الْمَذْكُورَة فِي قَوْله لَا احب الآفلين الْأَنْعَام قَالُوا فان ابراهيم اسْتدلَّ بالأفول وَهُوَ الْحَرَكَة والانتقال على ان المتحرك لَا يكون إِلَهًا قَالُوا وَلِهَذَا يجب تَأْوِيل مَا ورد عَن الرَّسُول مُخَالفا لذَلِك عَن وصف الرب بالاتيان والمجيء وَالنُّزُول وَغير ذَلِك فَإِن كَونه نَبيا لم يعرف إِلَّا بِهَذَا الدَّلِيل الْعقلِيّ فَلَو قدح فِي ذَلِك لزم الْقدح فِي دَلِيل نبوته فَلم يعرف أَنه رَسُول الله وَهَذَا وَنَحْوه هُوَ الدَّلِيل الْعقلِيّ الَّذِي نقُول إِنَّه عَارض السّمع ونقول إِذا تعَارض السّمع وَالْعقل امْتنع تصديقهما وتكذيبهما وتصديق السّمع دون الْعقل لِأَن الْعقل هُوَ اصل السّمع فَلَو جرح أصل الشَّرْع كَانَ جرحا لَهُ وَلأَجل
هَذَا الطَّرِيق نفت الْجَهْمِية والمعتزلة الصِّفَات والرؤية وَقَالُوا الْقُرْآن مَخْلُوق ولأجلها قَالَت الْجَهْمِية بِفنَاء الْجنَّة وَالنَّار ولأجلها قَالَ العلاف بِفنَاء حركتها وَالْتزم قوم لأَجلهَا أَن كل جسم لَهُ طعم ولون وريح فَقَالَ لَهُم النَّاس أما قَوْلكُم إِن هَذِه الطَّرِيقَة هُوَ الاصل فِي معرفَة الاسلام ونبوة الرُّسُل فَهَذَا مَا يعلم فَسَاده بالإضطرار من دين الْإِسْلَام فانه من الْمَعْلُوم لكل من عرف حَال الرَّسُول واصحابه وَمَا جَاءَ بِهِ من الايمان وَالْقُرْآن أَنه لم يدع النَّاس بِهَذِهِ الطَّرِيقَة أبدا وَلَا تكلم بهَا اُحْدُ من الصَّحَابَة وَلَا التَّابِعين لَهُم باحسان فَكيف تكون هِيَ اصل الايمان وَالَّذِي جَاءَ بِالْإِيمَان وَأفضل النَّاس إِيمَانًا لم يتكلموا بهَا الْبَتَّةَ وَلَا سلكها مِنْهُم أحد وَالَّذين علمُوا ان هَذِه طَريقَة مبتدعة حزبان حزب ظنُّوا أَنَّهَا صَحِيحَة فِي نَفسهَا لَكِن أعرض السّلف عَنْهَا لطول مقدماتها وغموضها وَمَا يخَاف على سالكها من الشَّك والتطويل وَهَذَا قَول جمَاعَة كالأشعري فِي رسَالَته الى الثغر والخطابي والحليمي وَالْقَاضِي أبي يعلى وَابْن عقيل وَأبي بكر الْبَيْهَقِيّ وَغير هَؤُلَاءِ وَالثَّانِي قَول من يَقُول بل هَذِه طَريقَة بَاطِلَة فِي نَفسهَا وَلِهَذَا ذمها السّلف وَعدلُوا عَنْهَا وَهَذَا قَول ائمة السّلف كَابْن الْمُبَارك وَالشَّافِعِيّ وَاحْمَدْ بن حَنْبَل واسحاق بن رَاهْوَيْةِ وابي يُوسُف وَمَالك ابْن انس وَعبد الْعَزِيز بن الْمَاجشون وَغير هَؤُلَاءِ من السّلف وَحَفْص الْفَرد لما نَاظر الشَّافِعِي فِي مَسْأَلَة الْقُرْآن وَقَالَ الْقُرْآن مَخْلُوق وكفره الشَّافِعِي كَانَ قد ناظره بِهَذِهِ الطَّرِيقَة وَكَذَلِكَ أَبُو عِيسَى مُحَمَّد بن عِيسَى برغوث كَانَ من المناظرين للامام احْمَد فِي مسالة الْقُرْآن بِهَذِهِ الطَّرِيقَة وَقَالَ لَهُم النَّاس إِن هَذَا الاصل الَّذِي ادعيتم اثبات الصَّانِع بِهِ وانه لَا يعرف إِثْبَات خَالق للمخلوقات إِلَّا بِهِ هُوَ بعكس مَا قُلْتُمْ بل هَذَا الاصل يُنَاقض كَون الرب خَالِقًا للْعَالم وَلَا يُمكن مَعَ القَوْل بِهِ القَوْل بحدوث الْعَالم وَلَا الرَّد على
الفلاسفة فالمتكلمون الَّذين ابتدعوه وَزَعَمُوا أَنهم بِهِ نصروا الاسلام وردوا بِهِ على أعدائه كالفلاسفة لَا للاسلام نصروا وَلَا لعَدوه كسروا بل كَانَ مَا ابتدعوه مِمَّا افسدوا بِهِ حَقِيقَة الاسلام على من تَبِعَهُمْ فأفسدوا عقله وَدينه واعتدوا بِهِ على من نازعهم من الْمُسلمين وفتحوا لعدو الاسلام بَابا إِلَى مَقْصُوده فان حَقِيقَة قَوْلهم ان الرب لم يكن قَادِرًا وَلَا كَانَ الْكَلَام وَالْفِعْل مُمكنا لَهُ وَلم يزل كَذَلِك دَائِما مُدَّة اَوْ تَقْدِير مُدَّة لَا نِهَايَة لَهَا ثمَّ انه تكلم وَفعل من غير سَبَب اقْتضى ذَلِك وَجعلُوا مَفْعُوله هُوَ فعله وَجعلُوا فعله وارادته بعلة قديمَة أزلية وَالْمَفْعُول مُتَأَخِّرًا وجلوا الْقَادِر يرجح أحد مقدوريه على الآخر بِلَا مُرَجّح وكل هَذَا خلاف الْمَعْقُول الصَّرِيح وَخلاف الْكتاب السّنة وأنكروا صِفَاته ورؤيته وَقَالُوا ورؤيته وَقَالُوا كَلَامه مَخْلُوق وَهُوَ خلاف دين الاسلام وَالَّذين اتَّبَعُوهُمْ وأثبتوا الصِّفَات قَالُوا يُرِيد جَمِيع المرادات بارادة وَاحِدَة وكل كَلَام تكلم بِهِ أَو يتَكَلَّم بِهِ انما هُوَ شَيْء وَاحِد لَا يَتَعَدَّد وَلَا يَتَبَعَّض واذا رُؤِيَ رُؤِيَ لَا بمواجهة وَلَا مُعَاينَة وَإنَّهُ لم يسمع وَلم يرى الاشياء حَتَّى وجدت لم يقم بِهِ انه مَوْجُود بل حَاله قبل ان يسمع ويبصر كحاله بعد ذَلِك الى امثال هَذِه الْأَقْوَال الَّتِي تخَالف الْمَعْقُول الصَّرِيح وَالْمَنْقُول الصَّحِيح ثمَّ لما رَأَتْ الفلاسفة ان هَذَا مبلغ علم هَؤُلَاءِ وان هَذَا هُوَ الاسلام الَّذِي عَلَيْهِ هَؤُلَاءِ علمُوا فَسَاد هَذَا أظهرُوا قَوْلهم بقدم الْعَالم وَاحْتَجُّوا بِأَن تجدّد الْفِعْل بعد ان لم يكن مُمْتَنع بل لَا بُد لكل متجدد من سَبَب حَادث فَيكون الْفِعْل دَائِما ثمَّ ادعوا دَعْوَى كَاذِبَة لم يحسن أُولَئِكَ أَن يبينوا فَسَادهَا وَهُوَ أَنه إِذا كَانَ الْفِعْل دَائِما لزم قدم الأفلاك والعناصر ثمَّ لما أَرَادوا تَقْرِير النُّبُوَّة جعلوها فيضا يفيص على نفس النَّبِي من الْعقل الفعال أَو غَيره من غير ان يكون رب الْعَالمين يعلم
