الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَالَ النَّاظِم رَحمَه الله تَعَالَى
…
يَا شَاهدا بالزور وَيحك لم تخف
…
يَوْم الشَّهَادَة سطوة الديَّان
يَا قَائِل الْبُهْتَان غط لوازما
…
قد قلت ملزوماتها بِلِسَان
وَالله لازمها انْتِفَاء الذَّات والأوصاف وَالْأَفْعَال للرحمن
…
وَالله لازمها انْتِفَاء الدّين وَال قُرْآن والاسلام والايمان
وَلُزُوم ذَلِك بَين جدا لمن
…
كَانَت لَهُ أذنان واعيتان
وَالله لَوْلَا ضيق هَذَا النّظم بيّنت اللُّزُوم بأوضح التِّبْيَان
…
وَلَقَد تقدم مِنْهُ مَا يَكْفِي لمن
…
كَانَت لَهُ عينان ناظرتان
…
إِن الذكي بِبَعْض ذَلِك يَكْتَفِي
…
وأخو البلادة سَاكن الجبان
…
شرع النَّاظِم فِي بَيَان اللوازم الَّتِي تلْزم المعطلة وَيلْزم مِنْهَا انْتِفَاء ذَاته تَعَالَى وَصِفَاته وأفعاله بل يلْزم مِنْهَا انْتِفَاء الدّين والاسلام وَالْقُرْآن وَقد تقدم مَا يعرف من ذَلِك فِي غُضُون هَذَا النّظم
قَوْله سَاكن الجبان الجبان والجبانه مشددتين الْمقْبرَة والصحراء قَالَه فِي الْقَامُوس
قَالَ النَّاظِم
…
يَا قَومنَا اعتبروا بِجَهْل شيوخكم
…
بحقائق الايمان وَالْقُرْآن
أَو مَا سَمِعْتُمْ قَول أفضل وقته
…
فِيكُم مقَالَة جَاهِل فتان
إِن السَّمَاوَات العلى وَالْأَرْض قبل الْعَرْش بالاجماع مخلوقان
…
وَالله مَا هذي مقَالَة عَالم
…
فضلا عَن الاجماع كل زمَان
…
.. من قَالَ قد خَالف الاجماع وَالْخَبَر الصَّحِيح وَظَاهر الْقُرْآن
فَانْظُر الى مَا جَرّه تَأْوِيل لفظ الإستواء بِظَاهِر الْبطلَان
…
زعم الْمُعَطل ان تاويل اسْتَوَى
…
بالخلق والاقبال وضع لِسَان
…
كذب الْمُعَطل لَيْسَ ذَا لُغَة الألى
…
قد خوطبوا بِالْوَحْي وَالْقُرْآن
فأصاره هَذَا إِلَى أَن قَالَ خلق الْعَرْش بعد جَمِيع ذِي الاكوان
…
يهنيه تَكْذِيب الرَّسُول لَهُ وَإِجْمَاع الهداة ومحكم الْفرْقَان
…
لم أَقف على تعْيين قَائِل هَذَا القَوْل وَمعنى ذَلِك ان هَذَا الْقَائِل الْجَاهِل زعم ان السَّمَاوَات والارض مخلوقان قبل الْعَرْش بالاجماع واعجب لهَذَا الْجَهْل الْعَظِيم وَمُخَالفَة الاجماع وَالْخَبَر الصَّحِيح وَظَاهر الْقُرْآن وَذَلِكَ ان للسلف قَوْلَيْنِ فِي أول الْمَخْلُوقَات مَا هُوَ أَحدهمَا أَن الْعَرْش اول الْمَخْلُوقَات وَالثَّانِي ان الْقَلَم هُوَ أول الْمَخْلُوقَات فَكَانَ فِي هَذَا إِجْمَاع السّلف على ان الْمَخْلُوقَات الْعَرْش اَوْ الْقَلَم وَهَذَا الْجَاهِل زعم ان السَّمَاوَات والارض مخلوقان قبل الْعَرْش فخرق الاجماع وَالْخَبَر الصَّحِيح الَّذِي أَشَارَ اليه هُوَ مَا رَوَاهُ مُسلم فِي صَحِيحه عَن عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ مَرْفُوعا قَالَ كتب الله مقادير الْخَلَائق قبل أَن يخلق السَّمَاوَات والارض بِخَمْسِينَ ألف سنة وَكَانَ عَرْشه على المَاء
وَقَول النَّاظِم زعم المعطلة أَن تَأْوِيل اسْتَوَى بالخلق والاقبال أَي إِن الْمُعَطل زعم أَن تَفْسِير الاسْتوَاء بالاقبال يتَضَمَّن أَن الارض وَالسَّمَاوَات مخلوقان قبل الْعَرْش وَهَذَا غَايَة الْجَهْل
قَوْله قَول الْمُعَطل إِن تَأْوِيل اسْتَوَى بالخلق والاقبال وضع لِسَان أَي
زعم أَن تَأْوِيل الاسْتوَاء بقَوْلهمْ اقبل على خلق السَّمَاء هُوَ الْمَعْرُوف فِي لُغَة الْعَرَب وَلَيْسَ كَذَلِك واذا كَانَ الْعَرْش مخلوقا قبل خلق السَّمَاوَات والارض فَكيف يكون استواؤه عمده الى خلقه لَهُ لَو كَانَ هَذَا يعرف فِي اللُّغَة ان الاسْتوَاء على كَذَا بِمَعْنى أَنه عمد الى فعله وَهَذَا لَا يعرف قطّ فِي اللُّغَة لَا حَقِيقَة وَلَا مجَازًا لَا فِي نظم وَلَا نثر وَمن قَالَ اسْتَوَى بِمَعْنى عمد ذكره فِي قَوْله {ثمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء وَهِي دُخان} فصلت لِأَنَّهُ عدى بِحرف الْغَايَة كَمَا يُقَال عَمَدت الى كَذَا وَلَا قصدت عَلَيْهِ مَعَ ان مَا ذكر فِي تِلْكَ الْآيَة لَا يعرف فِي اللُّغَة أَيْضا وَلَا هُوَ قَول اُحْدُ من مفسري السّلف بل الْمُفَسِّرُونَ من السّلف قَوْلهم بِخِلَاف ذَلِك وانما هَذَا القَوْل وَأَمْثَاله ابتدع فِي الاسلام لما ظهر إِنْكَار أَفعَال الرب الَّتِي تقوم بِهِ ويفعلها بمشيئتة وَقدرته واختياره فَحِينَئِذٍ صَار يُفَسر الْقُرْآن من يفسره بِمَا يُنَافِي ذَلِك كَمَا يُفَسر سَائِر اهل الْبدع الْقُرْآن على مَا يُوَافق أقاويلهم وَأما أَن ينْقل هَذَا التَّفْسِير عَن اُحْدُ من السّلف فَلَا بل أَقْوَال السّلف الثَّانِيَة عَنْهُم متفقة فِي هَذَا الْبَاب لَا يعرف لَهُم فِيهِ قَولَانِ كَمَا قد يَخْتَلِفُونَ أَحْيَانًا فِي بعض الْآيَات وان اخْتلفت عباراتهم فمقصودهم وَاحِد وَهُوَ اثبات علو الله على الْعَرْش ثمَّ قَالَ النَّاظِم على سَبِيل التهكم يهنيه تَكْذِيب الرَّسُول لَهُ واجماع الهداة ومحكم الْفرْقَان