لَهُ رَسُولا معينا وَلَا يُمَيّز بَين مُوسَى وَعِيسَى وَمُحَمّد صلوَات الله وَسَلَامه عَلَيْهِم أَجْمَعِينَ وَلَا يعلم الجزئيات وَلَا نزل من عِنْده ملك بل جِبْرِيل هُوَ خيال يتخيل فِي نفس النَّبِي وَهُوَ الْعقل الفعال وأنكروا ان تكون السَّمَاوَات تَنْشَق وتنفطر وَغير ذَلِك مِمَّا اخبر بِهِ الرَّسُول صلى الله عليه وسلم وَزَعَمُوا ان مَا جَاءَ بِهِ الرَّسُول صلى الله عليه وسلم إِنَّمَا أَرَادَ بِهِ خطاب الْجُمْهُور بِمَا يخيل اليهم بِمَا يَنْتَفِعُونَ اليه من غير ان يكون الامر فِي نَفسه كَذَلِك وَمن غير ان تكون الرُّسُل بيّنت الْحَقَائِق وَعلمت النَّاس مَا الامر عَلَيْهِ ثمَّ مِنْهُم من يفضل الفيلسوف على النَّبِي وَحَقِيقَة قَوْلهم ان الانبياء كذبُوا للْمصْلحَة لما ادعوهُ من نفع النَّاس وَهل كَانُوا جهلاء على قَوْلَيْنِ لَهُم إِلَى غير ذَلِك من انواع الالحاد وَالْكفْر الصَّرِيح وَالْكذب على النَّبِي صلى الله عليه وسلم وعَلى الانبياء صلوَات الله وَسَلَامه عَلَيْهِم أَجْمَعِينَ إِلَى آخر مَا ذكره رَحمَه الله تَعَالَى وَقَول شيخ الاسلام إِنَّهُم يَعْنِي الْمُتَكَلِّمين لَا للاسلام نصروا وَلَا لعَدوه كسروا هُوَ معنى قَول النَّاظِم وأغرتم وَهنا عَلَيْهِم غَارة الخ
قَوْله ولطفتم فِي القَوْل أَو صانعتم يَعْنِي أَنكُمْ لضعف دليلكم صانعتم الفلاسفة وتلطفتم بِالرَّدِّ عَلَيْهِم لِأَن بعض الْمُتَكَلِّمين يصرحون بتكافيء الْأَدِلَّة كَمَا قَالَ الامام شيخ الاسلام ابو اسماعيل عبد الله بن مُحَمَّد الانصاري فِي كتاب ذمّ الْكَلَام قَالَ وَقد سَمِعت مُحَمَّد بن زيد الْعمريّ النسابة اُخْبُرْنَا الْمعَافى سَمِعت ابا الْفضل الْحَارِثِيّ القَاضِي بسرخس يَقُول سَمِعت زَاهِر بن احْمَد يَقُول اشْهَدْ لمات فلَان متحيرا لسَبَب مَسْأَلَة تكافيء الْأَدِلَّة وَذكر إِمَامًا من أَئِمَّة الْمُتَكَلِّمين وَنقل شيخ الاسلام ابْن تَيْمِية فِي كتاب الْعقل وَالنَّقْل قَالَ وَقد بَلغنِي باسناد مُتَّصِل عَن بعض رؤوسهم وَهُوَ عِنْد كثير مِنْهُم غَايَة فِي هَذَا الْفَنّ انه قَالَ عِنْد الْمَوْت أَمُوت وَمَا علمت شَيْئا الا ان الْمُمكن يفْتَقر الى الْوَاجِب